غزة | لا يجدُ عبدالله أبو حليمة ما يُسعفه من كلمات للتعبير عمَّا يشعر به وهو يتفقّد مشروع عمْره المدمَّر. يقف الرجل على ما تبقّى من مزرعته المائية التي تعمل بنظام "الهيدروبونك"، وقد أحسَّ أنه فقد بعضاً من روحه. "هو حلمٌ عشته طويلاً،" يقول أبو حليمة. ويضيف، في حديث إلى "الأخبار"، "عملتُ على هذا المشروع لسنوات، وهو نتاج لتجاربنا كعائلةٍ عَمِلَتْ في مجال الزراعة لمدة 25 عاماً.

بدأتُ في القراءة عنه في المواقع المختصّة عبر الإنترنت، ثم تواصلت مع مزارعين في الصين وهولندا. وبعدها بحثتُ عمَّن يعطي دورات علمية في غزة. وبعد سنوات طويلة من البحث والتجربة والخطأ، نضج المشروع".
[اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
الزراعة بنظام "الهيدروبونك"، أو الزراعة المائية، هي أسلوب علمي حداثي في زراعة الأشتال في المياه مباشرة، دون وسيط من التربة. ويلجأ المزارعون إلى هذا النوع من الزراعة لتفادي الآفات والأمراض التي تحملها التربة للنباتات في المقام الأوّل. أمّا في غزة، فقد بدأ التوجُّه، خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلى هذا النوع من الزراعة، في ضوء تقلُّص مساحة الأراضي الزراعية الذي تسبَّب فيه التوسُّع العمراني المتزايد، فضلاً عن النقص الحادّ في مياه الريّ، إذ لا يتطلّب هذا النوع من الزراعة سوى كمية محدودة من المياه، يجري سكبها في أحواض يتم تحريكها وضخّ الهواء فيها عبر أجهزة خاصّة.
تقدِّر وزارة الزراعة في غزة قيمة الأضرار والخسائر في القطاع الزراعي بـ204 ملايين دولار


ويمتدّ مشروع أبو حليمة، الذي بلغت تكلفته حوالى 120 ألف دولار، على مساحة 3700 متر، وهو يوفّر كثافة زراعية، وناتجاً من المحصول يحتاج إلى ثلاثة أضعاف هذه المساحة في الزراعة التقليدية. يقول الرجل، وهو خرّيج قسم نُظم المعلومات الجغرافية: "كان المشروع الذي يعيل 11 عائلة قبل تدميره، بدأ بتحقيق مدخول يمكن الاعتماد عليه، وقد قمنا بتطويره على نحو مغاير للمعهود، بعدما تمكنّا من زراعة أصناف جديدة". وبحسب أبو حليمة، فإن القصف الإسرائيلي أتى على 80% من مشروعه، الذي تتطلّب إعادة بنائه توفير أجهزة ضخّ الهواء التي يصعب الحصول عليها بسبب ظروف المعابر، فضلاً عن الحاجة إلى إعادة تأهيل بيئة العمل من جديد.


أمّا عن دور الجهات المانحة والمؤسسات الحكومية، فيقول أبو حليمة: "في كل عدوان، يتعرّض القطاع الزراعي لعدوان مماثل. تعرّضنا في أعوام 2000 و2006 و2009 و2014 لأضرار جسيمة. وفي كلّ مرّة يجري حصر الأضرار وأرشفتها من دون أن يتمّ تعويضنا على نحو حقيقي". ويشرح الرجل أن"ما توفّره الجهات المانحة هو مساعدات عينية لا نكون في العادة بحاجة إليها، ونتلقّى وعوداً سنوية بالحصول على التعويضات، لكن دون أن يتحقَّق أيٌّ منها". وتقدِّر وزارة الزراعة في غزة قيمة الأضرار والخسائر في القطاع الزراعي بـ204 ملايين دولار، غير أنها نوّهت بأن الأرقام التي تمّ رصدها في ارتفاع مستمرّ.