تستمر المقاومة الفلسطينية في رسم المعادلات في معركتها الحالية ضد العدو الإسرائيلي. بالصواريخ والنار أقرت المقاومة معادلة قصف الأبراج يقابلها قصف مدينة تل أبيب، وقصف البيوت الآمنة يقابلها قصف بئر السبع وعسقلان وأسدود. هذه الصواريخ لم تعُد عشوائية وأغلبها أصبحت موجّهة باتجاه أهداف محددة، مثل مطار بن غوريون في اللد، وميناء أسدود، والقواعد العسكرية في بئر السبع.
في المقابل، فإن غارات القصف العشوائي التي استهدفت مناطق عدة في قطاع غزة، فجر أمس، على عدة منازل في حي الوحدة في مدينة غزة، أسفرت عن استشهاد ما يقرب من 37 شهيداً من بينهم 13 امرأة و8 أطفال، ولا تزال عملية البحث عن ناجين مستمرة.

وفي تطور جديد، استخدم العدو أمس في قصفه على غزة صواريخ موجهة أطلقها من شرق القطاع إلى وسطه، وبذلك يكون استخدم أغلب ما في ترسانته ضد أبناء قطاع غزة. لكن وبرغم من كل الدمار والموت، لا تزال غزة مستمرة في تلقين العدو درساً لن ينساه قريباً، إذ فرض قائد العام لكتائب القسام محمد الضيف على سكان تل أبيب حظر تجول، وحدد الساعة التي ستقصف فيها المدينة وشاهد العالم على البث المباشر كيف حاولت صواريخ القبة الحديدية اعتراض الصواريخ.

مع مرور الوقت، تُدخل المقاومة إلى ساحة المعركة أسلحة جديدة، فبحسب وسائل إعلام إسرائيلية استهدفت المقاومة بغواصات مسيرة منصة النفط المقابلة لمدينة غزة، وهو ما كان شقيق الشهيد القسامي التونسي محمد الزواري، يعمل على تطويره، عقب استشهاد شقيقه.


(أ ف ب)



192 شهيداً
ميدانياً، يواصل جيش العدو الإسرائيلي، مع دخول عدوانه على قطاع غزة، يومه السابع، استهداف الأحياء السكنية، من الجو عبر مقاتلاته ومُسيّراته، والبحر عبر زوارقه الحربية، والبر من خلال مدفعيته، المتمركز على الحدود مع غزة.

وكان عدد الشهداء، قد ارتفع، اليوم، إلى 192 شهيداً، بينهم 58 طفلاً و34 امرأة، وفق بيان لوزارة الصحة، أشارت فيه، أيضاً، إلى ارتفاع عدد الإصابات، إلى 1235 شخصاً. كذلك، ارتفع عدد النازحين، بسبب تدمّر بيوتهم، إلى أكثر من 40 ألف شخص، وفق وزارة الصحة، أيضاً.


(أ ف ب)


ويحاول العدو تبرير قتله المدنيين، من خلال حملة دعائية يرمي عبرها إلى إلقاء اللّوم على المقاومة الفلسطينية. ففي بيان لجيشه، زعم العدو، ومن دون تقديم أي دليل يُعتدّ به، أن سبب «انهيار منازل مدنية»، في غزة، اليوم، هو استهداف طائراته لـ«منشأة عسكرية مُقامة تحت الأرض».

وكانت «قيادة الحرب» الإسرائيلية قد عقدت، اليوم، اجتماعاً لمتابعة تطورات المعركة، أعلن، في ختامه، رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو أن العدوان على غزة «سيستغرق وقتاً». أما وزير الحرب، بيني غانتس، فتكفّل بتحديد الهدف من العملية العسكرية، إذ أشار إلى أنه يتمثّل «في استعادة الهدوء على المدى الطويل، وتقوية القوى المعتدلة في المنطقة، وحرمان حماس من قدراتها الاستراتيجية».

وعلى الرّغم من كثافة الغارات، التي يدّعي العدو أنها تستهدف مواقع عسكرية، لم تتوقف صواريخ المقاومة الفلسطينية عن الانهمار فوق المدن والبلدات المحتلة. وفي هذا السياق، اعترف العدو بسقوط قرابة 3 آلاف صاروخ على المستوطنات الصهيونية منذ بداية العدوان على غزة، الاثنين الماضي. ووفق قائد «قيادة الجبهة الداخلية»، أوري جوردين، تجازوت وتيرة إطلاق النار، تلك التي شهدها التصعيد العسكري، في عام 2019، والعدوان على لبنان، في عام 2006.

وكانت المقاومة قد أعلنت، اليوم، أنها قصفت مستوطنات «نتيفوت» و«نير عوز» و«يا مردخاي»، ومواقع «كرم أبو سالم» و«صوفا» و«ناحل عوز». كذلك، أعلنت المقاومة أنها قصفت بـ«رشقاتٍ صاروخية كبيرة» أسدود وعسقلان وبئر السبع و«سديروت». ووفق المقاومة، أيضاً، جرى استهداف قواعد «رعيم» و«8200» و«حتسور» و«تسليم».

ولم تنحصر أهداف المقاومة بالبر، فقط، إذ كشف العدو، اليوم، بعدما سمحت الرقابة العسكرية بذلك، أن «كتائب القسام» حاولت استهداف منشأة «تمار» الخاصة باستخراج الغاز من البحر، التي تقع قبالة عسقلان، على بعد 20 كيلومتراً من غزة، بالصواريخ، دون أن تُصبيها، وفق ادعائه، مشيراً إلى أن الاستهداف تسبب بوقف العمل فيها.

وفي هذا الإطار، أفادت قناة «كان» الإسرائيلية، بأن «كتائب القسام» تملك غواصات قادرة على حمل 50 كيلوغراماً من المتفجرات.

الشيخ جراح في الواجهة
كان من أبرز ما شهدته الأراضي المحتلة اليوم، عملية الدهس التي طاولت شرطة العدو في حي الشيخ جراح، وأسفرت عن إصابة 7 منهم، فيما استشهد منفّذ العملية برصاص الشرطة الإسرائيلية. وفي هذا الإطار، قالت وسائل إعلام عبرية إن حالة اثنين من المصابين بالعملية وُصِفت بالخطيرة.

ولا تزال المواجهات مستمرة مع العدو الإسرائيلي على نقاط التماس كافة، لا سيّما في باب الزاوية في الخليل وسط مدينة الخليل حيث أصيب شابان، أحدهما بالرصاص الحي والآخر بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق بالغاز.



أما بلدة بيت أمر، شمال الخليل، فشهدت أيضاً مواجهات عنيفة، أطلقت خلالها قوات العدو الرصاص وقنابل الصوت والغاز، ما أدى إلى إصابة العشرات بحالات اختناق تمّ علاجها ميدانياً.

وفي جنوب نابلس، لا تزال المواجهات مستمرة. وقد أصيب شابان، في وقت سابق، في مواجهات على حاجز حوارة. وتشهد قريتا صرة، غرب نابلس، ودير شرف، شمال غربها، مواجهات متواصلة.

أما في جنين، تستمر المواجهات في قرية طورة الواقعة في جنوب المدينة.

ويشهد كذلك الأمر، المدخل الشمالي لمدينة قلقيلية، مواجهات متقطعة، بالإضافة إلى بوابة قرية حبلة، جنوب المدينة.

ويشهد مخيم عايدة الذي يقع شمال بيت لحم، مواجهات مستمرة، كان أصيب فيها عدد من الفلسطينيين، بالاختناق بالغاز السام والمسيل للدموع، كما في المدخل الشمالي لبيت لحم.


(أ ف ب)


وقد اندلعت مواجهات عند منطقة المفتاح على المدخل الشرقي، أطلق جنود الاحتلال خلالها قنابل الغاز والصوت ما أدى إلى إصابات بالاختناق عولجت ميدانياً.

وتتواصل المواجهات في بلدة سلواد، شمال رام الله، وبلدة بدرس، غرب المدينة.

وقالت وزارة الصحة إن 6 إصابات وصلت إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، ومستشفى رفيديا الحكومي بنابلس، عقب مواجهات مع قوات الاحتلال.

وكان أصيب عدد من الفلسطينيين، اليوم، جراء المواجهات العنيفة التي اندلعت بين المواطنين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق مختلفة من الضفة الغربية والقدس، لا سيّما في منطقة باب الزاوية.

وكان أوج المواجهات اندلع، فجر اليوم، عندما اشتبكت مجموعة من المقاومة مع الجنود الموجودين على حاجز قلنديا غرب القدس.

كما شهدت مدن الداخل الفلسطيني اشتباكات مباشرة مع شرطة الاحتلال خاصة في أم الفحم في الشمال الفلسطيني حيث هتف الفلسطينيون خلال المواجهات: «قولوا لكلاب الشاباك جاي جاي الاشتباك».

وزعمت شرطة العدو أنه تم إلقاء القبض على أحد سكان أم الفحم بشبهة إضرام النار في مكاتب الشرطة البلدية وفي مركبة أخرى في المدينة.

وتشهد يافا احتجاجات متواصلة تنديداً باعتداءات المستوطنين التي كان آخرها جريمة حرق منزل عائلة جنتازي، إثر حملة ممنهجة ألقى خلالها المستوطنون الزجاجات الحارقة على البيوت في حي العجمي، وأسفرت عن إصابة طفلين أحدهما بحالة خطيرة، وهما يخضعان لتلقي العلاج في المستشفى.




ويُذكر أن شرطة العدو شرعت باستخدام طائرات مُسيرّة في مدينة يافا، لتتبع حركة الفلسطينيين المنتفضين واعتقالهم.

أما منطقة اللد، لا يزال الحصار فيها مطبقاً من قبل شرطة العدو، التي فرضت حظراً للتجول. وفي هذا السياق، أرسل أهالي من مدينة يافا أطناناً من الخضار والفواكه والمواد الغذائية الأساسية لتوزيعها على العائلات في المدينة.

وشهدت منطقة الرملة هجوماً من قبل المستوطنين على سيارات تابعة لفلسطينيين.



وفي حيفا، كانت المحكمة التابعة للعدو أجرت حملة اعتقالات واسعة، طالت عدداً من الفلسطينيين، ومن ضمنهم سهير بدارنة، التي أُفرج عنها لاحقاً.

مفاوضات قريبة؟
توازياً مع ما تشهده الأرض المحتلة، تواصل مصر اتصالاتها المكثفة، عبر وفود أمنية وسياسية، تركز على الوصول لإنهاء التصعيد «الخطير الحالي في أسرع وقت ممكن».

تأمل مصر في التوصل لوقف إطلاق نار بشكل مبدئي لوقف سقوط الضحايا والحيلولة دون تدمير البنية التحتية في غزة مع استمرار العمل على النقاط الخلافية الكثيرة الأخرى بعدها. ونقلت وسائل إعلام مصرية عن مصادر مطّلعة قولها إن الجهود المصرية قد تفضي إلى محادثات خلال الأيام القليلة المقبلة، بدورها تقود إلى وقف إطلاق النار.

وهو ما تردد صداه عبر تقارير نشرتها وسائل إعلام أميركية نقلاً عن مصادر إسرائيلية، تتحدث عن احتمال انطلاق المحادثات للتهدئة خلال الأيام القليلة المقبلة.


(أ ف ب)


وأبدت الفصائل الفلسطينية تعاوناً مع الجهود التي تبذلها مصر بالتنسيق مع عواصم أخرى أهمها عمّان والدوحة، كما أكد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» بالخارج، على شراكة الحركة مع الجانب المصري للوصول إلى «حلّ سياسي».

من جانبه، وافق المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر في اجتماعه قبل قليل على استمرار العمليات العسكرية ضد غزة، رغم رغبة بعض أعضاء المجلس في إنهاء العمليات والتفاوض على وقف لإطلاق النار عبر مصر، بحسب ما زعمته أوساط صحافية إسرائيلية.

وبينما يُظهر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن بيني غانتس، عزمهما مواصلة العدوان على غزة، قال مسؤولون كبار في وزارة الأمن والجيش في محادثات، نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، إن من الصواب السعي الآن لإنهاء العملية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

كما أكد بعض المسؤولين الإسرائيليين، لوسائل إعلام عبرية، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تحث إسرائيل بشكل متزايد على التفكير في إنهاء العملية العسكرية.