فيما كانت آمال كيان العدو تصبو إلى اقتحام حي الشيخ جراح وتهجير أهله الفلسطينيين لصالح المستعمرين، تحت شعار «توحيد القدس» في محاولة لتنفيذ خطته التوسعية في المدينة، لم يكُن في حسبان العدو أن خطوة الاقتحام تلك ستكون شرارة توحيد الشعب الفلسطيني.
وعلى الرغم من خذلان بعض المواقف الفلسطينية لعدم إبداء أي موقف مدرك لأرضية واقع الانتفاضة التي طالت عمق الداخل الفلسطيني المحتل، وحطّمت أسوار العدو في انتفاضة شعبية شاملة، جاءت تصريحات العدو لتعترف بالهزيمة تلو الأخرى على مدى اليومين الماضيين.

في هذا السياق، قال المفتش العام لشرطة العدو، يعقوب شبتاي، إن «الأوضاع التي نشهدها لم نشهد مثيلاً لها حتى في تشرين الأول عام 2000»، أي في الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وفيما توسّعت رقعة الاشتباك مع الصهاينة، أمس، في الداخل الفلسطيني المحتل، ووسط الدعوات الموجّهة لفلسطينيي الضفة إلى الانتفاض، تخوّف كيان العدو من أن تتوسّع مواجهات الضفة، وهو ما دفعهم إلى شن حملة اعتقالات واسعة، اليوم، شملت 45 شخصاً، أغلبهم أسرى محررون.

وقد شملت حملة الاعتقالات هذه كل محافظات الضفة (نابلس وقلقيلية وطولكرم وجنين والخليل وبيت لحم وطوباس وسلفيت وأريحا والقدس)، ما عدا محافظتي رام الله والبيرة.

ولم تحقق حملة الاعتقال هذه مرادها بترهيب فلسطينيي الضفة، ولا سيّما الخليل حيث اندلعت منذ بعض الوقت مواجهات بين الفلسطينيين وقوات العدو المحتلة.

أمّا في الداخل الفلسطيني المحتل، وعقب ما شهدته مدينة اللد، أمس، من مواجهات شديدة وإطلاق نار من قبل المنتفضين، وفرار المستوطنين، التي صرّح إزاءها العدو عن «فقدان السيطرة»، تمّ اليوم إعلان «حالة الطوارئ» المترافق مع منع التجوال، إضافة إلى استقدام ما يقارب 500 من الجنود المحتلين إلى المدينة.

وعطفاً على ذلك، تم تحشيد المستعمرين المدججين بالسلاح، وبحماية قوات العدو التي قامت باستعراض في شوارع المدينة في محاولة لبث الذعر في صفوف الفلسطينيين المنتفضين. ومنذ ذلك الحين، تشهد المدينة مواجهات بين الطرفين، ويتعرّض المنتفضون لأقصى الانتهاكات، في محاولة لترهيبهم والسيطرة على المدينة مجدداً.

وامتد اشتباك الفلسطينيين مع شرطة العدو والمستوطنين، إلى مدن عكا وحيفا ويافا، حيث شن الإسرائيليون حملة مسعورة للانتقام من أصحاب الأرض المنتفضين، وسط تعتيم إعلامي على الاعتداءات التي يمارسها هؤلاء.

فاعتدى الصهاينة على عدد من الفلسطينيين، ودمّروا سياراتهم وبعض محالّهم؛ ومنعوا تظاهرات كانت مقررة في بعض المدن، وخاصة في يافا.

وبالتوازي مع ذلك، تشهد أم الفحم مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات العدو على مدخل المدينة، حيث تستخدم قوات العدو قنابل الصوت والغاز المسيّل للدموع. وفي وقت سابق، تصدّى الفلسطينيون لمحاولة مستوطن إزالة علم فلسطيني من بين الأعلام التي تمّ رفعها أمس على أعمدة أم الفحم وغيرها من المدن عقب المواجهات التي أسفرت عن حرق مركزين تابعين لشرطة العدو، أحدهما في أم الفحم والآخر في طوبا الزنغرية قرب طبريا.