منذ آب/ أغسطس 2019، أشعلت عملية «عين بوبين» الضوء الأحمر أمام المخابرات الإسرائيلية، فاتحة كلّ العيون على «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، لتبدأ أوسع ملاحقة إسرائيلية متدرّجة لها، ما بين اعتقالات وقرارات حظر للذراع الطلابية التابعة للجبهة، إضافة إلى اقتحام مؤسّسات وجمعيات ومراكز. وعلى رغم مرور نحو عامين على العملية، يواصل العدو «الضربات الاستباقية» وملاحقة ناشطي «الشعبية»، وفي أحيانٍ كثيرة بالتعاون مع أمن السلطة الفلسطينية. بداية، استهلّ جيش العدو حملة الملاحقة باعتقال نحو خمسين ناشطاً بينهم قياديون (29/9/2019)، في أعقاب الكشف عن تفاصيل العملية. وشملت الحملة آنذاك معظم محافظات الضفة، فيما ركّز الاحتلال على الذراع الطلابية في جامعات الضفة وخاصة بيرزيت، وهذا يعود إلى وجود الثقل الأكبر للتنظيم فيها، بخلاف جامعات الضفة الأخرى.تكشف مصادر في «الجبهة الشعبية» أن العدو اكتشف، بعد فكّ لغز «عين بوبين»، وجود عمليات إطلاق نار سابقة للخلية المنفّذة نفسها، كما استطاع كشف خلايا أخرى ومجموعة أسلحة، ليبدأ الشعور بوجود خطر جدّي، وأن المشهد ليس خلية منظّمة واحدة نفّذت عملية وانتهى الأمر. مع ذلك، لم تكن حملات الاعتقال الأسلوب الوحيد الذي اتّبعه العدو بحق «الشعبية»، بل قرّر تصنيف الذراع الطلابية لها في بيرزيت «منظّمة إرهابية» (21/10/2020)، فيما حذرت المخابرات الإسرائيلية كلّ الطلبة من العمل مع «الشعبية»، ثمّ طاولت الملاحقة مؤسّسات مجتمعية ومراكز أهلية تشرف عليها قيادات في الجبهة، لكنها تتلقّى تمويلاً أوروبياً، وهي مؤسّسات غير سياسية وشبابية وزراعية وصحّية، مثل: اتحاد لجان العمل الزراعي، ومؤسسة الضمير، واتحاد لجان العمل الصحي.
تقول المصادر إن معظم الخلايا التي تتبع «الشعبية» وكشَفها العدو منذ 2010 حتى الآن، كانت تضمّ طلبة في الجامعات، وهذا ما يفسّر الإصرار الإسرائيلي على «توجيه ضربات اعتقالية واستباقية» لطلبة الجبهة، وإصدار قرار بحظر «القطب الطلابي الديموقراطي التقدمي». هكذا، باتت الجامعات هدفاً خاصاً لجهاز «الشاباك». وما يزيد التركيز على بيرزيت أنها الجامعة الوحيدة التي تشهد انتخابات مجلس طلبة دورياً، وأنها أيضاً لا تزال تعمل فيها كلّ الفصائل الوطنية والإسلامية من دون استثناء، ما أهّلها لتكون بيئة خصبة لمواجهة العدو ومقاومته، سواءً عبر مشاركة الطلبة في خلايا مسلّحة، أم حتى من خلال تنظيم تظاهرات ومواجهات على نقاط التماس، وخاصة في محيط مستوطنة «بيت إيل» قرب المدخل الشمالي للبيرة.
في الوقت نفسه، وبعد «عين بوبين»، لم يعد بإمكان أجهزة أمن السلطة غضّ الطرف عن «الشعبية» بحكم أنها فصيل منضوٍ في إطار «منظمة التحرير»، ليخضع كوادر الجبهة ومناصروها لمراقبة أشدّ صرامة، كبقية فصائل المقاومة مثل «حماس» و«الجهاد الإسلامي». وسبق أن كشف قيادي في «الشعبية»، في حديث إلى «الأخبار»، عن إنشاء مخابرات السلطة غرفة عمليات مشتركة مع «الشاباك» لمراقبة ناشطي الجبهة وملاحقتهم وتبادل المعلومات بين الطرفين، ولمنع تشكيل خلايا مقاومة وعمليات مستقبلية، وهو ما أثار ردّ فعل كبيراً. مع ذلك، وعلى رغم مرور نحو عامين على الملاحقة المكثّفة والضربات المتتالية، لا يزال «الرفاق» في «الشعبية» ينظّمون الفعاليات المختلفة في رام الله ومدن أخرى، ويشاركون في فعاليات مع حراكات وقوى شعبية أخرى، آخرها وقفة قبل نحو أسبوع ضدّ تأجيل الانتخابات، إضافة إلى مسيرات حاشدة أمس دعماً للقدس وأهالي حيّ الشيخ جرّاح.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا