غزة | لم يتأخّر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في إعلانه المتوقّع تأجيل الانتخابات التشريعية بين التصريح والتلميح، على رغم إصرار الفصائل كافة، عدا «فتح»، على إجرائها، وعلى رغم التمنّي الأوروبي أيضاً بتأجيل إعلان هذا التوجّه. جاء ذلك خلال اجتماع «اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير» مساء أمس، والذي غابت عنه الفصائل الكبرى بصفتها تُمثّل أكثر من 70% من الشعب بحسب استطلاعات الانتخابات، كـ«حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية» وجناحَين من «فتح» والمستقلّين، فيما تضمّن الإعلان شرحاً مسبقاً لتفاصيل الاتصالات التي أجرتها السلطة مع الأوروبيين والولايات المتحدة خلال الأسابيع الماضية، لدفع الاحتلال إلى السماح بإجراء الانتخابات في القدس المحتلة.عباس شرح أن «أوروبا، في البداية، دعمت مسعانا في إقامة انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، وطالبتنا بإصدار مراسيم لإقامتها، ووعدتنا بالضغط على إسرائيل لتحقيق حلم الانتخابات»، لكن الأوروبيين أكدوا في الأيام الماضية أن «إسرائيل لن تسمح بإجراء الانتخابات في القدس»، ثمّ وصلت رسالة من إسرائيل أمس تؤكد الامتناع عن الردّ بشأن سماحها بإجراء الانتخابات هناك بسبب «عدم تشكيل حكومة إسرائيلية». لذلك، أوضح «أبو مازن» أن القيادة الفلسطينية رفضت الردّ الإسرائيلي لأنه «كلام فارغ... الأعذار الإسرائيلية لن تنطلي علينا وغير مقبولة». ثم خلص إلى أننا «لن نجري الانتخابات من دون القدس»، ولذلك جاء هذا الاجتماع «لاتخاذ القرار المناسب والحفاظ على القدس الشرقية عاصمة أبدية لنا»، مضيفاً: «قضية تنظيم الانتخابات في القدس ليست مسألة فنية، وإنما قضية سياسية وطنية بالدرجة الأولى»، ليقول أخيراً: «مع إمكانية تنظيم الانتخابات في القدس، سنعلن إجراءها فوراً... نحن جاهزون لإجراء الانتخابات وننتظر الموافقة من إسرائيل».
منَح رئيس السلطة الاحتلال تفويضاً واضحاً بتعليق الانتخابات أو إلغائها


في المقابل، وتزامناً مع حالة الإحباط التي سادت أوساط الفصائل، ورفضاً للتبرير الذي ساقه عباس، رأت الأوساط المعنيّة أن ما تكلّم به تهرّب من الاستحقاق، ورهن للقرار الفلسطيني الوطني بموافقة الاحتلال، وهو ما يمثل «خطيئة جديدة بحق الشعب الفلسطيني»، داعية إيّاه إلى «جعل الانتخابات في القدس تحدّياً للاحتلال ويوماً وطنياً لمواجهته فيها». كما دعا الأمين العام لـ«حركة المبادرة الوطنية»، مصطفى البرغوثي، إلى عدم إعطاء الاحتلال «حق الفيتو لإلغاء العملية الانتخابية»، فيما رأى القيادي في «الجهاد الإسلامي»، خضر حبيب، أن تأجيل الانتخابات هو نتيجة خوف رئيس السلطة من «صعود فصائل المقاومة التي ترفض مشروع أوسلو».
وسريعاً، خرجت عدة تظاهرات في غزة ورام الله رفضاً للتأجيل، مع اتهام عباس بأنه «يسلب حق الشعب الفلسطيني في اختيار قيادته»، وبأن السبب للتأجيل هو خوفه من الخسارة. وقبل إعلان عباس، تظاهر مئات الغزيين أمام «لجنة الانتخابات الفلسطينية» بدعوة من «التيار الإصلاحي في فتح» الذي يقوده محمد دحلان، فيما اتهم القيادي في هذا التيار، عبد الحكيم عوض، عباس، بأنه يعمل «بالمكيدة السياسية للقوائم والمنافسين له أكثر مما يفكّر في تثبيت حقوق الشعب الفلسطيني في الانتخابات، سواء في القدس أو غيرها».
من جهتها، كشفت مصادر في «حماس» عن سيناريوات تعمل عليها الحركة حالياً لمواجهة قرار عباس تأجيل الانتخابات ورهنها بالاحتلال، مبيّنةً أن أولها «عدم إعطاء شرعية لقرار عباس، يليه التصعيد في القدس والضفة وغزة، ثمّ تشكيل جبهة فلسطينية موسّعة تكون ممثِّلة لغالبية أبناء الشعب الرافضين لقراره من أجل الضغط عليه». كذلك، أكد القيادي في «حماس»، مشير المصري، أن الحركة ذاهبة إلى «عزل عباس وطنياً، وهي تدرس إمكانية سحب كلّ التوافقات التي جرت في هذه المسألة، وإخضاع هذا الفريق للإرادة الوطنية الجامعة بألّا يكون هناك استفراد بالقرار»، مشيراً إلى أن «القانون الفلسطيني لم يخوّل أيّ شخص أو جهة الاستفراد بتأجيل الانتخابات».
على الضفة الإسرائيلية، لا تزال تل أبيب ترى أن تأجيل الانتخابات الفلسطينية سيجلب توتّراً كبيراً في الضفة والقدس، فيما قالت قناة «كان» العبرية إن الجيش «يرجّح أن تعمل حماس على تنفيذ عمليات أمنية في أعقاب تأجيل الانتخابات».



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا