غزة | بالتوازي مع جهود العدو الإسرائيلي الكثيفة، خلال العقد الأخير، لتجفيف منابع دعم المقاومة الفلسطينية في الدول العربية، كانت الإمارات الدولة الأبرز في التجاوب مع مطالب الاحتلال، بل كانت الأولى والأكثر شراسة في ذلك، كما تصف الأمرَ مصادرُ في فصائل فلسطينية آثرت السكوت طوال المدة الماضية لأسباب مِنها ما يخصّها، وأخرى تخصّ الجالية الفلسطينية هناك. وفق معلومات حصلت عليها «الأخبار»، بُذلت على مدى سنوات جهود أمنية واستخبارية ضدّ حركة «حماس» تحديداً، ونُفّذت اعتقالات طاولت عناصر وقيادات فيها، إضافة إلى مصادرة أموال واستثمارات تابعة لها، وهو ما كان يتمّ التحفّظ على كشفه سابقاً، أما اليوم فباتت ممكنةَ إماطة اللثام عنه.تقول مصادر في «حماس»، لـ«الأخبار»، إن عمر العمل الإماراتي ضدّ الحركة يعود إلى تاريخ فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، ثمّ ازداد مع فرض الحصار على قطاع غزة، وتَمثّلت بوادره آنذاك في تجفيف منابع الحركة المالية داخل الامارات، حيث أوقفت السلطات عمليات تحويل الأموال، إضافة إلى مصادرة أموال كانت في طريقها للتحويل إلى غزة، بعد معلومات قدّمتها سلطات الاحتلال عن تلك العمليات. ولم تكتفِ أبو ظبي بذلك، بل اعتقلت العشرات من قيادات «حماس» وعناصرها مِن الذين كانوا مقيمين لديها، وقد تعرّض عدد منهم للتعذيب الشديد على أيدي الأجهزة الأمنية لمعرفة الشركات التي تدعمهم ورؤوس أموالها، بِمَن فيهم أحد أقارب عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، والذي أوشك على الموت في السجون الإماراتية، قبل أن يتمّ إخراجه بعد وساطات عربية مع الإمارات، إضافة إلى رجل الأعمال الفلسطيني، عبد العزيز الخالدي، الذي اعتُقل 45 يوماً وتعرّض لتعذيب شديد. بالتوازي، أغلقت أبو ظبي أربع شركات لشخصيات فلسطينية ليست مرتبطة بـ«حماس»، وصادرت أموالها وطردت مالكيها بحجة أنها تدعم الحركة أو أن لهم أقارب فيها، ثمّ نقلت إلى السلطات السعودية معلومات عن قيادات وعناصر مقرّبين من «حماس» داخل المملكة، وهو ما مهّد لعملية الاعتقالات التي طاولت العشرات هناك، وفق المصدر «الحمساوي» الذي أكد صحة ما نشرته وثائق «ويكيليكس» عن اعتقال عناصر الحركة وإجبارهم على الاعتراف تحت التعذيب بمعلومات يتمّ لاحقاً تزويد إسرائيل بها.
أوصلت أبو ظبي جزءاً من المعلومات التي حصلت عليها إلى تل أبيب وآخر إلى الرياض


كذلك، تكشف مصادر أمنية عن عمل إماراتي أمني داخل قطاع غزة، من بين وجوهه محاولات تجنيد فلسطينيين للتجسّس على المقاومة خلال الأعوام الماضية. وأقرّ أحد المجنّدين من قِبَل المخابرات الإماراتية بأنه طُلبت منه معلومات عن أماكن الأنفاق ومنصات الصواريخ والجنود الإسرائيليين الأسرى والقادة العسكريين، وأيضاً مصادر الدعم المالي والشخصيات التي لها علاقة بتحويل الأموال إلى غزة. وتشير المعلومات إلى أنه بعد كشف العناصر الذين حاولت أبو ظبي تجنيدهم، عمدت المخابرات الإماراتية إلى التعاون الأمني مع عناصر يتبعون القيادي «الفتحاوي» السابق محمد دحلان، لجمع المعلومات التي تهمّها وتُعزّز علاقتها بتل أبيب.
وسبق، خلال العدوان على غزة عام 2014، أن كشف أمن المقاومة «مخططاً إماراتياً خطيراً للتجسّس» خلال الحرب، تحت عنوان مستشفى ميداني للهلال الأحمر الاماراتي بحجّة تقديم مساعدات إنسانية. وتَبيّن للأجهزة الأمنية آنذاك أن جميع أفراد الطاقم الإماراتي ضباط في جهاز المخابرات، وأن مهمّتهم السرية التي جاؤوا من أجلها إلى غزة تنصّ على جمع معلومات استخبارية عن مواقع «كتائب القسام» ومنصّات إطلاق الصواريخ. واكتُشف الفريق الإماراتي من جرّاء معلومات قدّمها فلسطينيون دخلوا المستشفى لتلقّي العلاج، لكنهم فوجئوا بتعرّضهم للاستجواب بطريقة غير مباشرة من الطاقم، إضافة إلى اكتشاف أمن المقاومة الأسماء الحقيقية لأعضاء الوفد، الذين خضعوا آنذاك للتحقيق قبل أن يُفرَج عنهم بوساطات عربية، ويتمّ ترحيلهم إلى معبر رفح ليغادروا القطاع من دون المعدّات التي جاؤوا بها.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا