غزة | بعد تغيّر المشهد الميداني في ليبيا وعودة حكومة «الوفاق الوطني» للسيطرة على أجزاء غربي البلاد، شرعت حركة «حماس» في تحريك وساطة تركية للإفراج عن عناصرها المعتقلين في سجن «معيتيقة» بتهمة تهريب أسلحة إلى قطاع غزة. تقول مصادر مواكبة للملف إن الحركة لا تزال تجهل مصير المعتقلين الذين أصدرت محكمة ليبية أحكاماً بحقهم قبل عام ونصف عام، على رغم أن منطقة السجن والمحكمة باتت تخضع لسيطرة «الوفاق» المدعومة من تركيا بعدما خاضت مواجهات كبيرة مع قوات المشير خليفة حفتر. لكن التغيّرات الأخيرة على الأرض دفعت «حماس» إلى الطلب من أنقرة مساعدتها لمعرفة مصير المعتقلين والعمل على الإفراج عنهم مع إلغاء الأحكام بحقهم.تكشف المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن التحركات في هذا الملف لا تزال طي الكتمان خشية أن يحرج ذلك حكومة طرابلس التي لم تكشف بعد عن مصيرهم خاصة أن من اعتقلهم هي جماعة سلفية انشقّت عن «الوفاق» بعد وصول قوات حفتر إلى أطراف العاصمة، ثم جرت محاكمتهم وسجنهم في «معيتيقة». وطبقاً للمعلومات، تجاوبت حكومة طرابلس الغرب مع المطالب التركية «لكنها تريد إنهاء الملف من دون أن يسبب لها حرجاً لدى المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة، أو أن توجه إليها اتهامات بأنها تدعم الإرهاب، خاصة أن الاتهامات ضد المعتقلين تتعلق بدعم المقاومة في غزة وتهريب السلاح عبر الأراضي المصرية». لكن مع تواصل الضغوط التركية ربما تنتهي القضية خلال الأسابيع المقبلة.
سبقت الوساطة التركية وساطة مصرية وأخرى قادها دحلان


وكانت شخصيات حمساوية قد استنكرت الأحكام التي أصدرتها المحكمة الليبية ووصفتها بأنها مسيّسة وأن الهدف منها التقارب السياسي مع الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن المستوى الرسمي للحركة قرّر الصمت المتعمّد، لأنه طلب وساطة مصرية وأخرى يقودها القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان، وكلتاهما لم تفضِ إلى نتيجة، ولذلك تقرر التواصل مع الأتراك. وفي العام الماضي، نفت الحركة اتهامات مكتب النائب العام في طرابلس، الصديق الصور، الذي أعلن إلقاء القبض على خلية تابعة لها، مؤكدة أن سياستها هي «عدم التدخل مطلقاً في شؤون أي دولة عربية أو غيرها». مع ذلك، تقول مصادر إنه بخلاف الأربعة الذين حوكموا فإن هناك 13 فلسطينياً معتقلين في ليبيا وتتهمهم السلطات بالتورط في عملية تخابر وتجسّس ضمن قضية يطلق عليها اسم «خلية حماس».
تقول عائلات المعتقلين إن قرار المحكمة استند إلى «تحقيقات النائب العام التي شملت وثائق سرية تتهم المعتقلين بالانضمام إلى تنظيم محظور قانوناً، ونقلهم أسراراً تتعلق بالدفاع عن البلاد، إضافة إلى اطلاعهم واستخدامهم وسائل تقنية للحصول على أسرار تتعلق بالدولة الليبية، وحيازة أسلحة نارية بخلاف القانون وتهريبها إلى غزة». كذلك، مُنع من استطاع الوصول من عائلات المعتقلين إلى ليبيا من زيارتهم منذ ثلاثة أشهر، وأفادوا بأنهم يقبعون في سجن «الردع» قرب معيتيقة. كما اشتكت العائلات من تقصير السفارة الفلسطينية التي لم تتابع القضية، وخصوصاً أن «أبناءهم لم يثبت عليهم تورطهم في التهم». وجميع المعتقلين من غزة، وهم: مروان الأشقر وابنه براء، ونصيب شبير ومؤيد عابد، وكانوا قد اعتقلوا أثناء وجودهم في أحد مناطق العاصمة في تشرين الأول/أكتوبر 2016، وقد تعرّضوا لتحقيقات قاسية أصيب جراءها بعضهم بإصابات دائمة كفقد البصر، ثم مثلوا أمام القضاء منذ أيلول/سبتمبر 2017 على قضية رقم 1318، ليحكم عليهم بالمؤبد ما بين 17 و22 عاماً. كما سبق أن أخفق تواصل عائلات المعتقلين مع السلطات المصرية للتوسط لدى حفتر.