لم تُثنِ الرسائل الأوروبية والتحذيرات من إمكانية حدوث تصعيد فلسطيني في أعقاب تنفيذ قرار ضم مساحات من الضفة المحتلة رئيسَ وزراء العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن تكرار تعهده بتنفيذَ ما سبق أن أعلنه، إذ أكد خلال جلسة كتلة حزب «الليكود» أنه لا ينوي تغيير التاريخ المُحدّد لضم منطقة الأغوار والمستوطنات في الضفة إلى إسرائيل، وهو الأول من تموز/يوليو المقبل. وبرر نتنياهو هذا الموقف بأنه ثمّة «فرصة تاريخية لم تكن متوفرة منذ 1948»، مشدداً على عدم تفويتها. تزامن هذا الموقف مع خلاف في معسكر اليمين حول حجم المساحات التي ينبغي ضمها في هذه المرحلة. وفي الموازاة، رأى رئيس حزب «أزرق أبيض»، وزير الأمن بيني غانتس، أن «صفقة القرن فرصة سياسية»، لكنه أشار إلى أن وزارتي الأمن والخارجية ستبحثان في مخطط ضم مناطق في الضفة. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن غانتس قوله، خلال اجتماع كتلته: «توجد فرص سياسية مطروحة ومن شأنها أن تغيّر وجه المنطقة، وفي مقدمتها خطة (الرئيس الأميركي دونالد) ترامب». وأضاف أنه في الأسابيع القريبة المقبلة «سنبحث بمهنية وبواسطة الخارجية وجهاز الأمن سبل العمل الصحيحة من أجل تحقيق النتائج التي ستحافظ على مصالحنا الأمنية والسياسية. سنعمل بحكمة ومسؤولية، لأنه هكذا فقط بإمكاننا الحفاظ على أمن إسرائيل». كذلك، توقع غانتس، خلال أول جولة له أمس بصفته وزير الأمن في المناطق الجنوبية بالقرب من غزة، أن «التوترات مع القطاع ستستمر على رغم الهدوء الحالي».
وبشأن حجم المساحة المفترض ضمها، لم يُحسم الموقف في هذا المجال، على الأقل لجهة إعلان ذلك في وسائل الإعلام الإسرائيلية. لكن تحديد هذه المساحة خاضع لما ستنتهي إليه المداولات بين طاقم مشترك إسرائيلي ــ أميركي، خاصة أن «صفقة القرن» تحدد أن يتم الضم باتفاق بين الطرفين. وتتوزع المواقف داخل معسكر اليمين بين الاكتفاء بضم نحو 30% في الضفة، ورؤية ترى أن قبول هذه النسبة يعني موافقة إسرائيل ضمناً على أن تُقام دولة فلسطينية على ما تبقى من الضفة، وهو ما ترفضه تيارات يمينية متطرفة، ولو كانت هذه الدولة مجرد إطار شكلي.
قالت تقارير إسرائيلية إن بعض الأنظمة العربية يدعم الضم بهدوء


مقابل هذه المواقف، أصدر رئيس أركان جيش العدو، أفيف كوخافي، خلال خطاب أمام ضباط كبار، ما وصفه بـ«إنذار للقادة العسكريين» بشأن تصعيد محتمل في الضفة نتيجة قرار ضم مناطق منها مطلع تموز/يوليو. ولفت معلق الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، نقلاً عن مصادر في الجيش، إلى أن «هذه طريقة رئيس أركان الجيش للقول: كونوا مستعدين، فالتصعيد واقعي جداً». مع ذلك، قال هرئيل إنه لم يتم حتى الآن تعزيز قوات الجيش في الضفة. أيضاً، حذر «منسق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية»، اللواء كامل أبو ركن، كلاً من كوخافي وغانتس من «موجة عنف محتملة إذا مضت الحكومة في خططها لضم أجزاء من الضفة من جانب واحد». ونقلت «إذاعة الجيش» عن أبو ركن قوله أمس: «من المرجّح أن يؤدي (ذلك) إلى موجة من الهجمات الإرهابية وقطع التعاون الأمني» مع السلطة، فيما رفض الجيش والوزارة التعليق على التقرير، قائلين إنهما «لن يناقشا مضمون المحادثات التي جرت خلف أبواب مغلقة».
وبشأن حالة التنسيق الأمني، يفيد مسؤولون أمنيون إسرائيليون بأن السلطة أنهته بناءً على القرار الأخير لرئيسها محمود عباس، لكن القناة الـ13 العبرية قالت إن رام الله «بعثت برسائل مفادها أنه على رغم إنهاء التعاون، لن تسمح بهجمات ضد إسرائيليين أو انتفاضة شعبية كبيرة». وسبق ذلك حديث لرئيس الحكومة الفلسطينية، محمد اشتية، قال فيه إن السلطة «ستمنع الفوضى والاضطراب العام في الضفة على رغم قطع العلاقات».
على المستوى الإقليمي، يحاول بعض الأوساط الإسرائيلية تقديم موقف الملك الأردني، عبد الله الثاني، حين قال إنه يفضّل أن يرى جنوداً إسرائيليين على حدود مملكته، على أنه دليل على عدم معارضته فعلياً لضم الضفة، في حين أن أي صيغة لا تتضمن إقامة دولة فلسطينية تمثّل عملياً تهديداً لعرشه، لكونه يقدم بلاده كوطن بديل للفلسطينيين. مع ذلك، تختلف مصالح النظام الأردني عن مواقف بعض الأنظمة العربية التي نقلت تقارير إسرائيلية أنها «تدعم بهدوء خطة الضم الساعية إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية على ما يقرب من ثلث الضفة». ويعود هذا النوع من المواقف إلى تعامل هذه الأنظمة مع القضية الفلسطينية على أنهاء عبء تريد التحلل منه بأي ثمن، كما تبيّن في المحطات كافة، ولا سيما الأخيرة.