غزة | أخيراً، تقرر تشغيل «مستشفى الصداقة» التركي في غزة بعد تعطيل لسنوات، جراء اتصال هاتفي بين رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، والرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، على أن تتولى تشغيل المستشفى حالياً «الجامعة الإسلامية» التابعة لحركة «حماس»، علماً بأن الجامعة أعلنت في السادس والعشرين من الشهر الماضي تسلمها «الصداقة»، للاستفادة منه في مواجهة «كورونا». وكشف مصدر مطلع عن رفع عباس «الفيتو» المفروض من السلطة منذ 2017 على تلقي «حماس» أموالاً من تركيا، وبذلك تسلمت «الإسلامية» 43 مليون دولار هي «الموازنة التشغيلية للمستشفى» التي أقرها البرلمان التركي، بعدما كانت أنقرة تشترط تحويل المبلغ إلى السلطة، لا إلى «حكومة غزة».بالتوازي، تنوي السلطة توحيد نسبة صرف الرواتب بين موظفيها في المحافظات الشمالية والجنوبية (الضفة المحتلة وقطاع غزة)، والعمل على إنهاء التقاعد الإجباري الذي أقرته منذ 2017، في إطار العقوبات على «حماس». ووفق مصادر في رام الله، من المقرر صدور مرسوم حكومي قريباً «يتضمن التفاصيل المرتبطة بقرار إلغاء التقاعد، لكنه سيتضمن لائحة حول التقاعد الاختياري». وفق المصادر، جاء قرار رام الله بسبب «كورونا»، وخاصة أن عدداً كبيراً من موظفيها المحالين على التقاعد يعملون الآن في حالة طوارئ لمواجهة الفيروس، في مقدمتهم الطواقم الطبية، إضافة إلى «سلطة الطاقة». لكن الغموض في التفاصيل لا يزال موضع قلق لدى الموظفين، وخاصة أن إعلاناً شبيهاً صدر أكثر من مرة دون تطبيق. لكنّ صرف راتب الشهر الجاري سيكون «الاختبار الحقيقي»، وفق نقيب موظفي السلطة في المحافظات الجنوبية، عارف أبو جراد. كما أن ملف «تفريغات 2005» نقطة اختبار أخرى، بانتظار تثبيتهم وإدراجهم ضمن الموازنة الرسمية لا التعامل معهم على بند «الشؤون الاجتماعية»
رغم الجو الإيجابي، تشير المعطيات إلى فجوة عميقة في التواصل بين رام الله وغزة لإدارة أزمة الوباء. السلطة مثلاً أعلنت تلقيها 15 مليون دولار من قطر والكويت مع بداية تفشي المرض في الضفة مطلع الشهر الماضي، فيما تقول «غزة» إنه لم يصلها من هذه المنح المالية أو الطبية شيء، باستثناء بعض شرائح الفحص عبر «منظمة الصحة العالمية». ووفق جهات متابعة في القطاع، قيمة ما صُرف لمواجهة الأزمة لم يتجاوز 300 ألف دولار دفعت من موازنة الحكومة السابقة وجهات أهلية. أما المنحة القطرية الجديدة، فيشاع أنها لم تخصص أساساً لـ«كورونا»، بل إنها استكمال للتفاهمات بين الفصائل والاحتلال، وأعلن أنها 150 مليون دولار لستة أشهر، حتى إن متابعين يقولون إن قيمة المنحة منقوصة، لأن المتفق عليه كان 30 مليوناً شهرياً لا 25.
تنوي السلطة إلغاء التقاعد الإجباري الذي فرضته على موظفي القطاع


مع ذلك، قررت «حماس» تخصيص الجزء الأكبر للقطاع الصحي ولتوفير احتياجات المحجورين، إضافة إلى دعم عائلاتهم وخاصة بعد فقدهم العمل. وتشرح مصادر في الحكومة أن نجاح السيطرة على المرض أبقى حالة الاستنفار عند الدرجة الثانية من دون الدخول إلى الثالثة حتى اللحظة، ولا سيما أن الحالات المكتشفة وعددها 12 كانت جميعها في مناطق حجر ولم تدخل القطاع، مشيرة إلى أن رئيس «حماس» في غزة، يحيى السنوار، «يتابع باهتمام بالغ وميدانياً تنفيذ تفاصيل الخطة». وحتى الثاني والعشرين من الشهر الماضي، كانت غزة ذات الكثافة السكانية العالية خالية من «كورونا»، لكن هذا لم يدم طويلاً بعدما أعلنت وزارة الصحة ذلك اليوم تسجيل إصابتين لاثنين عائدين من باكستان، لتعم حالة الطوارئ نواحي الحياة كافة.
وحالياً يُحجر على 2667 عائداً منزلياً، في حين أن 1688 موزعون على 26 مركزاً (مدارس وفنادق ومراكز صحية) وفقاً لأحدث إحصائية (31/3)، ريثما تنهي «حكومة غزة» مشروع الحجر قيد الإنشاء في معبر رفح (جنوب)، وحاجز «إيرز ـــ بيت حانون» (شمال) القطاع، على أن يكون جاهزاً في الرابع من الشهر الجاري، وهو يشمل 500 غرفة، كل منها لها حمام خاص. وفق مدير العلاقات العامة في «الصحة»، كمال موسى، يُجرى فحص PCR المعتمد عالمياً. ولتفادي تفشي الفيروس، التزمت الجهات الحكومية في غزة منذ منتصف الشهر الماضي خطة الطوارئ التي أعلنتها رام الله في الخامس من الشهر الماضي. لكن مع قلة الإمكانات والتوعية، فتح المرض شهية غزيين كثيرين على ممارسة الحجامة، في مسعى لتقوية المناعة.
ويعاني القطاع من نقص كبير في المعدات الطبية جراء الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي، ما يعني أن غزة أمام كارثة حقيقية في حال تفشى «كورونا»، وخاصة أنه لا يتوافر لمليوني إنسان محاصرين سوى 110 أسرة عناية للبالغين، منها 78 في مستشفيات الوزارة وسبعة لدى الخدمات الطبية العسكرية، والبقية لدى مؤسسات أهلية وخاصة. أما عدد أجهزة التنفس الصناعي اللازمة لعلاج مرضى «كورونا»، فهي 96، منها 63 في مستشفيات الوزارة والبقية لدى المؤسسات السابقة، علماً بأن 10 أجهزة غير مفعلة. وأصلاً هناك نقص حاد في الأدوية الأساسية يصل إلى 39%، و32% في المستهلكات الطبية، و60% هي نسبة عجز لوازم المختبرات وبنوك الدم، وفق بيانات رسمية سابقة.