غزة | بجانب «مسيرات العودة» و«البالونات الحارقة» وفعاليات «الإرباك الليلي»، وجد العدو الإسرائيلي نفسه أمام مشكلة كبيرة هي المياه العادمة التي تعمّدت غزة ضخّها في وجهه طوال السنوات الماضية، بسبب توقف محطات معالجة المياه العادمة عن العمل جراء الحصار الإسرائيلي. الأضرار البيئية التي واجهت العدو دفعته إلى تقديم مشاريع لحل هذه المشكلة، بعد انعكاس الواقع الجديد سلباً عليه، علماً أن تنفيذ المشاريع الجديدة يأتي ضمن تفاهمات التهدئة.وفي السنوات الماضية، عمدت السلطات المحلية والبلديات في القطاع إلى ضخ المياه العادمة في بحر المنطقة الشمالية. كانت هذه المياه تنتقل مع التيار المائي باتجاه الشواطئ الإسرائيلية، ما سبّب تلوثها وإغلاق بعضها أمام المصطافين بسبب حجم التلوّث. أما على الحدود الشرقية، فضخّ عدد من البلديات تلك المياه إلى وادي «بيت حانون» (شمال شرق)، حيث تسرّبت داخل الأراضي المحتلة عام 1948، ما سبّب تلوثاً كبيراً اشتكى منه مستوطنو «غلاف غزة».
لم يقتصر الأمر على إيجاد حلول، بل إن حكومة العدو هي من سيموّل هذه المشاريع بالتعاون مع جهات دولية. وأعلنت سلطات الاحتلال أخيراً موافقة «لجنة التخطيط والبناء الإسرائيلية» في النقب الغربي على إقامة خط صرف صحي يمتص المياه العادمة من شمال القطاع، ويحولها إلى محطة معالجة في مستوطنات الغلاف. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «استمرار تدفق آلاف الأمتار المكعبة من المياه العادمة كل يوم يمثل خطراً بيئياً ينجم عنه انبعاث الروائح الكريهة وتلوث التربة والمياه الجوفية».
المشروع الإسرائيلي الجديد يأتي بعد إخفاق مشروع سابق لامتصاص المياه العادمة بعد وصولها إلى الأراضي المحتلة عبر محطة خصصت لذلك، إذ نقلت بعد ذلك إلى محطة تكرير للمياه في مستوطنة «سيديروت». لكن هذا المشروع لم يعد مجدياً بعد تكثيف ضخ المياه العادمة بصورة متعمدة، ولذلك وافقت إسرائيل على بناء خط صرف صحي مباشر تحت الأرض يمتص هذه المياه وينقلها إلى محطات المعالجة في المستوطنات. ويصل طول الخط إلى 15 كلم (بعرض 12 بوصة)، وستُخصم تكلفته البالغة 15 مليون دولار من الأموال التي تحولها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية.
الأضرار البيئية التي واجهت الاحتلال دفعته إلى تقديم المشاريع


ضمن تفاهمات التهدئة أيضاً، عاد الاحتلال لإمداد القطاع بالمياه العذبة، وشرع في إنشاء خط مياه جديد لتحسين لذلك. وخلال الأسبوع الماضي انطلقت عملية مد خط جديد من جانب الاحتلال بمحاذاة القديم، إذ سيربط الخط الجديد في الأيام المقبلة بشبكة المياه في القطاع، ومن هناك ستوزَّع على المنازل، علماً بأن المشروع سيكلف قرابة سبعة ملايين دولار، طبقاً لمصدر في «سلطة المياه» في غزة تحدث لـ«الأخبار». يقول المصدر: «في السابق كانت تنقل سلطات الاحتلال 10 ملايين متر مكعب من المياه سنوياً إلى غزة، لكن الخط الجديد الذي هو جزء من تفاهمات التهدئة سيضاعف كمية المياه الواردة».
ووفق تقرير لمنظمة «يونيسف»، تحصل غزة على 5% فقط من إمدادات المياه من إسرائيل. أما مصدر المياه الأساسي، فهو خزان المياه الجوفية الساحلي، لكن 4% فقط من المياه الجوفية ملائمة للشرب، بسبب التلوث وتسرب مياه البحر إليه، في حين أن النسبة الباقية يجب تحليتها. من جهة أخرى، إن كلفة المياه الصالحة للشرب مرتفعة على نحو استثنائي، إذ تبلغ 30 شيكل (نحو 7 دولارات) لكل متر مكعب، فيما تبلغ كلفة المياه التي ترد عبر شبكة الإمداد التابعة للبلديات ما بين 1 إلى 2 شيكل فقط (نحو نصف دولار) للكمية نفسها.
وكان المبعوث الدولي لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وهو أحد وسطاء التهدئة في غزة، قد كشف في وقت سابق من العام الماضي أن التفاهمات بين «حماس» وإسرائيل ستشمل مجال مياه الشرب وأزمة المياه العادمة، وأن المشاريع في هذا المجال بقيمة 653 مليون يورو، وتشمل إنشاء محطة تحلية مياه بـ215 مليون يورو، ومشاريع بنى تحتية في قطاع المياه بـ180 مليوناً، وتكلفة الطاقة والتشغيل بـ168 مليوناً.
إلى ذلك، أعلن المندوب القطري محمد العمادي، أن المساعدات النقدية للأسر الفقيرة ستصرف اليوم (الخميس) لـ60 ألف أسرة غزية بواقع 100دولار أميركي للأسرة الواحدة، مشيراً إلى أنه «بعد دراسة الموضوع مع الوزارات والجهات المختصة، وسعياً لتحقيق الاستفادة القصوى من أموال المنحة... خُصِّصَت ستة ملايين دولار لإعانة الأسر الفقيرة، وأربعة ملايين لتنفيذ مشاريع أخرى مستدامة ستُعلَن لاحقاً».