غزة | بعيداً من الهدوء الميداني الذي رافق إقرار تفاهمات التهدئة في قطاع غزة، بين العدو الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، شهدت «مخيمات العودة الكبرى» توافد عشرات الآلاف من المتظاهرين للمشاركة في «مليونية الأرض والعودة»، بمناسبة مرور 71 عاماً على ذكرى النكبة. ورغم التزام «الهيئة العليا لمسيرات العودة» منع اقتراب المتظاهرين من السياج الحدودي، عبر نشر العشرات من أفراد الأمن على طول الحدود، استعمل العدو الإسرائيلي الرصاص الحيّ في مواجهة المتظاهرين، ما أدى إلى إصابة 67 مواطناً بجراح مختلفة. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن من بين المصابين 22 طفلاً وخمس سيدات بالإضافة إلى 3 مسعفين، جزء منهم وصفت حالتهم بـ«الخطيرة». مقابل ذلك، اندلعت سلسلة حرائق في مستوطنات «غلاف غزة» منذ صباح أمس جراء إطلاق بالونات حارقة. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن أكثر من سبع حرائق ضخمة اندلعت في الغلاف، ما سبّب هلاك مئات الدونمات المزروعة بالقمح، الأمر الذي دفع عضو الكنيست حاييم يلين إلى القول إن «6 حرائق بفعل البالونات الحارقة التهمت نحو 500 دونم من القمح و100 دونم من البساتين... وما زال بنيامين نتنياهو يحاول تشكيل حكومة. السيد رئيس الوزراء نريد أيضاً حماية من الحرائق والصواريخ، هل هذا موجود في اتفاقات الائتلاف».وبينما كان الوضع الميداني مضبوطاً، أجمعت الفصائل الفلسطينية في غالبية بياناتها على أن هذا الإحياء واستمرار المسيرات هو جزء من التصدي لـ«صفقة القرن». في هذا السياق، قال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» فتحي حماد، إن المقاومة «تمارس قتال الاحتلال على 5 درجات. الدرجة الأولى عبر مسيرات العودة بوسائل ناعمة، فإذا لم تُجدِ انتقلنا إلى مسيرات العودة بوسائل خشنة، فإذا لم تُجدِ انتقلنا إلى تثبيت المعادلات». وأضاف حماد: «إذا لم تُجدِ الوسائل السابقة، انتقلنا إلى حرب خاطفة نذلّ بها أعداءنا ونتقدم عليهم ونهزمهم معنوياً كما جرى في الجولة الأخيرة، ثم إذا لم تُجدِ انتقلنا إلى الحرب، لأنه لا يمكن أن نموت هنا من اليأس والجوع والهزيمة». أما حركة «الجهاد الإسلامي»، فدعت «الجماهير الفلسطينية إلى التوحد خلف خيار الجهاد والمقاومة، ومضاعفة العمل لمجابهة كل السياسات الهادفة إلى تكريس وجود الاحتلال، ولا سيما في ظل ما نتعرض له من سياسات تضليل هدفها شطب التاريخ وتغيير الجغرافيا وتحوير المفاهيم وقلب الحقائق».
أصيب أكثر من 60 فلسطينياً بعض حالاتهم وصفت بـ«الخطيرة»


من جهة أخرى، وعلى غير ما كان مخططاً له، غادر المندوب القطري، محمد العمادي، غزة، بعد موجة من الاستهجان والرفض لتصريحاته التي لمّح فيها إلى تسبب «الجهاد الإسلامي» في اندلاع المواجهة العسكرية الأخيرة، لكنه قدم اعتذاراً إلى «حماس» عن تصريحاته قبل المغادرة. وكان العمادي قد هاجم «الجهاد» خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه سلسلة تقديمات الدوحة الجديدة، لكن من دون أن يسميها، قائلاً: «التهدئة كان المفترض أن تبقى كما هي، التصعيد الأخير لم يكن يريده الطرفان. أحد الفصائل اختلق مشكلة على الحدود، لكن الجهات الرئيسية، حماس وإسرائيل، كانتا تريدان الهدوء». وأتت مغادرة العمادي مفاجئة، إذ ألغى برنامج زيارته ليوم أمس واليوم، بعدما كان سيزور «مخيمات العودة» على الحدود الشرقية للقطاع، لكنه نُصِح بعدم زيارتها خشية الاعتداء عليه من بعض المتظاهرين الغاضبين من تصريحاته بحق «الجهاد»، وفق مصادر.
أما الحركة، فردّت بأعلى مستوى قيادي فيها على تصريحات المندوب القطري، إذ طالب أمينها العام، زياد النخالة، أمس، العمادي، بالاعتذار من المقاومة الفلسطينية بعد «تجاوزه مهمته الإنسانية». وقال النخالة: «شكرنا قطر على تقديمها المساعدات الإنسانية... لكن هذا لا يعني أن نقبل تصريحات المبعوث القطري التي تجاوز فيها مهمته الإنسانية ووزع فيها شهادات حسن سير وسلوك»، مؤكداً «حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وعدم السماح له بأن يتغول عليه»، ومشدداً في الوقت نفسه على رفضه بأي حال من الأحوال تصريحات العمادي «غير المسؤولة»، ليطالبه بالاعتذار على هذا التدخل. وفي غضون ذلك، كشف القيادي في «حماس» إسماعيل رضوان، أن «السفير القطري... قدم اعتذاراً وقال إنه لا يقصد الجهاد الإسلامي بشأن المسؤولية عن التصعيد الأخير»، مشيراً في تصريح أمس، إلى أن «هناك تنسيقاً عالياً ومستمراً بين حماس والجهاد الإسلامي»، في إشارة إلى قرار المواجهة الأخيرة. ولاحقاً نشر العمادي توضيحاً حول مؤتمره الأخير، مؤكداً أنه لم يقصد «الجهاد» بكلامه، وأنه جرى تأويله بهدف «المساس بالعلاقة مع الأشقاء الفلسطينيين»، مشيراً إلى احترامه الفصائل كافة وتقدير تضحياتها وبخاصة «الجهاد» التي قال إنه تربطه بها «علاقة متميزة» كأحد أهم الفصائل على الساحة الفلسطينية.