غزة | بعد أسابيع من الوعود الإسرائيلية بتنفيذ التفاهمات في قطاع غزة، لا تزال الفصائل الفلسطينية غير راضية عن تباطؤ الاحتلال في ترجمة عدد من البنود المتفق عليها، الأمر الذي دفعها إلى إمهاله حتى نهاية الأسبوع الحالي للبدء في تطبيقها، قبل عودة الأدوات الضاغطة إلى منطقة «غلاف غزة». ووفقاً لمصدر «حمساوي» تحدث إلى «الأخبار»، فإن تفاهمات التهدئة تعيش مرحلة حرجة خلال الفترة الحالية، نتيجة التزام الاحتلال ببعض بنودها الطويلة الأمد كالكهرباء وغيرها، ومماطلته في بعضها الآخر من مثل إدخال الأموال القطرية إلى القطاع، والذي لا يزال موعده مجهولاً، بعدما كان الأمل بأن يتم قبل حلول شهر رمضان. وأشار المصدر إلى أن القطريين أخبروا حركة «حماس» بأنهم تقدموا خلال الأسابيع الماضية بعدة طلبات لسلطات الاحتلال لإدخال الأموال، إلا أنها قوبلت جميعاً برد إسرائيلي سلبي، أو بالطلب إلى القطريين «الانتظار بضعة أيام حتى تكون الظروف سانحة». كذلك، لا تزال تل أبيب تحول دون وصول المندوب القطري، محمد العمادي، إلى القطاع، في ظلّ خشية رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو من إمكان أن يؤثر السماح بصرف المنحة القطرية على موقعه في مفاوضات تأليف الحكومة. ووفقاً لمصادر قطرية، فإن زيارة العمادي كانت مقررة قبل أسابيع، غير أنه أرجأها بناءً على طلب إسرائيلي، وأوفد نائبه خالد الحردان ليحضر افتتاح «مستشفى حمد بن خليفة آل ثاني» في غزة قبل حوالى أسبوع. وتضيف المصادر إن عملية التأخير هذه إنما هي تكرار لخطوات مشابهة اتُّخذت قبل أشهر؛ إذ كان العمادي قد ألغى العديد من زياراته لتعذر حصوله على تصريح إسرائيلي، وهو ما اضطر «حماس» في حينه إلى الإعلان عن رفض تسلّم المنحة. وتُضاف عرقلة وصول العمادي إلى تعقيدات أخرى، تتصل بآلية إدخال المنحة وعدد دفعاتها وكيفية صرفها، وخاصة في ظلّ إصرار قطر على توزيع قسائم شرائية على الأسر الفقيرة، وليس أموالاً.
جدّد الوسيط المصري طلبه من «حماس» تخفيف شروطها في شأن تبادل الأسرى


كل هذه التعقيدات، إلى جانب مماطلة الاحتلال في رفع الحظر عن العديد من السلع ومنعه الصيادين من الوصول إلى المسافات المتوافق عليها وإصراره على استهدافهم والمتظاهرين بالرصاص الحيّ خلافاً للاتفاق، تم إبلاغ الاستخبارات المصرية والمبعوث الأممي إلى الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف بها، وتنبيههما إلى أن «الوقت بدأ ينفد، وأن المقاومة بكل أشكالها ستكون جاهزة للدفاع عن حقوق شعبها، وأنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء حالة المماطلة في تخفيف الحصار عن القطاع» وفقاً لما أكده عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» وليد القططي، فيما أشار عضو «الهيئة العليا لمسيرات العودة» والقيادي في «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين»، طلال أبو ظريفة، إلى أن «الهيئة أمهلت الاحتلال حتى نهاية الأسبوع لتطبيق التفاهمات، وإذا لم يلتزم بها، ستتم العودة إلى أدوات المقاومة الشعبية بكل أشكالها». ولإثبات جدية تهديداتها، بدأت وحدات البالونات الحارقة العمل بشكل جزئي منذ يومين في عدد من مناطق غزة.
على خط مواز، جدّد الوسيط المصري، الأسبوع الماضي، وفقاً لما علمته «الأخبار» من مصدر «حمساوي»، طلبه من حركة «حماس» فتح ملف صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال، عبر التخفيف من شروطها للبدء في مفاوضات التبادل، وهو ما رفضته الحركة، مؤكدة أنها لا تزال مصرة على شروطها المتمثلة في الإفراج عن جميع من أُعيد اعتقالهم من محرَّري صفقة «وفاء الأحرار». وبحسب المعلومات، حمل المصريون إلى «حماس» رسائل إسرائيلية بالرغبة في إنهاء الملفات العالقة في غزة، والذهاب إلى تهدئة طويلة الأمد، تبدأ بتنفيذ التفاهمات والتوصل إلى صفقة، وصولاً إلى حالة تهدئة برعاية دولية. وترافق الكشف عن تلك الرسائل مع ما نقله المحلل العسكري لصحيفة «معاريف»، يوسي ميلمان، من أن الإفراج عن مواطنَين سوريَّين مقابل جثمان الجندي الإسرائيلي زخاريا باومل، قد يكون سبباً في تشجيع كلّ من إسرائيل و«حماس» على التوصل إلى صفقة تبادل، بعدما أظهرت تل أبيب أنها مستعدة للتنازل عن مبادئها التي تظهرها في المفاوضات، والتي تقضي بعدم الإفراج عن أسرى فلسطينيين على قيد الحياة مقابل جثامين جنود ميتين.