لم يكن إجماع الفصائل الفلسطينية على مقاطعة حكومة محمد اشتية أولى العقبات التي اعترضت ولادتها. إذ لم تتمكن الحكومة المنتظرة من لمّ شمل ما تبقى من فصائل «منظمة التحرير» تحت مظلتها، بعدما قاطعتها «الجبهة الشعبية» (ثاني أكبر فصيل في منظمة التحرير)، و«الجبهة الديمقراطية»، لتقتصر المشاركة على «فتح» والأحزاب الصغيرة.«فتحاوياً»، ظهرت الخلافات منذ تشكيل حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله عام 2014، حين وجد أعضاء «اللجنة المركزية» لـ«فتح» أنفسهم غير مشاركين في صناعة القرار الذي احتكرته «كوتة» من الوزراء الموالين لحمد الله، إلا أن الحكومة الجديدة التي أرادوها «فتحاوية» أعادت تظهير الأزمة داخل الحركة.
أولى المشاكل التي تعيشها «اللجنة المركزية» لـ«فتح» أن رئاسة الحكومة صارت بعيدة المنال بالنسبة إلى كوادر الحركة. فشخصيات مثل نائب رئيس «فتح» محمود العالول، وأمين سر الحركة جبريل الرجوب، ورئيس كتلة «فتح» البرلمانية عزام الأحمد، مرفوض تولّيها هذا المنصب من قِبَل الدول المانحة، ودول عربية كمصر والأردن والسعودية. كذلك، يحاول صنّاع القرار في «فتح»، كتوفيق الطيرواي وماجد فرج، فرضَ أسماء محسوبة عليهم في أكبر عدد من الوزارات، لتمكينهم من تمرير قرارات وتعطيل أخرى، خصوصاً أن من المحتمل أن تتولى الحكومة المقبلة مسؤوليةَ القيادة في حال تعرض رئيس السلطة لأي طارئ.
في ضوء ما سبق، كشفت مصادر مطلعة، لـ«الأخبار»، عن اشتداد الأزمة بين أشتية من جهة، وعدد من مراكز صنع القرار في «فتح» من جهة أخرى، على خلفية تقاسم الحصص الوزارية، رغم أن العدد الأكبر من الوزارات نجا من الخلاف القائم، بعدما زكّاه رئيس السلطة محمود عباس. إلا أن الصراع بدأ بعد استبعاد أشتية عدداً من الوزراء الذين نالوا إجماعاً على «مهنيتهم» خلال عملهم في حكومة «الوفاق»، وذلك بوصفهم محسوبين على خصومه في «المركزية»، إلى جانب تعمّده تهميش كافة الأسماء التي طرحها خصومه المعترضون على تكليفه.
وكشفت المصادر أيضاً أن الخلاف يحتدم على وزارات أساسية كالخارجية والمالية والداخلية والأوقاف؛ إذ يرفض كلٌ من العالول والطيراوي والرجوب أن يتولى وزير المالية الحالي، شكري بشارة، الوزارة لدورة أخرى، كما تحاول الشخصيات نفسها عرقلة تولي محمود الهباش وزارة الأوقاف من جديد. الصراع على «المالية» تحديداً خرج من الكواليس إلى العلن، بعدما نشرت مواقع وحسابات وثائق تثبت وجود تعاون وعلاقة «ايجابية» بين بشارة ودائرة الشؤون المدنية الإسرائيلية، فيما تؤكد المصادر ذاتها أن بشارة استطاع حسم المعركة لصالحه بحكم ما يمتلكه من أوراق قوة تثبت وجود تجاوزات مالية لقيادات «فتحاوية» وازنة ذات صلة بخصومه. أما في ما يتعلق بوزارة الداخلية، قوبل طرح أشتية لرئيس جهاز الأمن الوقائي، اللواء زياد هب الريح، والذي تجمعه به علاقة صداقة تاريخية، برفض من أعضاء «المركزية»، لصالح مدير عام الشرطة في محافظات الضفة، اللواء حازم عطا الله.