كان واضحاً أن الكلفة الميدانية لهذه الوسائل كبيرة على الاحتلال
ورغم الزخم الذي أحدثته هذه الأساليب، كان مهماً ألا تتخطى طابعها الشعبي إلى الشكل المنظم، لما سيجرّه ذلك من ردود إسرائيلية عنيفة ستسهم في إنهاء شعبية الفعاليات، وصولاً إلى حدوث توتر ميداني يُخشى من تطوّره إلى مواجهة عسكرية لا يريدها أحد الآن. وبعد ذلك، تطورت «الطائرات» إلى «البالونات الحارقة» التي يعبّئها الشبان بغاز الهيليوم، وأسهمت في زيادة الكثافة والضغط والتأثير. ومع أن تل أبيب عمدت إلى المماطلة في إجابة مطالب حركة «حماس»، فإن «الأدوات الخشنة» أسهمت في تحريك مياه التفاوض الراكدة. وبالفعل صار القطاع مزاراً لعشرات الوفود العربية والدولية المُحمّلة بأطروحات لكسر الحصار، مع أنه لم يرَ أي منها النور حتى اللحظة.
من جهة أخرى، كانت هناك جملة هموم ميدانية ذات صلة بالعمل المقاوم، وهو ما استغله الشباب، خاصة أن المسيرات بدأت بالتزامن مع بناء إسرائيل العائق الأرضي (تحت الأرض وفوقها) الذي يهدف إلى حل مشكلة أنفاق المقاومة التي تخترق الحدود. فكانت المسيرات وأدواتها طريقة الإشغال الأمثل، إضافة إلى نتائج ثانوية كتخريب السياج الفاصل في عدد من المناطق، أو تخريب بعض أدوات الجيش الإسرائيلي جراء تسلل بعض الشبان ثم انسحابهم.
في المحصلة، كان واضحاً أن الكلفة الميدانية لهذه الوسائل كبيرة على الاحتلال، إلى درجة أن المنحة القطرية (15 مليون دولار شهرياً) كانت تشترط إيقاف «الأدوات الخشنة» مقابل استمرارية دخول الأموال.