غزة | بدلاً من أن تواجه السلطة الفلسطينية العدو الإسرائيلي الذي قرّر مصادرة أكثر من نصف مليار شيكل (نحو 140 مليون دولار) من الإيرادات الضريبية للسلطة، المعروفة باسم «المقاصّة»، تسعى إلى نقل فتيل الأزمة إلى قطاع غزة، القريب أصلاً من الانفجار في وجه إسرائيل مرة أخرى، جراء تكثيف الضغط الاقتصادي على الغزيين؛ إذ تسعى رام الله إلى وقف رواتب موظفيها في القطاع بدءاً من الشهر المقبل، بدعوى أن الميزانية لن تكفي كل الرواتب.وعلمت «الأخبار» من مصدر في السلطة أن ثمة «إجماعاً داخل حركة فتح والحكومة على رفض استقبال أي أموال من عائدات الضرائب»، لكن تقرر الضغط على إسرائيل باستخدام ورقة غزة؛ إذ ستتوقف حكومة «تسيير الأعمال» عن دفع رواتب موظفيها في القطاع، بما يعقّد الأزمة الإنسانية، وربما يدفع إلى مواجهة عسكرية بخلاف رغبة إسرائيل، المقبلة على انتخابات حاسمة. وإذا استمرت الأخيرة في تضييقها على رام الله، ستتجه السلطة إلى تأخير رواتب موظفي الضفة للضغط على الاحتلال، وفق المصدر.
وكان رئيس السلطة، محمود عباس، أعلن، أمس، رفضه القرار الإسرائيلي اقتطاع جزء من «المقاصة»، مؤكداً أن سلطته «لن تتسلم الأموال منقوصة قرشاً واحداً». وقال: «إما أن تأتي كل أموالنا وحقوقنا، أو لن نقبل استلام قرش... ما داموا قرصنوا جزءاً من المبلغ فليقرصنوا بقيته»، مشيراً إلى أن هذا القرار يمثل «المسمار الأخير في نعش اتفاقية باريس» الاقتصادية، التي تجبي بموجبها إسرائيل العائدات الضريبية للسلطة عبر المعابر التجارية.
وبخلاف تصريحات عباس عن أن السلطة ستخصص أي مبالغ تتوافر لمصلحة عائلات الشهداء والأسرى، كشف المصدر نفسه أن الرواتب في مطلع الشهر المقبل ستقتصر على موظفي السلطة في الضفة، فيما سيكون أبرز المتضررين عائلات الشهداء والأسرى في الضفة وغزة على السواء؛ إذ لن تدفع لهم السلطة أي مبالغ حتى تسوية المبالغ المقتطعة مع إسرائيل.
سيكون أبرز المتضررين أهالي الشهداء والأسرى في الضفة والقطاع


في المقابل، ترى أوساط سياسية في غزة أن السلطة تراهن على أن زيادة الضغط الاقتصادي على القطاع، وفرض مزيد من العقوبات، سيدفعان الحكومة الإسرائيلية إلى تجميد اقتطاع «المقاصة» أو إلغائه، لأنها لا ترغب في تدهور الأوضاع الاقتصادية للغزيين، كي لا تتجه الأمور صوت مواجهة عسكرية، خصوصاً أن الأوضاع الميدانية على الحدود عادت إلى التصعيد بعد اشتداد حراك «وحدات الإرباك الليلي» منذ نحو أسبوع.
ومساء أمس، استهدفت طائرة إسرائيلية مسيّرة مجموعة من المواطنين شرق مخيم البريج وسط القطاع بصاروخ واحد من دون وقوع إصابات بينهم، كما استهدفت طائرة أخرى بصاروخين أرضاً زراعية في المنطقة نفسها. وسُجّلت خلال الأيام الماضية إصابات خطيرة في صفوف الشبان جراء استهدافهم في المناطق العليا من الجسم. ونقلت وسائل إعلام عبرية أن الجيش قصف موقعاً لـ«حماس» بالقرب من مطلقي البالونات الحارقة بعد ساعات من انفجار بالونات في منطقة «أشكول».
من ناحية أخرى، علمت «الأخبار» أن حركة «حماس» أجرت، أمس، محادثات مع جهات في الأمم المتحدة وممثلين أوروبيين حول انعكاسات القرار الإسرائيلي اقتطاع الأموال الفلسطينية على الواقع في غزة، مؤكدة لهم أن السلطة قد تتخذ ردّ فعل مضراً بالقطاع لتمرير المزيد من العقوبات، وهو ما سيؤدي إلى تدهور الأوضاع. وفي غضون ذلك، تباحث رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، الموجود في القاهرة منذ أكثر من أسبوعين، في القضية نفسها مع المسؤولين المصريين.
في شأن ثانٍ، تواصل «فتح» محادثاتها الداخلية لتشكيل حكومة جديدة، على رغم رفض كبرى فصائل «منظمة التحرير» الانضمام إليها، ولذلك من المتوقع تسمية رئيس الحكومة الجديد عبر «اللجنة المركزية لفتح» خلال يومين، فيما يُعدّ عضو «المركزية» محمد اشتية من أبرز المرشحين لرئاسة الحكومة. مع ذلك، نفى وزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ، أن يكون عباس قد كلّف أحداً رئاسة الحكومة المقبلة، مشدداً على أن المشاورات مستمرة.
إلى ذلك، كشفت القناة العبرية الثانية أن العبوة التي أصيب بشظاياها جندي من جيش العدو شمال قطاع غزة مساء الإثنين الماضي تم تشغيلها عن بعد، وليس كما كان يظنّ الجيش بأن الشظايا تعود إلى كوعٍ متفجرٍ ألقاه الشبان مباشرة تجاه الجنود.