غزة | علمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية أن المشهد السياسي الراهن دفع حركة «حماس» إلى إعادة تقييم الأوضاع في قطاع غزة من نواحٍ عديدة، أهمها الأمنية، وهو ما أدى إلى إقرارها خطوات قد تعيد المصالحة إلى الوراء، بما أن «فتح» لا تقدم أي بادرة حسن نية في هذا الملف. تقول المصادر إن الحركة توافقت مع عدد من الفصائل على خطوات لتخفيف حدة الحصار والعقوبات، خاصة مع اشتداد الأزمة المالية في القطاع عامة وعلى «حماس» خاصة، ولذلك تقرر إعادة تسلّمها معبر «كرم أبو سالم» التجاري مع الجانب الإسرائيلي.ومنذ مطلع العام الجاري، انسحب موظفو السلطة الفلسطينية من معبر رفح، لتتسلمه «حماس» بحكم الأمر الواقع، ويعود العمل عليه بالاتجاهين منذ نحو أسبوعين، لكن موظفي السلطة يواصلون العمل على «أبو سالم» حيث يسحبون الجباية لمصلحة الخزينة في رام الله، وهي أكثر من مئة مليون دولار شهرياً، كما أنهم على رأس عملهم في حاجز «بيت حانون ـــ إيريز» للأفراد (شمال القطاع).
ولأنه منذ شهور عادت النقاط الأمنية التابعة لـ«حماس» لمتابعة الخارجين والداخلين عبر «بيت حانون» جراء «اختراقات أمنية»، فإنه لا فائدة للحركة من طرد موظفي رام الله من هناك، خاصة أن هذا الحاجز تدخل منه الوفود الأجنبية، لكن الحركة قررت استعادة «أبو سالم» لأسباب اقتصادية وأخرى أمنية. تشرح المصادر أنه ثبت لجهات أمنية «تورط بعض العاملين في السلطة في كرم أبو سالم في إدخال معدات للوحدة الخاصة» التي اشتبكت المقاومة معها في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وأول من أمس، أفادت وكالة «وفا» الرسمية بأن عناصر من «حماس» منعت موظفي «هيئة المعابر والحدود من الوصول» إلى «كرم أبو سالم» وأوقفتهم عند حاجز عسكري قريب من المعبر، طالبة منهم التوقيع على «استبيان» وأخذ بصماتهم، مضيفة أن الحركة تحتجز شاحنات البضائع والمواد التموينية وتجبرها على المرور عبر «البوابة القطرية»، حيث تجبي هناك ضرائب إضافية، وفق الوكالة التابعة للسلطة، وهو ما يزيد العبء المالي على الغزاويين.
من جهة ثانية، علمت «الأخبار» أن رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، لا يزال في العاصمة المصرية القاهرة، رغم أنه منع من إجراء أي جولة خارجية. والهدف من بقائه حتى الآن (أكثر من أسبوعين) هو أنه يجري مباحثات حول المختطفين الأربعة التابعين للذراع العسكرية، «كتائب القسام»، بعدما اعترفت جهات مصرية بأنهم أحياء، نافية ما أشيع عن موت أحدهم.
ربطت مصادر فلسطينية قرار استعادة المعبر بـ«اختراقات أمنية خطيرة»


وبينما يستند هنية في إصراره إلى وعد سابق من المخابرات المصرية، فإن مصادر أخرى تشير إلى أن المشكلة لدى القاهرة رفضها الاعتراف بوجود المختطفين الأربعة (منذ 2015) لديها، لما سيسببه ذلك من إحراج، رغم أن الحركة قدمت «تخريجاً» للقضية، عبر إعلان الأمن المصري أنه استطاع إنقاذهم من أيدي «ولاية سيناء» التي سبق أن اتهمتها جهات رسمية بذلك. أما بشأن الجلسات الأخيرة بين وفد «حماس» والمصريين هناك، فاتفق على «إجراءات جديدة تشمل توسعة التجارة مع مصر وزيادة حصة غزة من الكهرباء المصرية» التي هي صفر ميغاوات منذ شهور.
على الصعيد الميداني، علمت «الأخبار» أن اليوم (الجمعة) سيكون بمنزلة «اختبار حقيقي للهدوء»، وفق ما تقرر في «الغرفة المشتركة» للفصائل، التي اتفقت أذرعها العسكرية على «الرد العسكري الفوري وفق معادلة الدم بالدم» في حال تكرر الاستهداف المباشر بالقنص، كما حدث الأسبوع الماضي. وفي غضون ذلك، قالت مصادر عبرية إن جيش العدو أجرى تقييماً قبل مسيرات الغد (اليوم)، وقرر رفع التأهب جرّاء «معلومات عن إمكانية وقوع عمليات قنص».