بعد أيام من الهدوء وانخفاض مستوى التصعيد بين المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي على الحدود الشرقية لقطاع غزة، شهد القطاع تصعيداً مفاجئاً بعد إطلاق قناص فلسطيني النار على جندي إسرائيلي، ما أصاب الأخير بجروح متوسطة. التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أنّ عملية القنص التي استهدفت رتبة ميدانية مهمة في الجيش كانت رداً على التصعيد داخل السجون، لافتة إلى أن حركة «الجهاد الإسلامي» هي التي تقف وراء الحدث «بتوجيه من إيران»، ورابطة حادث القنص بأن اقتحام الأقسام في سجن «عوفر» كان يستهدف أسرى الحركة.المتحدث باسم جيش العدو أعلن أمس أن «ضابطاً أصيب برصاص قناص فلسطيني... خلال تظاهرات اندلعت بالقرب من حدود القطاع»، موضحاً أن «الرصاصة اخترقت خوذة الضابط، وأصيب على إثرها إصابة متوسطة، ونُقل إلى مستشفى سوروكا لتلقي العلاج». وسرعان ما قصفت دبابات العدو مرصداً للمقاومة على الحدود، ما أدى إلى استشهاد محمود العبد النباهين (24 عاماً) الذي نعته «كتائب القسام» (الذراع العسكرية لحركة «حماس»)، بالإضافة إلى إصابة أربعة آخرين، أحدهم بحالة خطِرة.

وقف «المنحة القطرية»
بعد الرد الإسرائيلي الأوّل، أعلنت إذاعة جيش العدو أن «رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قرر وقف تحويل المنحة القطرية إلى غزة» التي كان مقرراً وصولها اليوم (الأربعاء). ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤول سياسي قوله إن نتنياهو أجرى مداولات مع أجهزة الأمن في أعقاب التصعيد قبل اتخاذ القرار. في غضون ذلك، ذكرت قناة «كان» الرسمية أن جيش العدو نصب حواجز عسكرية في مستوطنات «غلاف غزة» تحسباً من ردّ المقاومة، لتشنّ طائرات العدو في وقت متأخر من المساء رداً ثانياً عبر غارات استهدفت موقع «عسقلان» التابع للمقاومة في بيت لاهيا (شمال) مرتين بفارق زمني بسيط.
من المقرر اليوم عقد جلسة حاسمة بين إدارة «عوفر» والأسرى


ووفق تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أُطلقت النيران (من غزة) «من سلاح خفيف باتجاه دورية تابعة للجيش... بالقرب من بيت حانون» شمالي القطاع، مضيفاً أن الضابط الذي أصيب بنيران القناص، قائد سرية في «وحدة المظليين». في هذا الإطار، استغل وزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، أفيغدور ليبرمان، الحدث للترويج الانتخابي، مطالباً الحكومة بوقف تحويل الأموال القطرية وتسديد «ضربة قوية إلى حماس». أما عضو «الكنيست»، حاييم يلين، فقال إن «الحرب عند السياج ضد الجيش مستمرة منذ فترة طويلة... سياسة الكابينت التي تتضمن إعفاء الوقود القطري من ضريبة القيمة المضافة ونقل 15 مليون دولار إلى حماس للمرة الثالثة من أجل تحقيق الهدوء غير صحيحة، وهي سياسة مفلسة». جراء ذلك، قالت صحيفة «يسرائيل هيوم» إن «المجلس الوزاري المصغر» (الكابينت) قرر الاجتماع ظهر اليوم (الأربعاء) لبحث أبرز التطورت على حدود غزة.

تصعيد السجون مستمر
في سياق متصل، عُقد في سجن «عوفر» جلسة حوار أمس بين الأسرى وإدارة السجون، بعد توافق بين الفصائل كافة على قبول طلب إدارة «عوفر» عقد جلسة، إذ كان الأسرى قد رفضوا الجلوس في بداية الأمر، لكنهم اشترطوا السماح لهم بعقد جلسة بين ممثلي الفصائل لإدارة الحوار. وأفاد «نادي الأسير» بأن الحوار مع الإدارة لا يزال مفتوحاً، ومشروطاً بمعاينة الأسرى المصابين مجدداً، فيما انتهت الجلسة بعودة الأسرى إلى مناقشة نتائجها دون إعطاء ردود نهائية، على أن يشهد اليوم «جلسة حاسمة»، لكنها «ستكون مرهونة بردود إدارة السجن على مطالب الأسرى».
وذكر بيان للنادي أنه فور انتهاء الجلسة نقلت إدارة المعتقل 13 أسيراً أمس إلى المستشفيات، وهم من ضمن 150 أسيراً أُصيبوا خلال الاقتحام، وذلك لمعاينتهم وتقديم العلاج إليهم، ولفت البيان إلى أن الأسرى «مستمرون في إرجاع وجبات الطعام وإغلاق الأقسام رداً على الاعتداء الوحشي الذي تعرضوا له». وكانت إدارة «عوفر» قد منعت محامي «هيئة شؤون الأسرى والمحررين» من زيارة الأسرى بعد الهجمة التي وصفت بأنها أعنف اعتداءات تطاولهم منذ سنوات، وشاركت فيها ست وحدات قمع متخصصة ومعززة بالكلاب البوليسية. وكشف محامي الهيئة أن «الهجمة طاولت كل أقسام السجن، وكانت مركزة على الأقسام 14، 15، 17». ونقل ممثل «الأسرى الأشبال (الفتية)» إلى محامي الهيئة، أن «الاعتداءات كانت مجنونة، وأُفرِغَت غرف الأسرى من الأغطية وكل المحتويات وزُجَّ بها إلى ساحة الفورة... عدد كبير من الأسرى بات الليلة الماضية على الأرض دون أغطية».