غزة | بحذر شديد، بدأت حركة «حماس» استخدام ورقة القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان مجدداً، لكن هذه المرة لمواجهة خطوات رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الأخيرة، المتمثلة في حلّ المجلس التشريعي (البرلمان)، وتنفيذ حملة اعتقالات كبيرة ضد عناصر الحركة في الضفة، وليس أخيراً استمرار فرض العقوبات على قطاع غزة، مع التوعد بقرارات تصعيدية أخرى، وهو ما فتح الأمر لدراسة إنهاء وجود «تيار عباس» في غزة والسماح لأنصار دحلان بالسيطرة على مقارّ «فتح» والعمل باسمها.مع ذلك، لم تتخذ «حماس» قراراً حاسماً بوضع البيض الفتحاوي كله في سلة «التيار الإصلاحي»، بل قررت الاعتماد على خطوات تدريجية بدأت بالسماح لأنصار دحلان بالاحتفال بالذكرى الـ54 لانطلاقة «فتح»، ومنع «تيار عباس» ـــ بطريقة غير مباشرة ـــ من تنظيم أي فعاليات في هذا الإطار، الأمر الذي أثار رئيس السلطة إلى حدّ وصف فيه «حماس» و«تيار دحلان» قبل يومين بـ«الجواسيس»، وتعهدت قيادات «فتحاوية» بعقوبات جديدة ضد غزة.
يقول مصدر «حمساوي» لـ«الأخبار» إنه لا قرار نهائياً بالسماح لـ«تيار دحلان» بالعمل بحرية، فالأمر «متعلق بجملة ردود جهزتها الحركة على قرار عباس بحلّ التشريعي وحملة الاعتقالات في الضفة»، مشيراً إلى ردود أخرى ستنفّذ قريباً ضد «فتح» قد يكون ضمنها تسليم كل مقدرات الأخيرة في القطاع لأنصار دحلان، مع الاعتراف بهم ممثلين فعليين لحركتهم في غزة. وأشار المصدر إلى أنه في حال تطبيق ذلك، سيكون محظوراً على أي أشخاص آخرين تمثيل «فتح» في القطاع ضمن أي فعاليات أو لقاءات من خارج «التيار الإصلاحي»، وأن من يخالف ذلك سيكون عرضة للمساءلة، بوصفه ينتحل صفة فصائلية ليست من حقه.
تتخوّف الحركة من تداعيات ذلك على العلاقة بينها وبين أنقرة والدوحة


لكن مصادر أخرى أكدت أن ما حدث في الأسبوع الماضي، من اعتقال قيادات «فتحاوية» ميدانية في غزة، ومنعهم من إقامة فعاليات «جاء بقرار رسمي من حماس». رغم هذا، تؤكد أوساط عدة أن «حماس» لا تزال تتعامل مع تيار دحلان بـ«حذر شديد»، نظراً إلى تأثير ذلك في علاقاتها الخارجية، خاصة مع دولتي قطر وتركيا اللتين تريان دحلان عدواً لهما، بل شريكاً في الانقلاب على أنقرة وحصار الدوحة، وهو الأمر الذي استغله «أبو مازن» لضرب علاقة الحركة بهذين «الحليفين» (راجع العدد 3615 في 2018/11/14).
وبينما تقول مصادر «فتحاوية» إن ثمة أصواتاً داخل الحركة تدعو عباس إلى التروي وألا يترك غزة «لقمة سائغة» لدحلان، بل أن يخفف العقوبات التي أضرت بـ«قطاعات مؤيّدة»، قال القيادي في الحركة يحيى رباح، إن قرارات جديدة ستتخذها السلطة على خلفية إجراءات «حماس» الأخيرة، ولاسيما الاعتداء على كوادر الحركة ومنعهم من إيقاد شعلة الانطلاقة الـ54، مشيراً إلى أن «اللقاءات مع حماس انتهت... مع من نجلس منهم، وهم الذين جعلوا قرارهم رهناً لمواقف خارجية يحركها الاحتلال كيفما يشاء؟». وتصاعد التراشق الإعلامي بين الحركتين منذ أسابيع جراء حل المجلس التشريعي وتبادل الاعتقالات السياسية في الضفة وغزة، في وقت أخفقت فيه الجهود المصرية بعد رفض «فتح» طلب القاهرة عقد لقاء ثنائي لديها.
من ناحية أخرى، علمت «الأخبار» أن الدفعة الثالثة من المنحة القطرية لموظفي غزة ستصل مطلع الأسبوع المقبل، وسيُحضرها السفير محمد العمادي بالآلية السابقة التي جرت خلال الشهرين الماضيين، كما بلّغ بذلك قيادة «حماس». أيضاً، أبلغت الحكومة الإسرائيلية الوسيطين المصري والقطري بتوسيع مساحة الصيد لقطاع غزة إلى 12 ميلاً بحرياً في المنطقة الواقعة من وادي غزة إلى بحر رفح (جنوب)، واعدةً بتوسيع المساحة تدريجاً في حال استمرار الهدوء على الحدود. في المقابل، رفضت «نقابة الصيادين الفلسطينيين» القرار الإسرائيلي بتوسيع مساحة الصيد على نحو مجتزأ في مناطق محددة، ما سيحوّل منطقة الصيد على شكل مثلث، الأمر الذي يعني «تهديد حياة الصيادين للخطر من بحرية الاحتلال قبيل بلوغ الـ12 ميلاً إن زاغ المركب يميناً أو شمالاً».
إلى ذلك، حذرت وزارة الصحة في غزة من توقف خدماتها خلال أيام بفعل أزمة الوقود رغم الإجراءات التقشفية التي تتبعها في المستشفيات والمراكز الصحية، قائلة إن «سبب الأزمة حكومة فتح في رام الله وتنصّلها من مسؤولياتها تجاه الوزارة في غزة»، علماً أن الأوضاع الجوية الجارية أثرت في جدول وصل التيار في القطاع عموماً.