فتحت أبواب معركة «الشرعية» على مصراعيها بين حركتي «فتح» و«حماس»، إذ كانت الجولة الأخيرة لوفد برلماني يمثل كتلة الأخيرة في «المجلس التشريعي» حجّة جاهزة ليطبّق رئيس السلطة محمود عباس ما كان يخطط له منذ آب/ أغسطس الماضي. السلطة، التي خفت نجمها خلال عمليات الاقتحام الإسرائيلية في الأسابيع الثلاثة الماضية لرام الله ومدن أخرى، استعادت أجهزتها الأمنية نشاطها باحتجاز رئيس «البرلمان» المحسوب على «حماس»، الأسير المحرر عزيز دويك، شانة حملة على حركته ومؤكدة «شرعية» قرار عباس حلّ «التشريعي» الذي يمثل آخر وجود رسمي للحركة في السلطات الثلاث الحالية.يأتي ذلك في وقت نسبت مصادر إعلامية فلسطينية وأخرى عبرية إلى أوساط فتحاوية نية عباس إكمال قراراته بحق قطاع غزة السنة المقبلة، بإحالة غالبية موظفي القطاع الذين يتقاضون رواتبهم من رام الله على التقاعد، أكانوا مدنيين أو عسكريين، وحتى من وزارتي التعليم والصحة، وهو ما لم يجد نفياً أو تأكيداً من السلطة، لكنه إذا حدث، فسيعمق أزمات غزة التي مرت عليها «أصعب سنة اقتصادية» وفق خبراء. وذكرت تلك المصادر أن عباس سيجري تعديلاً على الحكومة الحالية يلغي فيه نصيب غزة من الوزراء (نحو 5).
رداً على ما حدث أمس، قالت «حماس» إن احتجاز الأجهزة الأمنية رئيس «التشريعي» وأعضاءه هي «قرصنة وتصعيد خطير وتتويج للانقلاب على الشرعية البرلمانية التي تمثلها حماس»، محملة عباس «المسؤولية»، وذلك في إشارة إلى منع أمن السلطة مؤتمراً كان مقرراً أن يعقده هؤلاء النواب في رام الله. وعملياً صدر قرار حل المجلس التشريعي في الجريدة الرسمية بعدما كان الرئيس عباس قد قال السبت الماضي إن المحكمة الدستورية، التي شكّلها بمرسوم رئاسي وعيّن قضاتها عام 2016، قررت حلّ المجلس المنتخب والدعوة إلى انتخابات خلال 6 أشهر، في وقت رفضت الفصائل الفلسطينية كافة القرار، وأيدته «فتح» حصراً، علماً أن المادة 47 من القانون الأساسي المعدل تنص على أن ولاية «التشريعي» القائم تنتهي عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية.
جراء ذلك، استنكر دويك احتجازه ونواب آخرين على حاجز شرق بيت لحم، جنوب الضفة، مشيراً إلى أن منصبه رئيساً للمجلس كان بكتاب رسمي من عباس، وأنه لم يتلقّ كتاباً مماثلاً يُفيد بإلغائه. وأضاف: «لن أراجع المخابرات (الفلسطينية) غداً (اليوم)، فطريقتهم كانت غير مهذبة وغير لائقة». وفي الوقت نفسه، عقد نواب «التشريعي» في غزة جلسة خاصة لـ«اللجنة القانونية» بحضور نواب من كتلتي «حماس» و«التيار الإصلاحي» التابعة للقيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان، ونواب مستقلين وآخرين من فصائل معارضة لقرار عباس. وأعلن هؤلاء رفضهم قرار «الدستورية» حل المجلس، قائلين إنه يأتي في إطار جهود عباس لنزع الشرعية عن «التشريعي» والحد من دوره.
في المقابل، قال الناطق باسم الأجهزة الأمنية للسلطة، عدنان الضميري، إن «قوى الأمن لن تسمح لأي كان بانتحال صفة أعضاء المجلس التشريعي أو التكلم بهذه الصفة، باعتبار ذلك غير قانوني». ونقلت «وكالة الأنباء الرسمية» (وفا) عن الضميري أن «المحكمة الدستورية أصدرت قراراً بحل التشريعي، وعليه واجب قوى الأمن تنفيذ القرار». كذلك، طالب وزير العدل في حكومة «الوفاق الوطني»، علي أبو دياك، «حماس» التزام قرار «الدستورية»، وألا «تمارس الانقلاب مرة أخرى على الشرعية والقانون والقضاء». ووفق مصادر إعلامية، صدر مرسوم رئاسي يقضي بـ«وقف التعامل مع الجواز الديبلوماسي الأحمر الخاص بأعضاء التشريعي المنحل واستبداله (لهم) بالجواز المدني». كذلك، قال رئيس الوزراء رامي الحمدالله إن أعضاء «التشريعي» (من «فتح» و«حماس») «صاروا الآن متقاعدين بحكم القانون، وسيحصلون على 80% من رواتبهم».
على صعيد ثانٍ، علمت «الأخبار» أن الجولة المقررة لرئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، التي كان يفترض أن تبدأ هذا الأسبوع تأجلت إلى منتصف الشهر المقبل، لأن محطته الأولى، موسكو، ستكون مشغولة باحتفالات عيد الميلاد، كما قالت مصادر إن وفداً من الحركة خرج للترتيب للزيارة.
تقرر تأجيل زيارة هنية إلى منتصف الشهر المقبل جراء الأعياد في روسيا


في شأن آخر، قال القيادي في «الجهاد الإسلامي» الأسير المحرر خضر عدنان إن الأوضاع داخل سجون العدو في «تصاعد وتوتر»، مضيفاً في تصريح إذاعي أمس: «هناك قرارات من رأس هرم الاحتلال بقمع وقهر وقتل الأسرى من كل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية... الأسرى دافعوا كثيراً عن كرامتنا ويستحقون الوقوف أكثر».
إلى ذلك، اقتحم عشرات المستوطنين صباح أمس المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال الخاصة. وبحسب «دائرة الأوقاف الإسلامية»، اقتحم باحة المسجد 64 مستوطناً بينهم 20 من طلاب المعاهد والجامعات اليهودية بالإضافة إلى 23 شرطياً وعنصراً من مخابرات الاحتلال.



أسوأ سنة اقتصادياً على غزة
قال رئيس «جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين»، علي الحايك، إن 2018 هو الأسوأ على الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة، جراء تواصل الانقسام الداخلي والحصار الإسرائيلي للعام الـ12 على التوالي. وأضاف الحايك، في تصريح صحافي أمس، أن الاقتصاد الغزي حقق أرقاماً هي الأولى من نوعها على صعيد نسب البطالة والفقر، إذ تجاوزت نسبة البطالة خلال الربع الأخير من 2018، 54.9%، فيما تجاوزت نسبة الفقر 55%، ويتوقع أن تصل 60%.
وذكر الحايك أن معدل التوظيف في غزة منذ خمس سنوات هو «صفر» مقارنة بما تخرجه الجامعات سنوياً، خاصة مع الاعتماد على بند التشغيل المؤقت، مشيراً إلى أن 80% من التجار ورجال الأعمال فكروا خلال 2018 في وقف نشاطاتهم الاقتصادية والهجرة.