غزة | بينما تتواصل حالة الجمود السياسي في قطاع غزة، جراء توقف البحث في ملفي المصالحة والتهدئة، عاد الفلسطينيون للضغط الميداني على الاحتلال الإسرائيلي بطرق جديدة، إذ تفاعلت وحدات في الحراك الشعبي على طول الحدود مع فلسطين المحتلة تحت مسمى «وحدة الإرباك الليلي»، إلى جانب التصاعد التدريجي لإطلاق البالونات الحارقة.ورغم سلمية جميع أدوات هذه الوحدة، فإن تأثيرها في المستوطنين وجيش الاحتلال بات واضحاً، وهو ما ترجمه العدو بتكرار استهدافهم بالقنص أو بصواريخ الطائرات، ما أدى إلى استشهاد عدد منهم خلال الأسبوع الجاري. يقول خالد م. (26 عاماً)، وهو مسؤول «وحدة الإرباك» في منطقة شرق غزة: «نحن مجموعات شبابية ثائرة نقاوم بطريقتنا، وكل يوم نحقق أهدافنا في إرباك الاحتلال ومستوطنيه»، مضيفاً: «نعمل على تنفيذ عمليات تسلل مدروسة تحت غطاء دخاني، بالإضافة إلى إقامة مسرح حربي على طول الحدود من رفح حتى زيكيم (شمال غرب)... نستخدم الألعاب النارية فتحدث انفجارات تشبه القصف، وهو ما يربك الاحتلال ويدفعه إلى استقدام تعزيزات والاستنفار طوال الليل». وتبدأ هذه الوحدات عملها من بعد صلاة العشاء، إذ يتسلل الشبان قرب الحدود ويقطعون الأسلاك الحدودية ويلقون القنابل الصوتية والمفرقعات على مواقع الجيش الإسرائيلي، الذي يستنفر خشية تسلل الشبان. ولا تتوقف الوحدة عند هذا الحد، بل تنشر مكبرات الصوت في المناطق القريبة من مستوطنات «غلاف غزة»، وتبث خلالها أصواتاً تشبه صفارات الإنذار وأصوات صواريخ تنطلق من غزة، فيما يستخدم آخرون أشعة الليزر تجاه مواقع الجيش والمستوطنات.
تواصل «حماس» الاعتذار عن عدم تلبية دعوة القاهرة لزيارة جديدة


لكن في الأيام الماضية، تعرّض الشبان لعشرات الاستهدافات، أبرزها قصف مدفعي أدى إلى استشهاد اثنين منتصف الأسبوع الجاري، هما ناجي أبو عاصي (18 عاماً)، وعلاء أبو عاصي (21 عاماً)، فيما أصيب عشرات برصاص القناصة أو صواريخ طائرات الاستطلاع. وبالتوازي مع هذا العمل الليلي، تتواصل المسيرات البحرية من بحر شمال غزة في ما يطلق عليه «نقطة زيكيم»، التي اقتحم المتظاهرون قبل أيام بوابتها وأحدثوا خراباً فيها، الأمر الذي دفع منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية، كميل أبو ركن، أمس، إلى التهديد بتقليص مساحة الصيد في البحر من تسعة أميال إلى ثلاثة.
في غضون ذلك، نشر جيش الاحتلال بطاريات «القبة الحديدية» في منطقة «غلاف غزة» مجدداً، خشية «تدهور الأوضاع»، وفق تقييم أمني لقيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، التي يرأسها هرتسي هاليفي.
أما على الصعيد السياسي، فلا يزال قطاع غزة يعيش حالة ركود في ضوء مواصلة حركة «حماس» الاعتذار عن عدم تحديد موعد لتلبية الدعوة المصرية لزيارة القاهرة، خاصة في ضوء عجز القاهرة عن توفير حلول للملفات وتشبّثها بشروط السلطة المتمثلة في تحقيق المصالحة أولاً ثم الحديث في التهدئة، إذ قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، صلاح البردويل، في تصريحات صحافية، إنه «حتى اللحظة لا جديد بشأن المصالحة والتهدئة، فكلاهما يراوح مكانه، ولا يبدو أن للمصالحة أيّ أفق، ولا تم إنجاز التهدئة بشكل صحيح، وفشلهما بسبب الشروط التعجيزية التي وضعها الرئيس (محمود) عباس لإنجاز المصالحة».
من جهة أخرى، حذّر المنسّق الخاص لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، من «انفجار الأوضاع في غزة»، مضيفاً أن «عدم تولي السلطة مسؤولياتها في القطاع يبقي اتفاق المصالحة»، الذي توسطت فيه مصر عام 2017، «معلقاً».
في شأن ثانٍ، قرر «مجلس حقوق الإنسان» في الأمم المتحدة تعيين الأرجنتيني سانتياغو كانتون رئيساً جديداً للجنة المكلفة بتقصّي الحقائق في الأحداث التي وقعت أثناء «مسيرات العودة» منتصف العام الجاري، وذلك خلفاً للأميركي ديفيد كرين الذي استقال نهاية الشهر الماضي.
إلى ذلك، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، نقل وزير المالية الإسرائيلي، موشيه كحلون، مبلغاً إلى عائلة المستوطن الإسرائيلي الذي قتل في عملية «غوش عتصيون»، الأسبوع الماضي، بعدما صادره من عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل لمصلحة السلطة، بقيمة تساوي ما ستدفعه السلطة لعائلة منفذ العملية.