غزة | وصلت وفود الفصائل الفلسطينية إلى قطاع غزة أمس من دون تحقيق نتيجة نهائية أو واضحة في شأن اتفاق التهدئة الذي يبحثون فيه منذ أيام مع جهاز «الاستخبارات العامة» المصرية، وسط سعي من الأخير للقاء السلطة الفلسطينية وجعلها جزءاً من الاتفاق، وكذلك «مشاورة» الإسرائيلي في تفاصيل التفاصيل. كان العنوان الظاهري للعودة هو إجازة عيد الأضحى، لكن مصادر عدة تؤكد أن الطريق إلى الاتفاق لا يزال مسدوداً بعقدة ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين، وكذلك بعقبة المصالحة ورفض السلطة التعامل مع أي اتفاق من دون إدارتها له بصورة مباشرة. وهو ما يتقاطع مع إفادة قياديين فلسطينيين بأن ما يعوق التوقيع من الجانب الفلسطيني انتظار موقف «فتح» وفصائل من «منظمة التحرير»، المفترض أنه سيكون جاهزاً خلال عشرة أيام.لكنّ ما يمكن القول إنه تم الإجماع عليه هو مواصلة التهدئة الميدانية، الأمر الذي ربطته الفصائل بـ«سلوك الاحتلال»، وأيضاً الاتفاق على أن يكون تفاهم وقف إطلاق النار المبرم بعد حرب 2014 هو المرجع للاتفاق الجاري، على رغم محاولة العدو الإسرائيلي الوصول إلى صيغة من دون دفع «أثمان كبيرة». وفي شأن الحديث عن «قوات فصل» على حدود غزة، قالت المصادر إنها قضية صارت «وراء ظهورنا... أي قوات على الحدود هي عدوان جديد»، مضيفة أن شكل التهدئة المطروح لا بد أن «يحفظ كرامة الشعب الفلسطيني، وخيار المقاومة».
مع ذلك علمت «الأخبار» أن الجلسات الأخيرة شملت عرضاً نقله المصريون بهدنة مدتها ست سنوات، وهو العرض الذي نقله بصورة مباشرة مسؤول الملف المصري في الاستخبارات المصرية اللواء أحمد عبد الخالق، والوكيل المساعد في الجهاز، فيما كان الموقف الفلسطيني هو «عدم التفاهم على أي مدة زمنية وإبقاء الوضع مرهوناً بتهدئة مقابل تهدئة». لذلك، كان البديل مقترحاً بتهدئة لمدة سنة واحدة «تجريبية» قابلة للتمديد. وبجانب هذا، تصر «حماس» وفصائل أخرى على أن يشمل الاتفاق إنشاء ممر مائي بين غزة والعالم الخارجي بإشراف مصري وأممي، على ألا يربط هذا الممر بقضية الجنود الإسرائيليين.
استعدت مصر لإعادة فتح سفارتها في غزة ضمن مراحل الاتفاق


أياً تكن الصيغة التي سيتم التوصل إليها، خصوصاً مع إصرار «حماس» على دعوة الفصائل كافة إلى القاهرة للتوافق نهائياً على بنود التهدئة، فإن الخطوة التالية هي تسليم الاستخبارات المصرية الاحتلال ورقة الفصائل والحصول على رؤية نهائية في شأنها، ثم ستوقع جميع الفصائل على ورقة تهدئة، فيما سيتولى وزير الاستخبارات عباس كامل مهمة إقناع رئيس السلطة محمود عباس برفع العقوبات عن غزة. وفي حال رفضت رام الله رفع العقوبات، سيجري مباشرة تزويد القطاع بكميات إضافية من الكهرباء وخصمها من المقاصة (أموال تجمعها إسرائيل من الضرائب نيابة عن السلطة)، وهو ما أبدى الإسرائيليون استعداداً لتنفيذه. وربما تصل الأمور إلى سحب حصة غزة من التبرعات الدولية، كما أبلغت جهات أوروبية رئاسة السلطة في اجتماع عقد الشهر الماضي في الضفة. وأيضاً، لن تمانع مصر أن تجمع «حماس» الأموال من كل معابر القطاع في هذه الحالة.
وأُخبرت الفصائل الفلسطينية بأن هناك ضوءاً أخضر دولياً لتنفيذ مشاريع إنسانية في غزة بواسطة البلديات والمؤسسات المدنية، قبل أن تتوسع الأمم المتحدة في هذه المشاريع بعد التوافق على التهدئة، لكن بشرط أن تشرف عليها لوجستياً مصر التي تنوي بدورها إعادة افتتاح سفارتها في غزة، والاستعانة كذلك برجال أعمال فلسطينيين في هذا الصدد.
إلى ذلك، بدأ منذ يومين زيادة عدد الشاحنات التي تدخل من بوابة صلاح الدين على معبر رفح مع مصر إلى 70 شاحنة يومياً، في وقت وعد المصريون بالحفاظ على هذا العدد وزيادته لاحقاً، علماً أن من يجمع الضرائب عن هذه الشاحنات وزارة المالية التابعة لحكومة غزة السابقة.