غزة | بعد مرور 24 ساعة على اغتيال العدو الإسرائيلي ثلاثة من عناصر «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، وردّ المقاومة على ذلك بقصف مواقع عسكرية ومستوطنات، لا تزال «حالة الاستنفار القصوى» التي أعلنتها الأذرع العسكرية سارية في قطاع غزة، وصلت إلى حدّ تجنب «القسام» السماح لمسلحيها بالمشاركة في تشييع الشهداء الثلاثة، كما كان معهوداً. وبالتزامن مع الاستنفار الميداني، تستمر الوساطات العربية والدولية في محاولة لتطويق الأحداث، وخاصة أن المقاومة هددت بالرد على الاغتيال ورأت فيه «تجاوزاً للسقوف»، كما أن هذا التصعيد يأتي بعد عدد من الجولات التي تبعتها وساطات متواصلة تجعل أمر تثبيت الهدنة شكلياً. لكن اللافت أن المبعوث الأممي لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وصل إلى غزة سريعاً على غير عادة، إذ التقى ظهر أمس رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، بعد لقائه مسؤولين إسرائيليين في الصباح، ثم غادر القطاع متجهاً إلى تل أبيب، فيما يعود مساء للقاء قيادة الحركة مرةً أخرى، أي في اليوم نفسه.وفق مصادر مطلعة، نقل ملادينوف إلى «حماس» تهديداً إسرائيلياً يقضي بطلب العودة إلى حالة الهدوء، وإلا فإن «إسرائيل ستقدم على حرب طاحنة على غزة». وأُردفت الرسالة بتهديدات من وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، فحواها أن «تكرار عمليات القنص على الحدود أو اقتحام السياج، وكذلك إطلاق البالونات، ستقابل برد مشدد». وكما علمت «الأخبار»، أبلغت «حماس» رفضها «الرسائل الإسرائيلية» التي نقلها ملادينوف، مؤكدةً له حقها في «الرد على الجريمة»، ومشددة في الوقت نفسه على أنها «لا تخشى الحرب»، ولا سيما أن القطاع «ذاهب إلى حرب حتمية بسبب استمرار المماطلة في حل الواقع الاقتصادي المتردي، وأيضاً ربط ذلك بملفات أخرى مثل الجنود الأسرى والسلاح». كذلك، أكدت قيادة الحركة أنها «سترد (على اغتيال كوادرها) بغض النظر عن العواقب... الحرب لن تكون كسابقاتها، وستكون حرب استنزاف طويلة الأمد»، وهو ما حمله ملادينوف بانتظار عودته مع الردّ.
طالبت الاستخبارات المصرية هنية بـ«ضبط النفس وتجنب أي أعمال استفزازية»


بعد لقاء ملادينوف وهنية بساعات قليلة، تلقى الأخير اتصالاً من وزير الاستخبارات المصرية، عباس كامل، الموجود حالياً في العاصمة الأميركية واشنطن لبحث الوضع والتطورات الساخنة في غزة. وعلمت «الأخبار» أن كامل نصح حماس بـ«ضبط النفس وتجنب أي أعمال استفزازية قد تؤدي إلى تفجر الأوضاع»، ناقلاً إلى الحركة أن إسرائيل أرسلت رسالة إلى مصر بأنها لا ترغب في التصعيد، وأن ما فعلته كان رداً على قنص أحد جنودها على الحدود.
في المقابل، أبلغ هنية الوزير المصري رفض حركته المعادلة التي يحاول الاحتلال فرضها على الحدود، مضيفاً له أنه «ما دام الحصار قائماً وكذلك سياسة العقاب الجماعي واستباحة الدماء، فإن الأمور ستتجه إلى التصعيد بصورة لا يرغب فيها أحد». وبينما نقل له وجود حالة «إجماع وطني» على الرد، فإن الفصائل الفلسطينية كانت قد عقدت لقاءً أمس في غزة، واتفقت على «ضرورة الرد على الاحتلال لوقف انتهاجه سياسة استباحة الدماء».
وتأتي زيارة كامل وسط أجواء أميركية ترفض العمل على تقديم دعم مالي لمصلحة مشاريع في غزة من دون تحقيق استقرار مرتبط بالمخطط المنوي تنفيذه في المنطقة تحت عنوان «صفقة القرن»، وهو على ما يبدو الأمر الذي استدعى هذه الزيارة. أما ملادينوف، الذي أجّل زيارته المقررة للسعودية، وتوجه إلى غزة أمس، فسبق له أن نجح بجانب وسطاء مصريين وقطريين ودوليين في منع تدهور الأوضاع في غزة مرتين على الأقل خلال الشهر الجاري.
بموازاة ذلك، خلص اجتماع الفصائل إلى الاتفاق على «حق المقاومة في الرد على الخروقات الإسرائيلية»، لكنها أشارت إلى التزامها اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّع في القاهرة عام 2014، موضحة أن الاحتلال «هو من يخرق هذا الاتفاق، وعليه تحمل المسؤولية الكاملة». كذلك، قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس» خليل الحية، خلال تشييع شهداء «القسام»، أمس، إن «المقاومة سترد على جرائم الاحتلال بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب وفي المكان المناسب، بما يحقق لشعبنا الحرية ورفع الحصار».



ما قل ودل
أُصيب ثلاثة مستوطنين إسرائيليين في وقت متأخر مساء أمس، بعدما نفّذ شاب فلسطيني عملية طعن داخل مستوطنة «آدم»، بين رام الله والقدس المحتلة، فيما قدرت التقارير الإسرائيلية استشهاد المنفذ. وقالت صحيفة «جيروزاليم بوست» إن مهاجماً سدّد طعنات إلى ثلاثة مستوطنين، وأصاب اثنين منهم بجروحٍ حرجة في أطرافهم العلوية.
وذكرت طواقم إسعاف «نجمة داوود الحمراء» أن أحد المستوطنين أصيب بجروح بالغة الخطورة بينما أصيب آخر بجروح خطيرة، ونقلوا جميعاً للعلاج في مستشفى «هداسا» في القدس. أما المهاجم، فأصيب بجروح بالغة الخطورة بالرصاص.
(الأخبار)