فرضت الوساطة المصريّة والأممية، قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، وكذلك حركَتي «الجهاد الإسلامي» و«حماس» شروط التهدئة. مع ذلك، لا يشي المشهد الميداني إلا بهدوء حذر، لا سيما أن طيران العدو قصف مواقع لـ«حماس»، بعد منتصف ليل أمس، مدعياً أنّها «تستخدم لإطلاق الصواريخ». في المقابل ردّت المقاومة الفلسطينية بقصف مستوطنات «شاعر هنيغيف»، والمجلس الإقليمي «أشكول»، و«مفلسيم». في السياق، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرئيلي أن أربع قذائف أطلقت من قطاع غزة باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، واحدة منها فقط اعترضتها القبة الحديدية، في حين سقطت البقية «في مناطق مفتوحة».
وفي وقت سابق من صباح اليوم، أعطت الجبهة الداخلية الإسرائيلية تعليمات جديدة لمستوطني الجنوب تقضي بممارسة حياتهم كالمعتاد، بعدما كانت قد أعطتهم تعليمات تقتضي لزوم الملاجئ وعدم التجمهر في الأماكن العامة.
ضمن هذا الإطار، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن «الحكومة الإسرائيلية قبلت شروط وقف التصعيد، التي وافقت عليها حركتا الجهاد وحماس بوساطة أممية، من ضمنها وقف الغارات على قطاع غزة». لكن مصدراً أمنياً إسرائيلياً قال للصحيفة إن «ما يجري ميدانياً وحده الذي يحقّق كيف سنستمر بالتهدئة أو الرد».
التطورات الأخيرة تأتي بعدما شنّت طائرات الاحتلال عدواناً على القطاع، منذ فجر يوم أمس، استهدف مواقع للمقاومة، وأراضٍ زراعية، وهو ما أدى إلى استشهاد طفلين وإصابة العشرات بجروح مختلفة، وتضرر هائل في المواقع المستهدفة.
من جهة ثانية، أكدت «حماس» أن «القصف الإسرائيلي للقطاع، لا يقابلة إلا القصف». وغرّد المتحدث باسم الحركة، عبد اللطيف قنوع، قائلاً إن «فصائل المقاومة أكدّت من خلال ضرباتها أن أي جولة يخوضها الاحتلال الإسرائيلي مع المقاومة، سيخسرها. وأن القصف لا يقابله إلا القصف». وتابع: «تحيّي حركة حماس فصائل المقاومة التي أوقفت التصعيد الصهيوني وردت العدوان عن شعبنا... الفصائل لم تسمح للاحتلال بفرض معادلات جديدة».
وسط هذه التطورات، وصل المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الاوسط، نكيولاي ميلادنيوف، اليوم، إلى قطاع غزة من معبر «إيرز»، حيث من المفترض أن يعقد مؤتمراً صحافياً «لم يعرف مضمونه بعد»، وفق ما نقلته وكالة «الأناضول» عن مصدر في المعبر.

وزراء نتنياهو غير راضين عن «التهدئة»
وجه وزراء إسرائيليون، وأعضاء كنيست ورؤساء أحزاب صهيونية انتقادات حادة للتهدئة التي أُعلن عنها ليل أمس، بين المقاومة في غزة، وحكومة العدو.
وهاجم وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، وزعيم حزب «البيت اليهودي»، نفتالي بينت، وقف إطلاق النار، معتبراً أن «المعادلة التي من خلالها تفرض حركة حماس التهدئة هي خطأ كبير». وأضاف في حديثة إلى موقع «واللا» العبري، أنه «بعد شهرين من الحرائق وإطلاق مئات الصواريخ على سكان غلاف غزة، نصل إلى معادلة تفرض فيها حماس وقفاً لإطلاق النار... هذا خطأ كبير».
بينت الذي يعد أحد خصوم نتنياهو الأشداء، تابع قائلاً، إنه «أوضحت قبل شهرين أن ضبط النفس (الإسرائيلي) سيقود إلى تصعيد... ومن يضبط نفسه رغم انتهاك سيادته، إنما يكون بذلك قد فرض علينا حرب استنزاف دائمة وعلينا إصدار أمر للجيش للرد بقوة».
كذلك، اعتبر زعيم حزب «العمل»، آفي غباي، خلال زيارته له إلى مستوطنات الجنوب، أن «ما نشهده اليوم إنما هو نتيجة لفشل الكابينيت (المجلس الوزراري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية) في اتخاذ قرارات خلال السنوات الأربع الماضية».
وهاجم غباي نتنياهو ، معتبراً أن الأخير «منشغل بجلسات للكابينيت لا فائدة منها، ولا يفعل شيئاً، وكل ما يقوم به هو انتظار إطلاق الصواريخ من غزة لكي يأمر الجيش بالرد». وتوجه إلى نتنياهو بالقول: «لقد فشلت في توفير الأمن لسكان غلاف غزة. والآن... عليك الرحيل!».
أمّا زعيمة حزب «الحركة»، تسيبي ليفني، فقالت إن «نتنياهو فشل في الدفاع عن سكان غلاف غزة، وكذلك في التعامل مع حركة حماس». وأضافت أنه «من الواضح اليوم أن القوّة العسكرية مهمة، ولكن من خلال عملية سياسية ضد حماس يجري خلق واقع جديد يدوم مدّة طويلة... وبدلاً من الانجرار لمعركة، ومن ضبط النفس، المطلوب مبادة عسكرية ــ سياسية، توفّر حلاً طويل المدى، بدلاً من حكومة ارتجالية تعمل من أجل العلاقات العامة».
وانسحب الهجوم حتى في صفوف رؤساء بلديات المستوطنات الذين هاجموا أداء الحكومة والجيش، معتبرين أن الرد العسكري الذي قام به طيران العدو «لا يكفي... ويجب أن يكون أقسى».

«الكابينت» للجيش الإسرائيلي: اقصفوا مطلقي الطائرات الورقية
أصدر «المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغَّر للشؤون الأمنية والسياسية» (الكابينت)، عصر اليوم، تعليماته لجيش العدو الإسرائيلي بالرد عسكرياً على إطلاق البالونات والطائرات الورقية الحارقة من قطاع غزة.
جاء ذلك في اجتماع الكابينت الذي عُقد لمناقشة التصعيد العسكري الأخير في قطاع غزة، وحضره رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) نداف أرغمان، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، هرتسي هليفي. وخلص الاجتماع إلى تلقي قيادات الأجهزة الأمنية أوامر من القيادة السياسية «بالرد العسكري على كل إطلاق من قطاع غزة».
كذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي نشر المزيد من بطاريات «القبة الحديدية» (المنظومة المضادة للصواريخ القصيرة المدى) في المناطق المحيطة بتل أبيب، والمناطق الجنوبية المحيطة بقطاع غزة.
وفور إصدار قرار «الكابينت»، أُصيب فلسطينيان بعدما قصفت طائرة من دون طيار إسرائيلية مجموعة من مطلقي الطائرات الورقية والبالونات الحارقة شمال غزة. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة أشرف القدرة، إن «فلسطينيَّين اثنين أُصيبا بقصف إسرائيلي على بلدة بيت حانون».