لم تمضِ ساعات قليلة على اعتقال الشرطة الاسرائيلية، ليل الجمعة، النائب في الكنيست عن «القائمة العربية المشتركة»، باسل غطاس، حتى أقرّت «محكمة الصلح» في مدينة «ريشون لتسيون»، أمس، تمديد اعتقاله حتى الإثنين المقبل، بغية استكمال التحقيق معه، في ظل اتهامه بـ«إدخال هواتف نقالة لأسرى فلسطينيين في سجن كتسعوت».
بعد جولة من التحريض العنصري على لسان سياسيين وأمنيين إسرائيليين ووسائل إعلام عبرية، ضد غطاس (من حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»)، ثم سحب حصانتة البرلمانية إثر تصويت «لجنة الكنيست» بالإجماع، ها هو محتجز في سجن «أيالون» للتحقيق معه، فيما أتى قرار المحكمة بعدما طلبت الشرطة تمديد اعتقاله ستة أيام أخرى.
المحامية ليئا تسيمل، التي ترافع عن غطاس، اعترضت على قرار المحكمة، بالقول: «إذا كانت الشرطة على دراية بأن غطاس سيخالف القانون، فلماذا لم تمنعه من زيارة الأسرى أو حتى تطلب منه إظهار ما لديه»، في إشارة إلى الهواتف التي تدّعي الشرطة أنها كانت في حوزته وأدخلها أثناء زيارته الأخيرة إلى «كتسعوت»، «مستغلاً حصانته البرلمانية لتمريرها من دون الخضوع للتفتيش».
وبينما ادّعت شرطة الاحتلال أنها لم تفعل ذلك بسبب الحصانة البرلمانية، وأنه أدخل هواتف نقالة ورسائل مشفرة إلى الأسير وليد دقة، المحكوم بالمؤبد، أقرّ القاضي بأن الأوراق التي نقلها غطاس ليست رسائل أمنية، وأن ترجمتها الأولية أثبتت ذلك، ولم يكن فيها «أي مخالفة أمنية وفق القانون الإسرائيلي». وأضاف القاضي: «إننا لا نتحدث عن قضية أمنية بتاتاً».
من جهة أخرى، رأى المحامي نمير أدلبي، الذي يرافع عن غطاس أيضاً، أن الأخير أجاب عن أسئلة المحققين جميعها، لذلك «لا يوجد أي مبرر للاستمرار في اعتقاله، خصوصاً أنه يجري في ظل موجة تحريضية في الإعلام الاسرائيلي يمكن أن تؤثر في مجريات القضية».
واحتجز غطاس أولاً في معتقل «نيتسان» التابع لسجن «أيالون» في الرملة، ثم نقلته الشرطة الإسرائيلية إلى مكاتب وحدة «لاهاف 433»، وحققت معه لمدة ثلاث ساعات، قبل أن يعرض على المحكمة التي قررت تمديد اعتقاله. وهو كان قد توجه إلى الفلسطينيين في الداخل بفيديو مصوّر قال فيه إنه «قبِل رفع الحصانة البرلمانية عنه، وأن نشاطه الشخصي والبرلماني من أجل الأسرى هو نشاط ضميري إنساني وأخلاقي، وهو غير نادم على هذا النشاط». كذلك شدّد النائب العربي على أن نشاطه «لم يمس ما يسمى أمن الدولة أو أمن المواطنين»، مؤكداً في الوقت نفسه أن حصانته يستمدها من شعبه لا من الاحتلال.
في هذا الإطار، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر في شرطة الاحتلال قولها إن «اعتقاله يأتي بسبب الخشية من وجود نيّات لدى غطاس في التشويش على التحقيق»، مضيفة أن المحققين في وحدة «لاهف» أكدوا أنهم سيجرون تفتيشاً في منزله من أجل «الكشف عن الجهات التي أوصلت له الهواتف».
في غضون ذلك، قال حزب «التجمع» إن «اعتقال نائبه تعسفي وفصل خطير غير مسبوق في مسلسل الملاحقات السياسية ضد التجمّع بوجه خاص، وجزء من ملاحقة الأحزاب والجماهير العربية في الداخل عموماً. وأضاف البيان أننا في الحزب «نستمد شرعيّتنا وشرعيّة عملنا الوطني من شعبنا، وقضيّة الأسرى هي أيضاً قضيّة إنسانية، وهي محطّ إجماع كل القوى السياسية والوطنيّة».

بلغ التحريض الإعلامي مستويات عالية ضد النائب العربي وقائمته

أمّا وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الذي اتُّهم ومعه ثلاثون من أعضاء حزب «إسرائيل بيتنا» الذي يتزعمه في قضايا فساد ورشى ومخالفات جنائية، فقد كتب على صفحته في «فايسبوك» أن «التجمع و(القائمة) المشتركة يشكلان خطراً على أمن إسرائيل والديموقراطية». وأضاف ليبرمان: «غطاس ليس حالة فردية لعضو كنيست تجاوز الخطوط، وإنما التجمع بممارساته يعبّر عن الوجه الحقيقي للقائمة العربية المشتركة كلها». كذلك رأى أن «غطاس الذي على ما يبدو سيكون مكانه السجن، لن يتمكن من الترشح، وكذلك رفاقه الذين يستغلون الديموقراطية من أجل العمل من داخل الكنيست ضد الدولة وأمنها».
تأتي تصريحات ليبرمان في أعقاب أسبوع كامل لم تتوقف فيه أي من الجهات السياسية الإسرائيلية والإعلامية (المحسوبة على اليسار أو اليمين) عن التحريض ضد غطاس، حتى وصل الأمر ببعض الجهات الإعلامية إلى أن تعنون: «الشرطة تطارد غطاس المختفي»، فيما أشارت أخرى إلى أن الشرطة احتجزت جواز سفره تجنباً «لهربه إلى خارج البلاد كما فعل النائب السابق من الحزب نفسه، عزمي بشارة، الذي اتهم بأنه نقل معلومات أمنية إلى حزب الله في حرب تموز، وتلقى مقابلها مئات آلاف الدولارات».
في السياق نفسه، أكدت «القائمة العربية المشتركة»، التي تضم جميع الأحزاب العربية في الكنيست، أن قرار اعتقال غطاس «إجراء تعسفي غير مسبوق بحق عضو كنيست، لا سيما أنها المرة الأولى التي يطلب فيها المستشار القضائي للحكومة باعتقال عضو كنيست خلال التحقيق معه، علماً بأنه لم يفعل ذلك ضد أي عضو كنيست أو شخصية سياسية يهوديّة». وشددت «القائمة» في بيان أمس على أن «نضالها عادل و(هو) بوسائل ديموقراطية وقانونية، وهكذا ستواصل عملها»، مستنكرة «محاولات استغلال قضية غطاس لشنّ حملة تحريض ضد العرب، وللمسّ بالحقوق البرلمانية وحصانة أعضاء الكنيست، ومنعهم من زيارة الأسرى الفلسطينيين التي تتماثل مع مطالب وزير الداخلية الاسرائيلي غلعاد إردان».
(الأخبار)