بعد المواقف التي أدلى بها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، في اليوم الأول من مؤتمر هرتسيليا السابع عشر، الذي يجري تحت عنوان «ميزان الفرص والمخاطر على دولة إسرائيل»، تلاه اللواء احتياط عاموس غلعاد الذي حذّر من أن الجمهورية الإسلامية في إيران «لديها الوقت والتصميم، وهم يجهزون لإمكانية تدمير إسرائيل». ولفت غلعاد إلى أن التحالف الجديد الذي تبلوره إيران «يعطيهم القوة»، وتناول الاتفاق النووي الإيراني بالقول إنه منح طهران المزيد من الوقت للاستعداد، «وهم معنيون بجبهة جديدة في الجولان، ويعززون حزبللهتسان».
لكن غلعاد، الذي يترأس «معهد السياسات والاستراتيجية» وسلسلة مؤتمرات هرتسيليا، رأى أن هذا الاتفاق منح إسرائيل أيضاً «الوقت للاستعداد، نحن نجهز أنفسنا». لكنه تساءل عمّا إذا ستهاجم إسرائيل أم لا. وبيّن أنّ من الضروري القول إن «كل الخيارات على الطاولة»، لافتاً إلى أن «الأفضل لدولة إسرائيل أن تحافظ على الغموض»، خاصة أن «الردع لا يكفي؛ نحن بحاجة إلى استخبارات ممتازة في إسرائيل مصدرها الموساد والاستخبارات العسكرية (أمان)، لكن ذلك لا يكفي، فالإيرانيون أذكياء جداً، وبارعون أيضاً في مجال السايبر».
وأوضح اللواء احتياط، الذي شغل حتى العام الماضي رئاسة «الهيئة السياسية والأمنية» في وزارة الأمن الإسرائيلية، أن إيران «تشكل التهديد الأساسي ما دام (السيد) خامنئي على رأس النظام». وردّ على من يعتقد بأن النظام الإيراني سينهار لأن هناك أجواء تغيير وحرية، بالقول: «النظام الإيراني ليس لديه نية للاختفاء، وأنا أعتقد أنه سيبقى».

يعلون: المعسكر السُّنّي
الذي تقوده السعودية
معنا في المحور نفسه




أيضاً، توقف عند الاستراتيجية الإسرائيلية المضادة لمواجهة التهديد الإيراني، وهي بالتحالف مع أنظمة عربية، لافتاً إلى أنّ «في كل المنطقة العربية الكبيرة لدينا علاقات على مستويات مختلفة على أساس مواجهة إيران والإخوان المسلمين وداعش، مجتمعين»، لكنه وصف التهديد الإيراني بأنه المركزي لأنه مركب من «أيديولوجية متطرفة ترفض وجود إسرائيل وتملك التصميم على إنتاج أسلحة نووية».
غلعاد استطرد بالقول إن من سيحل بدلاً من «داعش» الذي في طريق الأفول، هو «التحالف الآخذ بالتبلور أمام أعيننا: إيران وحزب الله و(الرئيس بشار) الأسد وروسيا». وتابع أنه برغم العلاقات الجيدة بين إسرائيل وروسيا، لكن «لا تخطئوا، هي حليفة لهذا التحالف، وقد اتخذت قراراً استراتيجياً بدعم كل هذه المنظومة». كذلك، دعا غلعاد إلى تجنب الاستخفاف بالصواريخ التي أطلقتها إيران (على دير الزور السورية)، واصفاً ذلك بالحدث الذي ينطوي على أهمية، هي تجسيد لحقيقة أن طهران «تواصل سياسة التعاظم، وإسرائيل هي هدفها المركزي».
من جهة أخرى، وصف غلعاد، الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بأنه يقف على رأس التحالف العربي ــ السُّنّي مقابل التهديد الإيراني، شارحاً أن هذا التحالف ينعكس إيجاباً على إسرائيل، خاصة أن التهديد الإيراني هو الوحيد الذي يحمل في طياته تهديداً وجودياً علينا، خاصة إذا امتلكت أسلحة نووية. مع ذلك، شدد على أنه «في الشرق الأوسط الحالي لا أعتقد أنه إذا فرضت علينا المواجهة، يمكن القيام بعمل واسع ضد إيران من دون الولايات المتحدة... في رأيي هذا وهم».
على صعيد آخر، تطرق مدير وزارة الشؤون الاستخبارية، حجاي تسورئيل، إلى الوضع الاستراتيجي في سوريا ضمن سياق التهديد الإيراني، قائلاً: «ربما كان لدينا وقت للاستعداد للتهديد الإيراني، لكن ليس لدينا وقت لأن الإيرانيين يخلقون وقائع استراتيجية على الأرض». لكنه أقرّ بأن «التفكير في أننا كإسرائيل قادرون على مواجهة هذا وحدنا هو خطأ، نحن بحاجة دعم الدول الكبرى العالمية والإقليمية. وقبل كل شيء بحاجة إلى فهم أن هذا هو التهديد الاستراتيجي الأساسي: البرنامج النووي لديه مرتبة عالية في سلم الأولويات الإيراني».
وأوضح تسورئيل أنه «إذا أردنا الحديث عن إيران، يجب الحديث عن سوريا، فهي التمدد المركزي. لا يوجد مكان آخر في العالم يحتوي على هذا العدد من القوى السياسية في ساحة واحدة»، لافتاً إلى أن «الأمر الأهم في سوريا هو تعاظم إيران والمحور الشيعي... في الوقت الذي نتحدث فيه، الإيرانيون يعملون».
على النسق نفسه، رأى العميد احتياط إفرايم سنيه، الذي تولى سابقاً منصب نائب وزير الأمن، أن العنوان الأساسي اليوم بالنسبة إلى إسرائيل هو «ما الذي سنفعله لمواجهة التهديد المتعاظم والراديكالي من إيران»، مشيراً إلى أن إسرائيل ليس لديها جواب على 150 ألف صاروخ منتشرة في لبنان. وتساءل سنيه: «هل نحن مستعدون للتهديد الإيراني... الردع حرب منعها أفضل من الانتصار فيها».
في موضوع التحالف المستجد، أكد وزير الأمن السابق، موشيه يعلون، أن «المعسكر السني الذي تقوده السعودية هو معنا في المحور نفسه»، مضيفاً: «أقولها بوضوح: لدينا أعداء مشتركون وإيران هي العدو رقم واحد، وهناك الإخوان وعناصر الجهاد العالمي». ورأى يعلون أن علاقات إسرائيل مع الأردن ومصر، اللتين تربطهما بها اتفاقات سلام، تعززت على أساس المصالح المشتركة. وفي المقابل، تسعى إيران إلى «هيمنة إقليمية» وتناول «الاستثمار الناجح الذي توظفه في المنطقة»، كما يرى يعلون.
وكان آيزنكوت (رئيس الأركان) قد تناول في اليوم الأول من المؤتمر موضوع «التعاون بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة»، واصفاً إياه «بأنه آخذ بالتعمق» في السر والعلن، بل إن «جزءاً منه يجري في الوقت الحالي علناً». ودعا آيزنكوت إلى ضرورة «وقف تطور الصناعات العسكرية الإيرانية (الذي) يجب أن يكون هدفاً أمنياً لكل دول المنطقة حتى لا تصبح إيران مثل كوريا الشمالية»، مشدداً على أن إطلاق صواريخ باليستية إلى شرق سوريا ينطوي على دلالات خطيرة.
يُشار إلى أن فعاليات هذا المؤتمر تمتد إلى ثلاثة أيام بدأت من العشرين من الشهر الجاري وتنتهي اليوم، ويشارك فيه ما يزيد على مئة وثمانين شخصية سياسية وعسكرية وأمنية، فضلاً عن شخصيات أكاديمية وإعلامية وقانونية من إسرائيل وخارجها.