حذّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، من أن التهديد الأكبر المحدق بالجيش ليس تهديداً خارجياً، بل فقدان الجمهور الإسرائيلي الثقة به. ولكنه أقرّ أيضاً بأن «حزب الله يراكم قدراته الصاروخية الموجهة إلى إسرائيل وليس للقتال في سوريا، ويزداد مقاتلوه خبرة بفعل المشاركة في القتال في سوريا».آيزنكوت، الذي مثل أمام «لجنة الخارجية والأمن» في الكنيست، قال إن ظاهرة مسّ السياسيين بالجيش تكررت في قضايا عدة خلال الأشهر الأخيرة. وركز في كلامه على قضية الجندي القاتل في الخليل (أعدم جريحاً فلسطينياً ملقىً على الأرض)، التي «تحولت من محاكمة تجري داخل الجيش ضد جندي خالف الأوامر إلى قضية عامة يتناولها سياسيون كثيرون ويحاولون بها كسب الجمهور لغايات سياسية»، محذراً من أن هذا الأداء «يمسّ منظومة العلاقات بين الجيش والمجتمع».
ووصف رئيس الأركان جيشه بـ«بيت من زجاج» شفاف للمجتمع الإسرائيلي، ونتيجة ذلك تُسلط الأضواء على كل مشكلة يواجهها الجنود فوراً. مع ذلك، أكد أن الجيش يحظى بنسبة عالية من ثقة الجمهور، ولكنه شدد على أن «تزعزع ثقة الجمهور به مشكلة خطيرة تجعل من الصعب على الجيش تأدية دوره». ورأى، أيضاً، أن المواقف الأخيرة التي تناولت قضايا عملانية تخضع للفحص غير مرغوبة ولا تؤثر في المسارات الداخلية للجيش، لافتاً إلى أن «الكثير مما قيل لا علاقة له بالحقائق، بل قيل لأجندات لا علاقة للجيش بها». من ثم توجه إلى السياسيين بالقول: «من يُرد روح العصابة، فليقل ذلك».
صواريخ حزب الله موجهة إلى إسرائيل وليست للقتال في سوريا

آيزنكوت تطرق إلى الوضع الأمني في الضفة والانخفاض «الحاد» في حجم العمليات، مقابل من يتهمونه في الساحة الإسرائيلية بأنه لا يقوم بما يكفي في مواجهة «الإرهاب»، مؤكداً أن هذه المقولات لا علاقة لها بالواقع، ورافضاً مقولة أن «الجيش مترهل». وذكر في هذا المجال، أن الجيش اعتقل في الأشهر الأخيرة أكثر من 3200 فلسطيني، ووضع يده على 200 قطعة سلاح، ودمر نحو 20 مخرطة لإنتاج الوسائل القتالية، وقتل 166 شخصاً ضمن إطار «مكافحة الإرهاب»، زاعماً مقتل سبعة مدنيين أبرياء في خلال الفترة نفسها، فقط!
كذلك رأى آيزنكوت أنه في ضوء أداء الجيش والأجهزة الأمنية، هناك «فهم متزايد في الشارع الفلسطيني لعدم جدوى خيار الإرهاب»، مضيفاً: «لا شك في أن أحد العوامل الكابحة حقيقة أنه يوجد في الضفة 300 إلى 400 ألف، يتلقون رواتبهم بانتظام ولا يريدون تعريض ذلك للخطر، عبر الإرهاب».
في ما يتعلق بقطاع غزة، رأى رئيس الأركان أن «حماس تستغل السنتين منذ عملية الجرف الصامد لمراكمة قدراتها، وتعمل على كبح إطلاق الصواريخ التي تنفذ غالبيتها تنظيمات سلفية»، مؤكداً أن للطرفين (إسرائيل وحماس) مصلحة في المحافظة على الهدوء. ووصف الهدوء السائد مع القطاع بأنه «الأكثر استقراراً منذ 1968». وعن تهديد الأنفاق، أكد رصد أكثر من 1,2 مليار شيكل لتوفير رد على التهديد «التحت ــ أرضي»، إلى جانب 300 مليون شيكل لبناء الحاجز على حدود غزة (100 دولار = 382 شيقل).
من جهة أخرى، حاول آيزنكوت أن يكون متوازناً لدى تطرقه إلى حزب الله والجبهة الشمالية، فقال إن «مقاتلي حزب الله يراكمون خبرة في تفعيل القوة وإدارة القتال، ولكن هناك نسبة مئوية كبيرة منهم تقاتل في سوريا وخسائره كبيرة، وهو ما أدخل الحزب في أزمة استراتيجية عميقة»، من دون أن يوضح معالم هذه الأزمة، وفقاً لما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وأقر، في المقابل، بأن «مخزن صواريخ حزب الله يتعاظم، وليس موجهاً إلى القتال في سوريا»، في إشارة إلى أن وجهته قتال إسرائيل. لكنه عاد وأضاف: «نوعية القدرات الاستخبارية لإسرائيل في هذه القضية والقدرات العملانية تحسنت بما لا يقاس منذ حرب لبنان الثانية»، من دون الإشارة إلى حجم زيادة قوة حزب الله نسبة إلى عام 2006. وأوضح في الإطار نفسه أن «الجيش يعمل طوال الوقت من أجل الردع، وإبعاد التهديد، وهو في حالة جاهزية مرتفعة جداً، لمواجهة أي تطور محتمل».
في أعقاب كلام آيزنكوت، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن «لجنة الخارجية والأمن» صدّقت على اقتراح رئيس اللجنة، آفي ديختر، الذي أكد ضرورة الإبقاء على الجيش خارج السجال السياسي، وتمكينه من مواجهة التحديات دون عقبات.