strong>محمد بدير
تمارس السلطات الإسرائيلية سياسة ترانسفير مبرمجة بحق الفلسطينيين من سكان شرقي القدس المحتلة تهدف إلى عزلهم عن وسط المدينة من خلال إبقائهم وراء الجدار الذي تجندت المحكمة العليا أمس لإضفاء صفة الشرعية على خط مساره في منطقة الرام، رغم حيازة غالبية سكانها الهوية الإسرائيلية.
ورفضت المحكمة الإسرائيلية العليا أمس التماساً تقدم به سكان في ضاحية الرام شمالي القدس الشرقية طالبوا فيه بوقف بناء جدار الفصل وسط الشارع في ضاحيتهم. ورأى قرار المحكمة، الذي صدر بغالبية ثمانية قضاة في مقابل قاضية واحدة معارضة، أن الجدار بمساره المقرر يبرر الأضرار التي سيلحقها بالسكان الفلسطينيين في المنطقة لأنه يُبنى بدافع احتياجات عسكرية تهدف إلى حماية سكان إسرائيل عموماً، والقدس الغربية خصوصاً، من عمليات «إرهابية» تنطلق من الضفة الغربية.
ورأى القرار، الذي كتبه رئيس المحكمة المنتهية ولايته أهارون باراك، أن العرقلة التي سيلحقها الجدار بالفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ممن سيبقون في الجانب الآخر منه مبررة، لأنه سيكون لدى هؤلاءِ «إمكان وصول معقولة إلى القدس عبر معابر مقبولة في الجدار»، علماً بأن الانتقال بين طرفي الشارع الذي يقطعه الجدار في الرام أصبح يستغرق أكثر من ساعة، فضلاً عن أن سكان المنطقة سيكونون معزولين عملياً عن الخدمات الحيوية التي يقدمها وسط المدينة.
وكانت صحيفة «هآرتس» كشفت أمس تفاصيل تتعلق بمخطط اسرائيلي يرمي الى تهجير غير مباشر للسكان المقدسيين عن عدد من أحياء القدس الشرقية، من خلال عرقلة حياتهم وتشويشها، مشيرة إلى أن الجدار يشكل مدخلاً اساسياً في المخطط الإسرائيلي الجديد.
وقالت الصحيفة إن الجدار الفاصل في القدس المحتلة، يفرض على المقيمين الفلسطينيين من أهل المدينة تغييراً في نسيج العلاقات بين سكان القدس وسكان الضواحي، بل أيضاً في نسيج العلاقات داخل المدينة نفسها، وخاصة أن 60 ألفاً من الفلسطينيين داخل الحدود البلدية للقدس أصبحوا خارج الجدار القائم، وبالتالي يصعب على هؤلاء الوصول الى المراكز التعليمية وأماكن العمل والمراكز الصحية، بل إن زيارة الأقارب في أحياء أخرى في المدينة أصبحت تتطلب اجتياز الحواجز القائمة على الجدار، التي يعمد الجيش الإسرائيلي أحياناً الى إغلاقها في وجوههم.
وأشارت الصحيفة الى أن إقامة الجدار جعلت سكان عدد من أحياء المدينة في شمال شرقي القدس من دون مؤسسات عامة، وهو ما دفع الحكومة الاسرائيلية الى تأسيس دائرة خاصة في تموز عام 2005، تعمل على تأمين حاجيات السكان المعزولين، وهي دائرة تشرف عليها بلدية القدس وتحت وصاية ديوان رئيس الحكومة مباشرة.