«هآرتس» ــ شموئيل روزنر
.. إذا كانت أوسلو قمة الأمل، وكامب ديفيد قمة اليأس، فستكون أنابوليس قمة الخوف: إيران «خطيرة»، تهريب السلاح الى غزة هو مصدر «للقلق»، وهناك خوف من «انسداد نافذة الفرص»، الذي ستتلوه عملية التحول «الراديكالي» في السياسة الفلسطينية، التأثير الإيراني في الإرهابيين الفلسطينيين هو كذلك «مقلق جداً». كلها تحذيرات صدرت على لسان وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس خلال لقائها أعضاء لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ في الأسبوع الماضي.
وهكذا إذاً يتبين أن الوقود المحرك لقمة أنابوليس ليس الاعتقاد ولا الإيمان باحتمالية النجاح، بل هو الخوف المشترك من الفشل. لهذا الخوف وجوه كثيرة. مصادر فلسطينية تحذر من عقد قمة لا ترقى إلى مستوى التوقعات، وتدفع محمود عباس الى الاستقالة، التي ستتلوها حالة من الفوضى السلطوية. أطراف استخبارية إسرائيلية تحذر بدورها من تغلغل «حماس» الى الضفة. الأردنيون قلقون ويعتقدون بأن «حماس» في الضفة تعني انزلاق الثورة الحماسية الى المملكة الهاشمية.
هذه وغيرها من المتغيرات تركب بازل المخاوف الأميركية. ما تدعوه رايس «السياق» هو في الواقع «الارتباط» القديم بين المشكلات ولكن بغطاء دقيق. نظرية الارتباط التي تربط نتائج الوساطة في الساحة الفلسطينية ـــــ الاسرائيلية بالآثار المحتملة لذلك في أرجاء الشرق الأوسط. «حماس» هي طرف صغير نسبياً وثانوي في محور الشر الذي يقع رأسه في طهران ورقبته في دمشق وأرجله مغروسة في تحصينات حزب الله وراء الليطاني. رايس، التي تعود أيام دراستها إلى نظرية الحرب الباردة، تتبنى الآن أمثلة الدومينو. غزة التي سقطت هي حجر قد يسقط الحجارة التالية. المعركة التي تديرها من أجل عباس هي معركة وقائية كابحة من ذلك الطراز.
الخوف من الفشل هو محرك قوي، ولكنه يتميز بنواقص كثيرة. هو يُصعِّب على القادة إبراز تصور إيجابي للجمهور، تصور من «الأمل»، والنتيجة هي برود ولامبالاة شعبية إزاء الخطوات التحضيرية للمؤتمر.
رايس، التي تحاول دفع الفلسطينيين الى ملاحظة وتشخيص التهديد الكامن في فشل مساعيها، ملزمة في المقابل بإزالة مخاوفهم من الإدارة التي تمثلها هي نفسها. إذا اختارت التصادم الحقيقي أو الوهمي مع اسرائيل، فسيكون ذلك أحد الأسباب لهذا التصادم ـــــ ولكن كل ما ستحصل عليه هو قلب الهرم من ارتياب فلسطيني ليتحول الى ارتياب اسرائيلي يتزايد من تلقاء نفسه أصلاً. استطلاع «مقياس السلام» قد أفاد بأن «عدد المعارضين في الجمهور اليهودي لاقتراح إعطاء الولايات المتحدة صلاحية التحكيم، أكثر من المؤيدين، إذا وصلت المداولات الى طريق مسدود، واقتضت تحديد التنازلات التي يتوجب على كل طرف أن يقدمها».
هذا بالضبط الخط الذي ستحتاج رايس، إذا قررت اجتيازه، الى دعم جديد من الرئيس بوش.