واشنطن ــ محمد سعيد
تشيني وفريقه يدفعان إلى تغيير السياسة تجاه دمشق وبيونغ يانغ... ورايس وغيتس غير مقتنعين


أثارت الغارة الإسرائيلية على الأراضي السورية الشهر الماضي جدلاً في الإدارة الأميركية حول مدى أهمية المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية التي أدت إلى الغارة، ما إذا كانت المعلومات قاطعة بما يكفي لتبرير التصرف العسكري الذي اتخذته إسرائيل وإعادة التفكير ربما في سياسة أميركا تجاه الدولتين.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني وصقور المحافظين الجدد في حكومة بوش يرون أن المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية، التي تدّعي بأن سوريا بدأت تعمل للحصول على مكونات برنامج نووي من كوريا الشمالية، تتمتع بالصدقية ويجادلون بضرورة أن تدفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في العروض الدبلوماسية المقدمة إلى سوريا وكوريا الشمالية. فيما تقول وزيرة الخارجية كوندوليسا رايس وحلفاؤها داخل حكومة بوش بأنهم لا يعتقدون أن المعلومات الإسرائيلية ستحدث أي تغيير في النهج الدبلوماسي الأميركي تجاه البلدين.
وقال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة أقنعت إسرائيل بضرورة «مواجهة سوريا قبل مهاجمتها»، وعزا ذلك إلى الخشية من النتائج التي ستترتب على المنطقة نتيجة أي هجوم إسرائيلي على سوريا بسبب معلومات استخبارية غير صحيحة، كما هي الحال في العراق.
كما أن وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس يتخذ موقفاً حذراً تجاه القبول بالمعلومات الاستخبارية الإسرائيلية، بأن سوريا وصلت إلى مسار قد يقودها إلى امتلاك سلاح نووي، فيما يبقى مسؤولون آخرون في الإدارة غير مقتنعين بأن برنامجاً نووياً سورياً ناشئاً قد يشكل أي تهديد فوري.
وتمكن مسؤولون عسكريون وسياسيون أميركيون من إقناع الإسرائيليين بتأجيل الغارة، التي كانت مقررة في تموز الماضي. غير أن الإسرائيليين شعروا في أيلول الماضي بالقلق من احتمال تسرب المعلومات عن الموقع النووي المزعوم وقاموا بتنفيذ الغارة على الرغم من التحفظات الأميركية.
ونقلت الصحيفة عن «محلل أمني خبير في شؤون الشرق الأوسط» قوله إن مسؤولون أتراك نقلوا إلى دمشق ملفاً إسرائيلياً حول ما يعتقدون أنه برنامج نووي سوري. وأضاف إن المسؤولين السوريين نفوا بشدة المعلومات وقالوا إن ما استهدفته الغارة الإسرائيلية لم يكن سوى مستودع للصواريخ الاستراتيجية.
وقال بروس رايدل، الخبير في وكالة المخابرات المركزية ومجلس الأمن القومي الذي يتولى حالياً منصب الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد بروكينغز في واشنطن، إن وكالات الاستخبارات الأميركية ظلت حذرة في استنتاج خلاصات قاسية حول أهمية المعلومات المتعلقة بنشاطات مشبوهة في الموقع السوري.
ومع ذلك، قال رايدل إن «إسرائيل لم تكن لتشن الغارة على سوريا لو لم تكن تعتقد جازمة أن دمشق تقوم بتطوير برنامج متطور للصواريخ الباليستية أو الأسلحة الكيمائية في الموقع».
وقال مسؤول استخباري سابق إن سوريا كانت تحاول تطوير ما يدعى قدرة «تفجير جوية» لصواريخها الباليستية. وتتيح مثل هذه التقنية لسوريا تفجير الرؤوس الحربية في الهواء لنشر المواد التي يحتوي عليها الرأس الحربي على أكبر مساحة ممكنة.
إلى ذلك، قالت «نيويورك تايمز» إن تشيني وحلفاءه عبّروا عن انزعاجهم من قرار بوش ورايس الأسبوع الماضي المضي قدماً في تنفيذ الاتفاق الخاص بكوريا الشمالية، الذي يتضمّن تزويدها بمساعدات اقتصادية ونفطية وضمانات دبلوماسية لقاء تفكيك مفاعلها النووي. ويجادل معسكر تشيني بأن المعلومات لدى الاستخبارية الإسرائيلية تثبت أنه لا يمكن الوثوق بكوريا الشمالية، كما دعوا إلى ضرورة عدم تنفيذ الاتفاق حتى تعترف كوريا الشمالية بتعاملها النووي مع سوريا.
ودفع نفي سوريا وكوريا الشمالية الادعاءات الإسرائيلية رايس ومساعدها لشؤون جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ كريستوفر هيل، خلال اجتماع في البيت الأبيض بحضور بوش وتشيني مستشار بوش للأمن القومي ستيفن هادلي، إلى القول إن «الولايات المتحدة أمام خيارين إما المضي بتنفيذ الاتفاق كوسيلة لإعادة كوريا الشمالية إلى الساحة الدبلوماسية وتقديم حوافز لها لوقف نشر تكنولوجيتها النووية، أو العودة إلى استراتيجية العزل السابقة التي ستساهم في دفع كوريا الشمالية إلى مواصلة برنامج التسلح النووي ومزيد من التجارب النووية».