وضع زعماء متخلّفون، لا يتعاطون غير العنتريات، أرزة في وسط علم لبنان. إذا كان ثمة شجرة تستحق أن تحتلّ قلب ذاك العلم، فهي شجرة التوت التي أوجدت شعب لبنان، وأخرجت هذه البلاد من العدم الديموغرافي للقرون المملوكية والعثمانية. ثمة إجماع بين الباحثين على أنّ البداية الفعلية لاقتصاد الحرير كانت في مطلع القرن السابع عشر، مع الأمير فخر الدين الثاني. ومنذ ذلك التاريخ، لا تخلو رواية للأحداث «السياسية» من ذكر أشجار التوت. فحين كان المقاطعجية يتقاتلون، كان الواحد منهم يقطع الأشجار الواقعة في «إقطاع» غريمه. وتذكر المؤرخة إيرينا سميليانسكايا أنّ مشاغل النسيج المزدهرة في دمشق، في القرن السابع عشر، كانت تستخدم الحرير الخام اللبناني. وخلال القرن الثامن عشر، كان جزء من إنتاج الحرير يصدّر إلى فرنسا. وخلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، كان جزء فقط من الحرير الخام يصدّر إلى الخارج (سميليانسكايا، 1966: 229-230). أي أنّه حتى ذلك التاريخ، كان ثمة سوق محلية وتبادل للمنتجات بين مناطق المشرق العربي، وفق تخصّص كلّ منها.ثم جاءت المعاهدة التي وقّعها العثمانيون مع الإنكليز في 1838، وأرست حالة حرية تبادل شبه كاملة لمصلحة الأوروبيين، وخصوصاً لجهة رفع العوائق على التصدير (عيساوي، 1966: 38)، وصولاً إلى إلغائها بالكامل بعد 1861 (داغر، 2010)، فباتت مناطق السلطنة تصدّر المواد الأولية الزراعية إلى أوروبا، وتستورد السلع الإنكليزية المصنّعة. أما حصة جبل لبنان، فكانت تخصّصاً شبه كامل بإنتاج الحرير الخام لمصلحة السوق الفرنسية، ابتداءً من 1841. وستشهد الحقبة اللاحقة، أي العقدان الفاصلان عن مذابح 1860، نمواً منقطع النظير لهذا الإنتاج.
لكن ذلك التخصّص دخل حالة أزمة ابتداءً من سبعينيات ذلك القرن، نجمت عن تراجع الأسعار الدولية للحرير، ومنافسة منتجين آخرين في السوق الدولية. تجلّت الأزمة بضعف المداخيل المحقّقة من إنتاج الحرير، وبعدم قدرة الاقتصاد على توفير عمل لليد العاملة المحلية، علماً بأنّ المتصرفية كانت توفر 75 بالمئة من إنتاج المشرق العربي كلّه من الحرير، وأنّ أراضيها حوت آنذاك 28 مليون شجرة توت (شهاب، 1968: 3).
كان الناس يدفعون القليل من الضرائب في المتصرفية، لكن الدولة لم تكن تفعل شيئاً لهم، وقد تركتهم تحت رحمة تجار بيروت، الذين ذهبوا إلى حد منع تطوير بديل محلي من بيوض القز المستوردة. يستغرب الباحث تقريظ تلك الأخيرة ونظامها الذي يصادفه عند الكثيرين. وقد مثلت تجربة اليابان حينذاك، نقيض سياسة «اليد المرفوعة» التي اعتمدتها دولة المتصرفية. وقّعت اليابان هي الأخرى، مرغمة، اتفاقية تجارية مع إنكلترا في 1858، ألغت حريتها في استخدام السياسة الجمركية لحماية سوقها المحلية. وأطلقت القطاعات الأكثر تنوّراً من النخبة، تحت وطأة التهديد الأوروبي لليابان، ثورة تحديثية «من فوق». وطبقت قاعدة أنّ «الزراعة تموّل الصناعة» (موريشيما، 1982: 86 ــ 87 و98). وموّلت عملية التحديث الصناعي التي شرعت بها بموارد وفّرت صادرات الحرير قسماً منها. أمكن تحقيق ذلك لأنّ البيروقراطية الحكومية الشديدة الفعالية تولّت تحسين إنتاجية القطاع الزراعي، وجعله الأقدر على المنافسة في الأسواق الدولية.
عكست الهجرة الوضع الاقتصادي المأزوم في المتصرفية. بلغ عدد المهاجرين من سوريا ولبنان بين 1860 و1914، 330 ألفاً. وارتفع العدد إلى حدّه الأقصى خلال 1900 ــ 1914، فكان العدد السنوي للمهاجرين 15 ألفاً ( عيساوي، 1966: 269)، ثلثاهم لبنانيون (عيساوي ودبزياس، 1951: 386). وبلغ مجموع المهاجرين من المتصرفية 100 ألف خلال الفترة المذكورة، أو ما يوازي ربع سكان هذه الأخيرة، البالغين 422 ألفاً. مثّل المهاجرون من ثلاثة أقضية، هي البترون وكسروان والمتن، أكثر من 60 بالمئة من المجموع. وبلغ عدد المهاجرين من زحلة ما يوازي 42 بالمئة من المقيمين. أما من كانوا يعودون من المهاجرين، فكانوا يشترون أرضاً، كانت أسعارها ضمن المتصرفية ضعف ما هي عليه خارجها، أو يبنون بيتاً بقرميد. وفي أحد التقديرات، أنّ التحويلات مثلت حصّة من الدخل العام أعلى من دخل الحرير (عيساوي، 1966: 270-271).
وقد رأى بعض مثقفي الموارنة مثل بولس نجيم وغيره، أنّ توسيع نطاق المتصرفية ليشمل المناطق المحيطة بها، هو الحل لمشكلة نقص العمل والبطالة في صفوف أبناء جبل لبنان. وهو خيار انطوى على جهل كامل بتجارب البلدان الأخرى التي نجحت في التحوّل إلى اقتصادات منتجة حديثة، حين تدخّلت الدولة بطرق مختلفة لدعم المنتجين.
الريف خلال حقبة الانتداب
تبيّن كارولين غايتس أنّ حقبة ما بعد الخروج من الحرب الأولى عرفت عودة إلى اقتصاد الحرير. وعند إنشاء الكيان، كان ثمة 630 ألف لبناني، ثلثاهم يعيشون من الزراعة. لكن إنتاج الحرير لم يتجاوز، خلال العشرينيات، ثلثي مستواه لما قبل الحرب (غايتس، 1998: 24). وقد أزهقت المجاعة التي ضربت لبنان خلال سنوات 1915 ــ 1917، وتعمّد الحلفاء افتعالها، من خلال الحصار الذي ضربوه على السواحل، أرواح نحو نصف السكان.
وقد أضاف لبنان الكبير 140 ألف هكتار من الأراضي الزراعية إلى الـ 80 ألف هكتار التي كانت مزروعة ضمن إطار المتصرفية (غايتس: 24). كان الإنتاج الأهم في البقاع وعكار هو الحبوب، وخصوصاً القمح والشعير والذرة. أما في الجنوب، فكان التبغ هو الأهم (خوري، 1938: 81) .
وإذا كان لبنان قد استمرّ حتى مطلع عقد الثلاثينيات ينتج حريراً، فإنّ أزمة الكساد العالمي الكبرى خلال ذلك العقد، وما نجم عنها من انهيار للأسعار وتوقّف للتصدير، دفعت المنتجين إلى التخلي عن ذلك القطاع بالكامل. ترك الناس الأراضي التي استصلحوها لزراعة التوت تبور. ينقل روجر أوين لنا تلك النهاية. لكن حتى عنده، هناك سرد للوقائع ينقطع في مرحلة ما وفجأة، لمصلحة خلاصة مخيّبة من نوع أنّ الناس حاولوا أن يعوّضوا انهيار قطاع الحرير بالتعويل على التحويلات والعمل في قطاع السياحة (أوين، 1998: 68).
ماذا كانت الإدارة العامة الوطنية والانتدابية تفعل في تلك الأثناء؟ كان مبدأ الدولة الليبرالية التي ترفض تحمّل أيّ عجوزات في الموازنة مهما تكن الأسباب، هو المعمول به. أي لم يكن ممكناً التعويل على الدولة لاعتماد سياسة دعم للمنتجين من أي نوع. كان على هؤلاء أن ينتزعوا شوكهم بأيديهم. اقتصرت مبادرات الدولة آنذاك على توقيع اتفاقية مع مصرف سوريا ولبنان، وإنشاء بنك التسليف الزراعي والصناعي والعقاري في 1937 و1938، لتوفير قروض للمزارعين. وقال الخبراء الفرنسيون آنذاك، إنّه كان بالإمكان زيادة مساحة الأراضي المزروعة أكثر من الضعف، فتنتقل من 230 ألف هكتار إلى 560 ألف هكتار (غايتس: 45).
رسم هاشيموتو، وهو أحد تلامذة ألبرت حوراني في جامعة أوكسفورد، صورة الهجرة من البداية، وصولاً إلى حقبة ما بين الحربين (هاشيموتو، 1992: 65-107) مستخدماً استقصاءات الإدارة الانتدابية. بدت تلك الهجرة «فريدة»، لجهة حجمها ونسبتها إلى عدد السكان (ص 65). وفي 1930، كان ثمة أكثر من نصف مليون لبناني مهاجر (ص 76)، مقابل 855 ألف مقيم، وفقاً لإحصاء 1932. كانت غالبية المهاجرين في الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين، وكانوا يتوزعون على أكثر من 46 بلداً. رأى هاشيموتو أنّ الهجرة اللبنانية كانت مصحوبة على الدوام بإمكان العودة إلى البلد الأم (reversible migration). وأعطى أمثلة عن عودة كثيفة للمهاجرين، كما حصل في سنتي 1908 و1909، فمثّل العائدون من الولايات المتحدة ما يوازي 95 بالمئة من الذين هاجروا خلالهما، وفي سنوات 1929 ــ 1933، التي شهدت الانهيار الاقتصادي الكبير في بلدان الاغتراب، وكان العائدون خلالها يوازون 49 بالمئة ممن يهاجرون (ص 66 و76). وفي نص هاشيموتو وقائع تتناول إصدار بعض الدول تشريعات تحظر دخول اللبنانيين بالتحديد إلى بلدانها، وتظهر هؤلاء ينتقلون من مكان إلى آخر بحثاً عن بلد يؤويهم.
الحرب العالمية الثانية
كانت حقبة الحرب فترة نمو للإنتاج الزراعي، بسبب توقّف الاستيراد وارتفاع الطلب على السلع الغذائية العائد لوجود الجيوش الحليفة في لبنان وسوريا. لم يدفع ذلك الظرف المناسب إلى إعادة هيكلة الإنتاج لجهة زيادة الحيازات وتوسيعها ورفع إنتاجيتها. ذكرت غايتس أنّ الوسطاء كانوا يبيعون المحاصيل بـ 3 أضعاف السعر الذي يدفعونه للمنتج، وأنّ الغالبية الساحقة من المنتجين لم تكن تملك إمكان اللجوء إلى القروض المصرفية. لم تجد السلطات الانتدابية لمواجهة تسلّط الوسطاء على المنتجين سوى تشجيع هؤلاء على إنشاء تعاونيات زراعية (غايتس، 1998: 44).
الريف خلال العقد الاستقلالي الأول
لعل العرض الأفضل للوضع الديموغرافي آنذاك، هو الذي حققه عيساوي ودبزياس. كانت نسبة أهل الريف إلى عموم السكان هي 40 بالمئة إلى 70 بالمئة، حسب التقديرات. وكان عددهم 600 ألف في 1948، أو نحو 120 ألف عائلة فلاحية (عيساوي ودبزياس، 1951: 395). رسمت دورين وارينر صورة الريف، في ذلك العقد، من خلال المقارنة بين ثلاث مناطق زراعية تقليدية في سوريا ولبنان آنذاك. كان التفاوت الكبير في ملكية الأرض هو سبب الفقر المدقع في سوريا، في حين أنّ ندرة الأرض كانت سبب ذلك الفقر في ريف لبنان، أو الأصح عدم وجود استثمارات من أي نوع تتناول تطوير الزراعة، بما في ذلك تلك التي يمكن أن يحققها مزارعون ميسورون. كان الحل الوحيد للمزارعين الفقراء هو ترك الريف (وارينر، 1948: 91). وقد طاولت الهجرة أربعة إلى خمسة آلاف لبناني في 1950 (عيساوي ودبزياس، 1951: 387).
وعند الكثيرين أنّ العقد الأول من الاستقلال هو حقبة التحوّل من اقتصاد الكفاف زراعياً إلى إنتاج السلع المعدة للتصدير، وخصوصاً الفواكه والخضار. حدّدت غايتس مشكلة القطاع الزراعي آنذاك بـ: 1) ضعف شبكة الري وضآلة مساحة الزراعات المروية؛ 2) عدم وجود شبكة طرق ومواصلات كعائق أمام نشوء سوق زراعية، وهو ما كان قد أشار إليه خبراء فرنسيون كفولرس (Weulersse) منذ الثلاثينيات (غايتس، 1998: 25 و130).
وقد رصدت الحكومات الاستقلالية الأولى مبالغ للري والمواصلات. لكن المبدأ المحدّد لتعاطيها مع المشكلات، التي يطرحها إنماء الريف، تمثّل بموقف متصلّب لجهة الحفاظ على توازن الموازنة العامة. حكم ذلك المبدأ تعاطيها مع دورها التنموي. تقول غايتس إنّ الدولة عوّلت، نتيجة ذلك الموقف، على القطاع الخاص المحلي، وعلى الاستثمار الأجنبي المباشر للقيام بمتطلبات وأعباء التنمية (غايتس، 1998: 102-108).
أما في مجال التسليف، فقد أظهر الاستقصاء الذي أجرته الجامعة الأميركية في جنوب البقاع، في بداية الخمسينيات، وطال 146 حيازة في 8 قرى، أنّ 80 إلى 90 بالمئة من القروض كان مصدرها المصارف الخاصة التي كانت تقرض بفوائد تساوي 18 بالمئة، أو المرابين والملاكين الكبار أنفسهم الذين كانوا يسلّفون أصحاب الحيازات بفوائد تصل إلى 25 ــ 30 بالمئة. وقد بلغ إجمالي الدين المترتب على المنتجين في العيّنة المستقصاة 30 بالمئة من الناتج (غايتس: 131 ــ 133). أما قروض الدولة، فكانت تذهب إلى ملّاكي الأرض الكبار، وتُضعِف قدرة تلك المؤسسات على متابعة أعمالها، لأنّ المستفيدين منها كانوا متنفذين سياسياً، ولا يسدّدون القروض التي استلفوها. أما في باب المراهنة على الاستثمار الأجنبي، فقد سردت غايتس قصة الهبة الأميركية التي حصل عليها لبنان في 1950، بموجب برنامج النقطة الرابعة للرئيس ترومان، وبلغت 34.5 مليون دولار. وقد فرضت الجهة الواهبة شروطاً لاستخدامها، منها إنشاء جهاز بيروقرطي من الخبراء الأميركيين لإدارتها، بلغ 50 شخصاً، «كان الأكبر آنذاك بين أمثاله في العالم». وقد جعلت تلك الشروط الدولة اللبنانية تتخلى عن مشاريع تطوير البنى التحتية بواسطة تلك الهبة (غايتس: 102).
تجدر الإشارة الى أنّ الولايات المتحدة نفسها كانت في تلك الأثناء، وبدءاً من الثلاثينيات، قد اعتمدت سياسات زراعية تحت إشراف الدولة (state-led agricultural development)، تمثّلت بتمويل الأبحاث الزراعية واستصلاح الأراضي وإقامة البنى التحتية للري. وهي أنشأت مؤسسات مالية لتوفير قروض ميسّرة للمزارعين. كما شجعت البلدان التي كانت تهمها ضمن إطار الحرب الباردة، على تطبيق سياسات إصلاح زراعي بمصادرة أملاك الملاكين الكبار وإعادة توزيع الملكية (شانغ، 2009: 2).
اختصرت غايتس السياسة التنموية للدولة بأنّها هدفت إلى تطوير قطاعات النقل الخارجي والاتصالات، تماشياً مع التوجّه القاضي بتعزيز دور لبنان كاقتصاد خدمات. وقد طالت الاستثمارات توسيع مرفأ بيروت، ليتاح له القيام بدور أكبر في ميدان التجارة المثلثة، وتطوير مطار خلدة، الذي كان الإنجاز الأهم للدولة، خلال عقدي الأربعينيات والخمسينيات، وتطوير شبكة التلفون التي ارتفع عدد المشتركين فيها من 15 ألفاً إلى 40 ألفاً. لكن حتى عندها، لا تظهر مأساة الريف بوضوح. عرضت الباحثة في آن معاً أوضاع قطاعين في الزراعة، هما القطاع التقليدي المكوّن من المزارعين الصغار، والقطاع الحديث المكوّن من الاستثمارات الزراعية الكبيرة. طغى الكلام عن القطاع الحديث، مقفلاً الباب على ما يتعلّق بغالبية أهل الريف الساحقة (غايتس: 134 ــ 135).
تعاطي الدولة اللبنانية مع الريف منذ الخمسينيات حتى 1975
يمكن اختصار كلّ التجربة اللبنانية، منذ نشوء الكيان، وصولاً إلى اليوم بأربعة عناوين: 1) اعتماد نموذج الدولة الليبرالية، بمعنى الالتزام بتوازن المالية العامة، وعدم السماح بأن يتجاوز الإنفاق العام الموارد المحصّلة؛ 2) اعتماد سياسة «اليد المرفوعة»، بمعنى جعل القطاع الخاص مسؤولاً عن النمو، ورفع أية مسؤولية عن كاهل الدولة على ذاك الصعيد؛ 3) اعتماد حرية التبادل مع الخارج، بمعنى عدم وضع عوائق على حركتي الاستيراد والتصدير، وعلى حركة الرساميل، دخولاً وخروجاً، وعلى حرية تحويل العملات (داغر، 2010)؛ 4) إعطاء الأولوية لمصالح أصحاب الريوع المالية، على حساب مصالح الرأسماليين الصناعيين والمنتجين عموماً (داغر، 2008). عكست خصائص النموذج اللبناني تلك، مصالح وأفكار النخب السياسية والاقتصادية المستفيدة منه، وأسلوب الحكم في لبنان.
(أ) أولوية أصحاب الريوع المالية
لم تستدن الدولة طوال الفترة الممتدة حتى آخر الستينيات سوى مرّة واحدة، في 1949، لتعويض انخفاض تغطية الليرة اللبنانية، بعد خفض سعر صرف الفرنك الفرنسي في 1948، وذلك للحفاظ على ثبات سعر صرف الليرة، الذي يعوّل عليه لاستقطاب المودعين والتوظيفات المالية. واستمرت حتى الثمانينيات في تسديد أقساط ذلك القرض. واقترحت الخطة الخمسية الأولى في 1958، بيع السرايا الكبيرة وقصر العدل، لتمويل بناء مجمّع حكومي جديد، لكي لا يؤدي الإنفاق العام إلى إصدار نقدي يؤثر سلباً على سعر صرف الليرة. ومنذ الخمسينيات حتى مطلع الثمانينيات، كان سعر صرف الليرة عرضة للتحسّن على الدوام، لا التدهور (داغر، 2005: 86).
(ب) حرية التبادل
كانت الدولة اللبنانية الوحيدة بين البلدان النامية التي اعتمدت سعر صرف مرتفع لعملتها (2.20 ل.ل./د.)، استخدمته لاحتساب قيمة المستوردات من السلع الاستهلاكية بالليرة. أدى ذلك إلى خفض الرسوم الجمركية التي يسدّدها مستوردو تلك السلع بنسبة الثلث، وتشجيعهم على الاستيراد. أما بلدان العالم الثالث الأخرى، فقد اعتمدت ابتداءً من الخمسينيات، سياسات حمائية وأسعار صرف مرتفعة لعملاتها، بهدف خفض كلفة استيراد المدخلات الصناعية والسلع الترسملية التي يحتاج إليها الصناعيون المحليون، وكأداة تشجيع للاستثمار (بريتون، 1998).
(ج) مبدأ الدولة الليبرالية وسياسة فوائض الموازنة
بيّن تقرير الأونروا في 1956، أنّ تنفيذ الموازنات السنوية للدولة خلال فترة 1923 ــ 1943، لم يُظهر أي عجز. فسّر روجر أوين ذلك برغبة السلطة الانتدابية في عدم تحمّل أيّة أعباء ترتبها إدارة البلدان المستعمَرة. وعكست تجربة الدولة بعد الاستقلال، من 1943 إلى 1962، التزاماً دقيقاً بهذا المبدأ. بل أكثر من ذلك، اعتمدت دولة الاستقلال قاعدة تحقيق فوائض في الموازنات السنوية على امتداد الحقبة (داغر، 1995: 37-52).
خُصِّص «احتياطي الموازنة»، أي الفوائض السنوية المتراكمة، لتمويل «الصناديق المستقلة للأشغال العامة» التي كانت تتولى الإنفاق التنموي. اشترت الدولة بالمبالغ التي أنفقتها الامتيازات الأجنبية التي كانت توفر خدمات عامة، أي الترامواي وسكك الحديد والتليفون وكهرباء بيروت ومياه بيروت. وورد في مشروع الخطة الخمسية الأولى الذي أُنجز في 1958، أنّ مشاريع الري لم تكن تغطي آنذاك إلا 6 بالمئة من المساحات المزروعة، وأنّ الكهرباء كانت موفّرة لـ300 تجمّع سكني فقط، من أصل 1600 بلدة في لبنان، وأنّ شبكة الكهرباء لم تكن تغطي سوى 20 بالمئة من مساحة لبنان، بعد 50 سنة على دخول الكهرباء إليه (داغر: 42). وكانت 70 بالمئة من قرى وبلدات لبنان محرومة من مياه الشفة في 1956. وأظهرت بعثة إيرفد الأولى، أنّ 600 بلدة من أصل 1600، كانت لا تزال غير مربوطة بشبكة المواصلات في نهاية عقد الخمسينيات.
لم تنفق الدولة، بحسب تقارير اللجنة النيابية للموازنة، سوى 56 بالمئة من الاحتياطي المخصص للأشغال العامة، خلال فترة 1944 ــ 1957. وموّلت ذلك الإنفاق بالرسوم الجمركية التي ارتفعت حصتها في إيرادات الموازنة خلال الخمسينيات.
(د) عهد شهاب
سيتناول الإنفاق التنموي خلال عهد شهاب 3 ميادين رئيسية: الكهرباء ومياه الشفة والطرقات، بالإضافة إلى متابعة تنفيذ سد الليطاني. خضع الإنفاق العام خلال السنوات الثلاث الأولى من عهد شهاب، للقاعدة السابقة القائمة على تسجيل فوائض سنوية في الموازنة (داغر: 53-71). واقتضى انتظار 1961، لإصدار قانون الـ84 مليون، الذي هدف إلى ربط جميع القرى المعزولة بشبكة الطرق العامة، وفتح ما مجموعه 1700 كلم من الطرق الجديدة، وتنفيذ الأوتوستراد الساحلي بطول 207 كلم. وفي العام ذاته صدر قانون الـ450 مليوناً الذي تضمّن تنفيذ مشاريع ري ومياه شفة وكهرباء.
وقد ازداد الإنفاق التنموي في 1962 بنسبة ثلاث مرات ونصف، نتيجة استخدام كلّ «احتياطي الموازنة» المتراكم، وسجلت الموازنة السنوية أول عجز لها بنسبة 13 بالمئة. لكن قطع حساب عامي 1963 و1964 أظهر عجزاً لا يتجاوز 4 ــ 6 بالمئة. كان النائب جوزيف شادر يهدئ من روع النخب المحافظة التي كانت تنتقد ارتفاع الإنفاق، خلال النصف الثاني من عهد شهاب، بإظهار أنّه لم يكن ثمة عجز في موازنات 1962 ــ 1964، كما يظهر ذلك قطع حسابات تلك السنوات. لم تكن الخزينة تسدد كلّ المبالغ المدرجة في خانة النفقات، الأمر الذي كان يرفع نسبة السلفات المدوّرة، من سنة إلى أخرى، مقارنة بالمبالغ المنفقة، التي ارتفعت إلى 53 بالمئة خلال السنوات الثلاث المذكورة (داغر: 71). وفي 1964، كان ضخ مياه الشفة إلى بيروت قد تضاعف مقارنة بـ1958، وإنتاج الطاقة قد تضاعف مرة ونصف مرة، وكان ثمة 664 بلدة وصلت إليها الكهرباء، مقارنة بـ300 بلدة في 1958.
كان أول ما فعلته أولى حكومات عهد الرئيس حلو رفض الخطة الخمسية (1964 ــ 1968) التي أعدتها بعثة إيرفد، وإنهاء عمل ذلك الفريق، وتكليف مجلس التخطيط في وزارة التصميم العام إعداد مشروع بديل. وقد اشتملت الخطة الخمسية (1965 ــ 1969) التي أعدها هذا الأخير، على إنفاق بقيمة 1080 مليون ل. ل. كانت الحكومات المتعاقبة تلغي بعض المشاريع، وتؤجل البعض الآخر عاماً بعد عام. وفي نهاية تلك الحقبة، لم يكن قد أُنفق سوى 320 مليون ل. ل.، أو ما يوازي 30 بالمئة من المجموع (ص 77).
وقد أُنجزت شبكة الاتصالات مع الخارج، ووُسِّعت شبكة الهاتف، التي زاد عدد مشتركيها بنسبة 4 أضعاف بين 1958 و1969. وفي 1970، كانت 1496 بلدة قد وُصلت بشبكة الكهرباء، وأوصِلت مياه الشفة إلى 1300 بلدة. وذكرت الخطة السداسية (1972 ــ 1977) أنّه أُنجزت كلّ طرق القرى المعزولة. أما الأوتوستراد الساحلي، فقد اقتضى 3 سنوات ونصف لإنجاز وصلة صربا ـــــ جونية منه، ولم يكن قد نُفِّذ منه في 1967، أي بعد 6 سنوات من الشروع فيه، سوى 4 كيلومترات من أصل 207 (ص 73 ــ 99). لم يُنجز الأوتوستراد الساحلي إلا في أواخر التسعينيات، أي بعد نحو أربعين عاماً على البدء به.
(ه) الإنفاق الحكومي المخصّص للزراعة
جاءت الكهرباء وشبكة الطرق في رأس سلّم أولويات الخطة الخمسية الأولى لعام 1958، لجهة المبالغ المخصّصة لها. ولم تلحظ تلك الخطة في ما يخص الزراعة، سوى إنشاء مختبرات زراعية ومعاهد تقنية. وفعلت الأمر نفسه بالنسبة إلى الصناعة، وأضافت اقتراحات لتشجيع الإنتاج الحرفي. وحظيت المشاريع الزراعية بنسبة 4 بالمئة من الإنفاق الذي نصّت عليه الخطة (مجلس، 1958).
أما عهد شهاب، فقد أقر مشروعين للزراعة، هما استصلاح الأراضي بواسطة «المشروع الأخضر»، وتوفير قروض للمزارعين من بنك التسليف الزراعي والصناعي والعقاري (داغر: 60). وصدر في 12 حزيران 1962 قانون إنشاء «مصرف وطني للتنمية». وحظيت المشاريع الزراعية من معاهد ومختبرات وغير ذلك، بـ51 مليون ل.ل. من الـ1080 مليون ل. ل. المدرجة في الخطة الخمسية (1965 ــ 1969)، أي ما يوازي 4.7 بالمئة من المجموع (وزارة، 1965). وقد ألغى قانون موازنة 1968، التسليفات للري المدرجة في قانون الـ450 مليون، ومنع الخلاف حول إفادة الأراضي الواقعة على ارتفاع 600 م ــ 800 م، من استخدام منشآت الري التي كان مشروع الليطاني قد أقامها حتى تاريخه. ولم يُستصلح سوى 10 آلاف هكتار من الـ100 ألف التي نصت عليها الخطة العشرية لـ«المشروع الأخضر» (داغر: 79). وصُرف النظر عن إنشاء «المصرف الوطني للتنمية».
(و) سياسة «اليد المرفوعة»
تمثلت سياسة «اليد المرفوعة» في القطاع الزراعي بـ : 1) رفض الدولة تحمّل مسؤولية تطوير نشاطات زراعية كانت تشرف عليها بنفسها؛ 2) ترك المنتجين تحت رحمة التجار في ما يخص تأمين المدخلات التي يحتاجون إليها وتصريف الإنتاج.
وُضِع إنتاج التبغ تحت رحمة مؤسسة حكومية هي «الريجي»، كانت تعطي إجازات الإنتاج وتشتري المحصول في ما بعد. وفي النصف الأول من السبعينيات، كان 72 بالمئة من مزارعي الجنوب يعملون في هذا القطاع (نصر، 1978: 8). غلبت على علاقة هذه المؤسسة مع القطاع، في الصورة التي رسمها لنا سليم نصر، مقاربة أعطت أولوية لتحقيق أرباح للمؤسسة، من خلال احتكار استيراد وتسويق السجائر الأجنبية، ورفض إعطاء المزارعين إجازات استثمار لزيادة محصولهم. كان الوضع مشابهاً في قطاع قصب السكر، الذي وُضع المنتجون فيه تحت رحمة شركة خاصة واحدة، كانت تتولى شراء المحصول واستيراد السكر في الوقت عينه. وقد أدى تعاطيها مع منتجي ذاك القطاع إلى تخليهم عن تطوير الإنتاج فيه (نصر: 9). وتطوّر الاستثمار في قطاع الحمضيات، ضمن حيازات كبيرة. ولم يتمكن منتجو التفاح في المناطق العالية من جبال لبنان الغربية وفي البقاع، طوال عقدي الخمسينيات والستينيات من التعويل على أي تدخّل حكومي لمصلحتهم، فيما زاد إنتاجهم 7 مرّات بين 1955 و1971
(نصر: 6).
شهدت نهاية الستينيات، وخصوصاً النصف الأول من السبعينيات، هجمة شرسة من التجار لزيادة حصتهم في الفائض الزراعي الذي يحققه المزارعون الصغار، من خلال دورهم في شراء المحاصيل وتأمين المدخلات الزراعية. استخدم سليم نصر نصين غير منشورين لأحمد بعلبكي وبطرس لبكي، لعرض ذلك الواقع. وذكر أنّ 25 تاجراً كانوا يشترون ثلثي محصول التفاح، و20 تاجراً كانوا يشترون 80 بالمئة من محصول الحمضيات، ويربحون من الفارق بين أسعار الشراء وأسعار المبيع للمستهلك. وذكر أنّ الأسمدة الكيماوية جسدت في 1974 بين 20 و30 بالمئة من كلفة الإنتاج. وتولت خلال فترة 1973 ــ 1975 شركتان، هما يونيفرت والكونتوار الزراعي، استيراد الأسمدة الكيماوية، وارتفعت أسعار المواد التي تسوقها 3 إلى 4 مرات، خلال الفترة ذاتها. ومثّلت المبيدات 7 إلى 10 بالمئة من كلفة الإنتاج. وكان مستوردوها يحققون أرباحاً تصل إلى 300 بالمئة خلال الحقبة ذاتها (نصر: 8).
وقد تابع مايكل جونسون واقع التضخم وغلاء المعيشة آنذاك، وأورد وقائع تظهر أنّ تدفّق الرساميل الذي حصل، رفع أسعار العقارات بمعدل مرتين أو ثلاث خلال فترة 1972 ــ 1973، وأنّ الزيادة غير الرسمية لكلفة المعيشة كانت بنسبة 20 بالمئة إلى 35 بالمئة خلال 1973 وحده، وأنّ زيادة أسعار السلع الأساسية كالأرز والسكر والفواكه والخضار كانت بنسبة 100بالمئة إلى 200 بالمئة في 1974 (جونسون، 1986: 165).
(ز) الدولة والريف: مقاربة مقارنة
يمكن الدلالة على بؤس تعاطي الدولة اللبنانية مع الزراعة والريف، بإجراء مقارنة مع بلدان من العالم الثالث طبقت سياسات زراعية مغايرة على مدى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وقد جرى منذ مطالع الخمسينيات، الأخذ بسياسات زراعية تحت إشراف الدولة (state-led agricultural development) في تلك البلدان، يمكن وضعها تحت عنوانين كبيرين: 1) تحمّل الدولة عبء توفير المدخلات الزراعية (provision or subsidization of inputs)، من القروض، إلى خدمات استصلاح الأراضي، إلى توفير متطلبات الري، إلى توفير الأسمدة والمبيدات، وذلك إما بتوليها مباشرة هذه الأمور، أو باعتماد سياسة دعم أسعار هذه المدخلات، إذا تولى القطاع الخاص توفيرها. كان ثمة اقتناع عام سائد آنذاك، بأنّه لا يمكن المراهنة على القطاع الخاص وحده لتوفير متطلبات التنمية الزراعية؛ 2) تحمّل الدولة مسؤولية ضمان ثبات مداخيل المزارعين (stability of rural income)، من خلال توفير خدمات التخزين للمحاصيل، وفرض حدود دنيا للأسعار، لا يمكن النزول تحتها، واعتماد الرسوم الجمركية والعوائق الكمية لحماية الإنتاج الزراعي، وتوفير خدمات التأمين والتسويق للإنتاج (شانغ، 2009). وقد طبّقت دول كسوريا ومصر والعراق عدداً من تلك السياسات، أتاحت لها تحقيق نمو ديموغرافي جعل منها دولاً وطنية يُحسَب حسابها، فيما قضت ليبرالية لبنان الاقتصادية على شعبه بالهجرة. وفي 1947، أي خلال حقبة حكم الأعيان في سوريا، كان معدل النمو الديموغرافي يساوي 1.2 بالمئة، في حين أنّه كان يساوي 2.2 بالمئة في لبنان (عيساوي ودبزياس، 1951: 386). (ح) الهجرة من الريف
كانت زراعة التوت متكيّفة مع أوضاع أناس يعملون بأيديهم لكسب أراضٍ زراعية في المنحدرات الوعرة. ارتبطت إنجازاتهم بواقع أنّه لم يكن لديهم خيار آخر. مع القرن العشرين، اتسعت الخيارات، أو الأصح باتت الهجرة خياراً بديلاً. لم يكن ممكناً، أخذاً بالاعتبار للطبيعة الجبلية لأكثر أراضي لبنان، أن يستمر الريف باحتضان أهله، من دون استثمار كثيف في بناه التحتية تتولاه الدولة، ويتجاوز ما له علاقة بالزراعة حصراً، إلى تطوير قدرته الاستيعابية لاستقبال الأنشطة الصناعية أيضاً.
لم تكن الزراعة موضع اهتمام، لا من جهة المدخلات (inputs)، كاستصلاح الأراضي وتوفير خدمات الري والأسمدة والمبيدات وتوفير القروض الزراعية الميسّرة، ولا من جهة المنتَج (output). لم يفكر أحد في يوم من الأيام بضرورة أن يُوفَّر للمزارعين دخل ثابت إلى حد ما، لكي يتمكنوا من الصمود في حيازاتهم. وهو الأمر الذي كان يمكن تحقيقه من خلال حماية الزراعة وتوفير رقابة على أسعارها، تمنع تلك الأخيرة من السقوط إلى الحضيض، وتوفير خدمات التخزين والتسويق، بما يحد من تقلبات أسعار المنتجات الزراعية ومداخيل المزارعين.
وقد صبر الناس طوال عقدين، خلال حقبة الانتداب، وثلاثة عقود، خلال حقبة الاستقلال، لعل أوضاعهم تتحسّن، وانتهى بهم الأمر إلى أن تركوا أرضهم التاريخية في ما يشبه الهجرة الجماعية، خلال سنوات معدودة.
كانت القوانين ـــــ البرامج الشهابية قد أتاحت أواخر الستينيات، إنجاز شبكة الطرقات الجديدة الشديدة الرداءة، التي وصلت الأرياف بالساحل، كما سبقت الإشارة. ساهم ذاك الأمر، مع اقتناع المزارعين بأنّهم متروكون لمصيرهم، في مواجهة عوامل الطبيعة من جهة، والتجار من جهة أخرى، في جعلهم يتخلّون عن أرضهم.
وفي المسح للقوى العاملة الذي أجرته مديرية الإحصاء المركزي في بداية السبعينيات، بدا واضحاً من خلال مؤشرات عدّة أنّ إفراغ الريف من أهله كان قد بات شبه ناجز في ذلك التاريخ. وقد أفرد الاستقصاء المذكور فصلاً لما سماه «المهاجرين في الداخل»، فإذا هم في 1970، 689 ألفاً، أو نحو ثلث اللبنانيين البالغين آنذاك 2.25 مليون نسمة، اتجه ثلثاهم من الأرياف نحو بيروت وضواحيها (وزارة التصميم، 1972: 75). وفي 1970، كان قد مضى على وجود 62 بالمئة من سكان ضواحي بيروت، أقل من عشر سنوات (ص 78). أما المنطقتان الأكثر تأثراً بتلك الهجرة الحديثة، فكانتا محافظتي جبل لبنان والجنوب (ص 79). وقد استخدم سليم نصر معطيات أظهرت هبوط حصة الزراعة في القوى العاملة من 50 بالمئة منها في 1959، إلى 20 بالمئة منها في 1970، أي بانخفاض بلغ 30 بالمئة من تلك القوى خلال عقد واحد (نصر: 8).

* كاتب لبناني