نحو مطمرٍ للسياسيين

يوماً بعد يوم يقترب الإنهيار الكامل. خطرٌ يفوق أخطار الأمراض مجتمعةً، والوقت يداهمنا ويشل داخلنا ويعبثُ بأطفالنا ويمتدُ الى أجيالنا.
مرامل من هنا وكسارات من هناك. نفاياتٌ مبعثرة رائحتها كريهة قاتلة وسماءٌ قاتمة وورود ذابلة وغابات مشتعلة ببعضها متصلة، ونيران ملتهبة وأطفالٌ من الاسهال منهكة، والنساء حزينةٌ وجوهها شاحبة. إنه الإنهيار لدولةٍ يفوح منها فساد السياسيين. هذا موجز لحال شعب كفر بهذه الطبقة السياسية وما زال متمسكاً بها.

سبعة عشر عاماً. أرقامٌ خيالية لشركة سوكلين وما زالت النفايات جاثمة على كاهل اللبنانيين ولم تحل هذه المشكلة «التافهة» أمام كل المشاكل التي تفوحُ منها رائحة العفن السياسي. والمضحك المبكي أنّ هذه الحكومة الفاشلة ووزيرُ بيئتها لم يحركا ساكناٌ أمام المأساة بالرغم من تحديد موعد إغلاق مطمر الناعمة في 17 تمّوز المنصرم، والذي كان يؤجّل من موعدٍ الى آخر لحين حصول الإنفجار. وكلُّ هذا كرمى للمحسوبيات والسمسرات وأمام العجز عن حلِّ لملفٍ «تافه» كتفاهة سياسيينا. والهدف منه تشتيت الأنظار عن قانون الإنتخاب الجديد والتعييينات والإنتخابات الرئاسية، هذا عدا عن ملفات الهدر والفساد التي لا تعد ولا تُحصى، وأبرزها الكهرباء شبه الغائبة منذ زمن طويل، إضافة الى ملف المياه الاستهلاكية شرباً ورياً وسدوداً وتدفّق المياه المجرورية التي أصبحت أنهاراً ومستنقعات على شاكلة السياسيين ...
كل هذا الإنطباع الممنهج لأزمة النفايات لا يمكن أن يُحلّ بحلولٍ مؤقّتة ولا بالمسكّنات الكلامية أو الطمر او نقل النفايات من منطقة إلى أخرى، بل بالفرز وإعادة التدوير وتحويل النفايات الى أسمدة بالشروط البيئية تحت إشراف الخبراء.
أما القضية الكبرى فتتمثل بأزمة جرائم الخطف والقتل اليومي المكشوف دون حسيب او رقيب، ناهيك عن أزمة النازحين السّوريين المتفاقمة بشتّى جوانبها. أمام هذا المشهد المُخزي لا بُدّ لكلمة حقٍّ أن تُقال بأن لبنان أصبح بإمكانه دخول كتاب «غينيس» لأفضل دولةٍ للهدر والفساد بفضل هذه الطبقة السياسية والطائفية .
ويبقى على اللبنانيين المقهورين والمظلومين الإلتفات لمسألة حرقِ النفايات العشوائية التي تنذرُ بكارثة صحية وبيئيةٍ أشدّ وطأةً من الكارثة الحالية باستبدال عمليّة الحرق بالنزول بأعدادٍ كبيرة الى الشوارع ومحاصرة مجلسي الوزراء و النوّاب للمطالبة بقانون انتخابات مبكرةٍ يعتمدُ النسبية دائرة واحدة لإيجاد مطمرٍ لفرز هذه الطبقة السياسية الفاشلة.
عباس حيّوك - عيتا الشعب