لم يفاجئني ردّ ناهض حتّر (محمد فضل الله؛ «أفكار شيطانية»، «الأخبار»، العدد ٢٦٥٢، ٣٠ تموز ٢٠١٥). هو يعبِّر عن الشريحة الأوسع من المثقفين العرب، لا بل أن الإسلاميين وَجّهوا النقد ذاته الذي وَجّهه حتّر.ملاحظتان سريعتان:
1) «البريكس» هي نسخة رديئة عن النظام الاقتصادي والمصرفي الذي تَفرضه الولايات المتحدة على العالم، وأعضاء «البريكس» ليسوا شيوعيين. مَنْ يَعتقد أن «البريكس» هي مسار للتحرُّر أو بديل أفضل هو واهم وغير واقعي.

2) وكذلك الأمر، مَنْ يَعتقد أن حروبنا الأهلية في الشرق الأوسط ستَنتهي من خلال الممانعة هو واهم وغير واقعي. من دون رؤية منهجية تاريخية أشمل، رؤية نكون فيها في قلب نظام العالم لا على هامشه، من دون الجرأة على طرح مقاربةٍ جديدةٍ للإشكالية الأميركية، سنبقى نتقاذف كرة الحروب الأهلية بيننا؛ العراق يلوم سوريا، ثم سوريا تلوم العراق، وهما يلومان إيران.
طرحتُ في مقالتي («التفاوض على العالم»، «الأخبار»، العدد ٢٦٤٧، ٢٤ تموز ٢٠١٥) مقاربتَين للعلاقة بين العالم والإقليم، بريطانية وألمانية، فلا أعلم ما هي المقاربة المفضّلة لدى المفكر العربي. إذا كانت الاتحاد السوفياتي، فإن رؤيته للعالم كانت أخلاقية غير واقعية؛ أقول هذا مع جزيل الامتنان لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية الذي علّم الآلاف من أبناء الجنوب اللبناني.
الصمود والاستقلال عبارتان فارغتان، والأسوأ عبارة «الممانعة». إما أن تهادن لتحافظ على الحدّ الأدنى، على طريقة حافظ الأسد البراغماتي الكبير، وإما أن تَنطلق لتوجد لك موطئاً في قلب نظام العالم. أما العضّ على النواجذ فليس استراتيجية: بالأمس تآمرت بريطانيا، اليوم الولايات المتحدة، وغداً الصين (إسرائيل في قلب عقلها التكنولوجي).
مقاربتي هي أولوية العالم على الإقليم، ومقاربته هي المشرقية. لنرَ مَنْ تتحقّق نظريته قبلاً؛ إنه تحدٍّ.
* باحث لبناني