يوسع إرهابيو «داعش» استهدافاتهم الخارجية وغزواتهم لدول الغرب، بعد أن انتقل هؤلاء إلى قتال «العدو البعيد». يمارسون إرهاباً لم يعد أحد قادر على تحمل صوره البشعة، حتى من يدعمه أيقن أن الوحش الذي علمه بدأ يهدد أمنه القومي، لكن حتى الآن لم يتحرك هؤلاء بشكل جدي لمحاربته. هذه المواجهة لم تزل فولكلورية هوليودية من قبل تحالف دولي منقلب على الحقائق، ما يجعل وقت المواجهة يضيع ليحصل على مزيد من المكاسب بسيره فوق أشلاء الضحايا.
من سوريا الى العراق، فطائرة سيناء وباريس ومالي وغيرها، إرهاب بات بحاجة فعلية لمن يتصدى له بجدية كانت بداياتها مع المشاركة الروسية في الحرب ضد جماعات القتل في سوريا، لتصبح الطائرة الروسية في سيناء نقطة التحول الكبرى في هذه المواجهة، بعد أن أصبح الروسي مهدداً بأمنه القومي وأمن مواطنيه. هذا الأمر جعل موسكو تدعو إلى تشكيل جبهة واسعة لمحاربة الإرهاب على أساس معايير ومبادئ القانون الدولي وبنود ميثاق الأمم المتحدة. وتأكيدها أن تحركاتها ضد الإرهاب ستكون وفق حق الدول في الدفاع عن نفسها الموثق في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، فما هي المسوغات القانونية التي تستند إليها روسيا؟
بدايةً، يجب التأكيد أن داعش ارتكب عملاً عدوانياً مرتبطاً بجريمة إرهابية ضد الدولة الروسية، وهذا العمل الإرهابي العدواني يعتبر وفق التعريفات الدولية الضربة الأولى الموجهة ضد إحدى الدول بدون مبرر قانوني. وبالتالي بناء على ذلك يصبح من حق روسيا الدفاع عن نفسها وحماية مواطنيها، وتوجيه ضرباتها لمعتدٍ عليها، وفق ما تؤكده المادة 51 من ميثاق الامم المتحدة ـ الفصل السابع والتي تشير إلى أنه «ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي»...
إن القواعد والنظم
القانونية كافة تعترف بحق
الدفاع عن النفس

إذاً فإن المادة 51 من الميثاق تكفل للدول حق الدفاع عن النفس، فلا يمكن أن تتعرض دولة ما لاعتداء إرهابي من دون أن تدافع عن نفسها، لأن هذا العمل سيتكرر باستمرار، والاستثناء الذي ورد به نص صريح في ميثاق الأمم المتحدة خروجاً على مبدأ تحريم استعمال القوة، هو الدفاع الفردي والجماعي عن النفس. وهذا الحق أكدته أيضاً اتفاقية مونتيفيديو التي تحدثت عن حق الدفاع عن النفس، مع غيرها من المواثيق الدولية.
إن القواعد والنظم القانونية كافة تعترف بحق الدفاع عن النفس، وهو حق معترف به منذ القدم وجرى تأكيده في ميثاق الأمم المتحدة، ويعتبر استخدام القوة للدفاع عن النفس حقاً استثنائياً بالنسبة للمنع العام لاستخدام القوة الوارد في الميثاق. ويرى مؤيدو القانون الطبيعي أن حق الدفاع عن النفس هو أحد الأسباب عن الحرب العادلة أو أنه أحد الأسباب العادلة للحرب، وأن القانون الطبيعي لا يؤيد هذا الحق فقط بل يأمر الدول بممارسته، وتلجأ الدولة إلى هذه الممارسات إذا قامت الدول الأخرى أو الجماعات المسلحة بتجاهل واجب عدم التدخل المشار إليه أعلاه.
وبناءً على ما تقدم، يمكننا أن نؤكد أن داعش استهدفت الأمن الروسي من خلال استهداف مواطني الدولة الروسية وبالتالي ارتكبت جريمة عدوانية ضد موسكو، التي أصبحت تقاتل عدواً مدججاً بالسلاح، كما يشترط موضوع حق الدفاع عن النفس.
بالإضافة إلى ذلك، من حق موسكو أن تتحرك استباقياً خوفاً من وصول هؤلاء الارهابيين الى بلادها والقيام بغزوة شبيهة بغزوة باريس فمن يمنع ذلك إذا لم يتحرك قيصر روسيا. كما أن ما تقوم به بلاد الثلج لم يكن مخالفاً للقانون لأنه جاء بناء على دعوة الحكومة السورية كونها الحكومة الشرعية.
اليوم، لا يمكن لأحد أن يناقش الروسي بشرعية عمله، وحقه في الدفاع عن أمنه القومي. ولا يمكن لأحد أن ينتقص من هذا الحق تحت أية حجة أو سبب من الأسباب، لأن من يهدد الأمن الروسي وهو من يهدد السلام والأمن الدوليين وقط اتفق على إرهابهم، والحق الروسي ينبع من صميم الشريعة الدولية، بل ويجب المسارعة الى قبول الدعوة الروسية وإصدار قرار دولي بتشكيل جبهة حقيقية لمحاربة الإرهاب مغايرة للتحالف الدولي المزعوم حالياً.
* باحث لبناني