النبطيّة ليست قندهار
تآمرت أحزاب الأمر الواقع على محال بيع المشروبات الروحية والمطاعم التي تقدّمها في النبطية، متلطّية وراء مطالب الأهالي، وضاربة عرض الحائط بالتراخيص والقوانين المرعية الإجراء، تحت شعار تنظيف النبطية من المحرّمات!
ولكن تلك الأحزاب شوّهت بدلاً من أن تنظّف. شوّهت صورة النبطية المتنوّعة وأرست صورة النبطية اللون الواحد. شوّهت صورة المقاومة وألبستْها ثوباً أصولياً رجعياً. شوّهت الحريات الفردية وأرست قانون المناطقية والفدرالية. فات تلك الأحزاب أن كل ممنوع مرغوب، وأن النبطية ليست قندهار، وأن شعبها لا يخضع لأمر واقع.
أما «غضب الأهالي» الذي انفجر فجأة دون سابق إنذار، فليس إلا حجّة واهية للقضاء على ثقافة التنوّع والانفتاح التي تتمتع بها المدينة. فالمحال المذكورة تعمل منذ سنوات. لماذا غضب الأهالي فجأة؟ ما هذا الغضب المنظّم؟
وماذا بعد؟ هل ستنتقل العدوى إلى صور وبقية مناطق الجنوب؟ القضية ليست قضية دفاع عن تناول المشروبات الروحية أو عدمه، بل هي قضية حريات عامة. فلو مُنع الحجاب أو إقامة مظاهر عاشوراء في الساحات، لكان من واجبنا أيضاً المناداة بحرية ممارسة العقائد الدينية، فالحرية لا تتجزّأ.
فلنشرب نخب النبطية.
وائل قبيسي

■ ■ ■

إلغاء الطائفيّة

«الشعب يريد إسقاط النظام»، شعار وصلً إلى لبنان. جميل أن يسقط النظام الطائفي، وأن تلغى الطائفية السياسية، وأن يُحدّث قانون الأحوال الشخصية، وأن تحسّن الخدمات الاجتماعية، وأن يصبح التوظيف على أساس الكفاءة. لكن، كيف يريد الشعب إسقاط النظام الطائفي؟ لكل طائفة مناطقها، مدارسها، حزبها وحتى إعلامها... والطائفية متجذرة في حياتنا، في الوظائف، في النقابات، في توزيع المقاعد النيابية والحقائب الوزارية، إضافة إلى التعصّب الطائفي والمذهبي... وكيف يريد الشعب نظاماً علمانياً ومعظم الناس لا يعرفون ما العلمانية ويعتقدون أنها نوع من الإلحاد؟ وقسم آخر منهم لا يريدون سوى إلغاء الطائفية السياسية؟...
وحتى إذا طُبّقت اللاطائفية، وطغت إحدى الطوائف بكفاءة أبنائها على أهم الوظائف والمناصب، هل ترضى الطوائف الأخرى بالنتيجة؟ وهل نضمن الاستقرار وعدم نشوب النزاعات؟ وكيف يريد الشعب إسقاط النظام ولا توافُق على هذه النقطة؟ وإذا أردنا توحيد الشعب لإسقاط هذا النظام، فكيف سيتوافقون على موضوع صعب وشائك كهذا، وهم لم يستطيعوا التوافق على ما هو أقل تعقيداً؟ ولم يتفقوا على كتاب تاريخ موحّد!؟ ولم يتّفقوا على من هو العدو!؟
روان الأمين