وزارة المال بريئة؟

طالعتنا صحيفة «الأخبار» في عددها الصادر الاثنين 18 نيسان 2011 بعنوان مثير على صفحتها الأولى لمقال يدّعي «سرقة 250 مليون دولار في وزارة المال»، من خلال ما وصفته بأنه «مافيا تنشئ شركات وهمية تدفع لها الدولة طلبات استرداد دون تدقيق».
إنّ وزارة المال تأسف مجدّداً لهذا الأسلوب «التشويقي» الذي تعتمده «الأخبار» في تناولها المواضيع المتعلّقة بالوزارة، والذي يفتقر الى المهنية والموضوعية والدقة، وينطوي على الكثير من المغالطات والأخطاء والافتراءات والتشهير والتضخيم الهادف الى تشويه صورة وزارة المال ومسؤوليها والعاملين فيها.
إنّ وزارة المال تودّ في هذا الإطار أن توضح ما يأتي:
1ـــــ أنّ الضريبة على القيمة المضافة ضريبة معتمدة في الغالبية العظمى من دول العالم، وحق الاسترداد هو من صلب مبدأ الضريبة على القيمة المضافة، وهو جزء أساسي لا يتجزأ من قانون الضريبة على القيمة المضافة في كل دول العالم، لا في لبنان وحده. وفي لبنان، كما في الدول الأخرى، يحاول البعض استغلال هذا النظام والتحايل عليه وسوء استعماله من خلال أساليب عدة، منها خلق شركات وهمية، وهذه ظاهرة معروفة ومألوفة، ومن مهمّات وزارة المال، في أي بلد، أن تكتشف هذه الشركات الوهمية وتتخذ الإجراءات في حقها، وهذا ما فعلته وزارة المال اللبنانية.
2ـــــ يحاول المقال الايحاء بأن ثمة تواطؤاً من داخل إدارة وزارة المال مع منشئي هذه الشركات الوهمية، علماً أن المعلومات التي استند إليها المقال مبنية على إحالات صادرة من وزارة المال على النيابة العامة لملاحقة هؤلاء الأشخاص، فهل تكون وزارة المال في هذه الحالة متواطئة، أم تقوم بواجبها وتكشف هذه الشركات، وتحيلها على القضاء؟
3 ـــــ أنّ مسؤولية وزارة المال تنحصر في الشق الضريبي والمالي، ولا علاقة بها بإنشاء الشركات، إذ إن هذا الأمر منوط بالسجل التجاري في وزارة العدل، ثم تأتي هذه الشركات في مرحلة لاحقة لتتسجّل مالياً في وزارة المال.
4ـــــ أن رقم الـ250 مليون دولار الذي ادّعت «الأخبار» أنه سرق، وأنه «هدر في دائرة المراقبة الضريبية والاستردادات»، هو في الواقع إجمالي ما جرى استرداده في سنة 2010 من كل الشركات والمؤسسات التي يحق لها أن تسترد الضريبة على القيمة المضافة، إذ إن قيمة المبالغ الإجمالية التي استُردّت من 1/1/2010 الى 31/12/2010 هي 384,3 مليار ليرة.
إن تصوير الأمر بأن كل هذا المبلغ إهدار للمال العام اتهام لكل مؤسسات لبنان التي من بينها مستشفيات ومدارس ومؤسسات دينية ومؤسسات ذات سمعة وصدقية عاليتين، بأنها تهدر المال العام وتسرق الدولة وتأخذ منها ما ليس حقاً لها، وهذا ظلم وافتراء.
5ـــــ زعم المقال بأن ثمة 50 شركة ضاعت ملفاتها ورُدت مبالغ الضريبة على القيمة المضافة إليها من دون تدقيق. إن وزارة المال تنفي هذا الأمر جملة وتفصيلاً، وتؤكد أنه غير صحيح، كما أنّ هذا الادعاء غير منطقي أصلاً، إذ كيف يمكن تحديد المبلغ الذي تردّه الوزارة الى الشركة لو كانت الوثائق وطلبات الاسترداد ضائعة فعلاً؟ إن هذا التناقض دليل واضح على أن هذه الادعاءات هي مجرد افتراءات، تهدف الى تضليل الرأي العام وإلى تصوير الأمر زوراً وظلماً، على أنه «سرقة» وإهدار للمال العام.
6ـــــ أن زج المركز الآلي في هذه المسألة هو دليل واضح على عدم صحة ما أوردته الصحيفة، إذ لا علاقة للمركز الآلي لا بتسجيل الشركات ولا بتلقي طلبات الاسترداد، أو بقبولها أو رفضها، بل ينحصر دوره في إدخال المعلومات الواردة في هذه الطلبات الى النظام الآلي لمكننتها، فهل المطلوب وقف المكننة والعودة الى العصور الغابرة والى أيام الملفات الورقية؟
7 ـــــ تأسف وزارة المال لإيراد أسماء مديرين ومسؤولين في وزارة المال يشهد لهم جميع من يتعامل معهم بالكفاءة والنزاهة والاستقامة والصدق، فهل هكذا يكافأ هذا النوع من الموظفين، بالتشهير والاتهامات المجانية المستندة الى معلومات مغلوطة والى افتراءات؟
وزارة المال

المحرر:
لم يحاول المقال الإيحاء والتشويق، بل اكتفى بسرد كيف تحصل الأمور الإدارية داخل الوزارة، بحسب القانون.
لولا الرقم المالي الذي تعطيه مديرية الواردات في وزارة المال لما تمكنت الشركات الوهمية من مباشرة العمل. وبالتالي، فإن الشركات تعجز عن قبض الاستردادات دون المرور بمديرية الواردات في وزارة المال.
برّأت «الأخبار» المؤسسات ذات السمعة والصدقية العاليتين عبر تأكيدها أن «الوزارة غالباً ما تطلب التدقيق في طلبات الاسترداد المقدمة من المستشفيات والمؤسسات التي لا تبغي الربح على حساب التدقيق في شركات لم يسمع بها أحد تطلب استرداد مئات الملايين». وبالتالي كان الأحرى بالوزارة أن تجيب عن السبب وراء عدم طلبها التدقيق في سجلات هذه الشركات. مع العلم أن «الأخبار» لم تقل أبداً إن مبلغ المئتين والخمسين مليون دولار أُهدر عام 2010 بل خلال خمس سنوات، الجزء الأكبر منه كان عامي 2009 و2010.
تتمسك «الأخبار» بمعلوماتها، وتشرح أن ادعاء المركز المالي إضاعته الملفات أتى قبل بضعة أيام من فترة ثلاثة أشهر. وبحجة عدم ترتيب فوائد تأخير على الخزينة، طُلب من أصحاب الطلبات أن يعيدوا تقديم طلبات الاسترداد لتدفع الوزارة لهم ضمن مهلة تقديمهم ملفاتهم أول مرة.
لم تزجّ «الأخبار» بالمركز المالي ولم تقل بشأنه أكثر مما قالته الوزارة نفسها، علماً أن دخول المركز على خط «إدخال المعلومات الواردة» تزامن مع بدء تنظيم «العصابة» في وزارة المال لعملها.
وبالمناسبة، بعد كتابَي رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان إلى وزيرة المال وديوان المحاسبة بشأن السرقة الحاصلة في وزارة المال، حوّل رئيس ديوان المحاسبة عوني رمضان أمس كتاب كنعان المطالب باستجواب كل من وردت أسماؤهم في تقرير «الأخبار» إلى النيابة العامة المالية للتحقيق.