قُبلة الأمير
كان يا مكان، في قديم الزمان، كانت أميرة صغيرة، لا نعرف اسمها، وقعت تحت تأثير سحر شريرة طاغية، حكم على الأميرة الجميلة وعلى مملكتها بالنوم الأبدي إلى أن يأتي أمير جميل ويقبّلها فتستفيق من نومها العميق.
وفي يوم جميل أتى أمير، لا نعرف اسمه، قبّل الأميرة فاستفاقت وعادت الحياة إلى مملكتها. وبعد فترة أحبّها الأمير، وتزوّجا وعاشا في هناء وسعادة.
وفي يوم غير بعيد، أتى أمير اسمه «محمد بو عزيزي» قبّل الأميرة النائمة، واسمها «الأمة العربية»، فاستفاقت من نومها القسري. قبّلها على جبهتها «تونس»، فدبّت الحياة في أرجاء مملكتها.
ولكنّ هذا الأمير كان كالنحلة، إذ عندما قبّل الأميرة احترق بنار شوقها ودفء حبها والدفاع عنها، فمات تماماً كالنحلة عندما تدافع عن حياتها.
رحل وأوصى بهذه الأميرة الشابة التي لا تشيخ. فكلها شباب وكلها حياة وكلها حياء. صمدت كثيراً قبل أن تهبّ وتنتفض على المورفين المخدِّر الذي دأب الزعماء على حقنها به يومياً. أعطتهم كثيراً من الوقت والفرص والتبريرات. هي رقيقة، بريئة، ذات حياء، تحفظ للودّ مكاناً ولكن… ولكنّ سجّانيها لا يتمتعون بأية صفة إنسانية، فثارت الرقيقة، ونزعت عن نفسها الحياء، وانقضّت بكل جرأة وقطعت حبل الودّ…
أميرتي، عيشي بهناء، ولكن هل ستحبين الأمير وتعيشين على ذكراه بهناء وسعادة؟ أم ستخذلينه وتختارين طريقاً آخر فتضيع معه قبلة الأمير ويصبح شخصية في حكايات المستقبل؟ فنقول «كان يا ما كان، كان أمير قد قبّل هذه الأميرة في يوم ما ولكن……».
هدى نصر

■ ■ ■

ثَوْرَتان في شهرٍ واحد


لم يكتفِ التونسيُّون بجنى ثورتِِِِِِهم على أرض وطنِهم، بل أرسلوا شراراتِها نحو الشعوب العربية كلِّها، فتجلّت ثورةُ الشَّعب الثانية في دولة مِصرَ المُلتهِبة بالصُّور الحياتية المُدمِية والفقر الرهيب والبطالة المُتفشِّية والحُكم السياسي الواحد والمُترَعِ بالفسادِ على أنواعه مُنذ ثلاثين عاماً. لكنَّ الحاكمَ الذي لا يزال مُتسلِّحاً بدعمٍ حُدوديّ قريب وآخر بعيد، أدارَ لشعبِه أُذناً صمّاء، وعيونُه تراقبُ ما يجري بحذر، لأنّه يعرف أنّ وقتَ الخروج بات قريباً جدّاً، لأنَّ الثورةَ هذه لا يمكنُ أن تتوقّفَ وفي رصيدِها شهداء ثُوّار خرجوا يردِّدون «الشّعب يريد إسقاط النِّظام». كلُّ هذا والشعبُ المصريُّ يغلي في الشوارع مُراقِباً مالَه الذي سُلِبَ منه على مدى ثلاثين عاماً، يُحلِّقُ فوقه بهيئة طائراتٍ حربية حاولت إخافتَه فلم تفلحْ.
مصطفى كلاكش