الدكتور غسان ملحم*مما لا شك فيه أن الصورة الضبابية التي تتراءى خلف الأحداث المتسارعة في ساحات وميادين الربيع العربي تعكس خطورة الوضع القائم في ظل تدهور الظروف السياسية والأمنية. المنطقة تعيش حالة غير مسبوقة من الغليان والفوضى بفعل الغموض الذي يكتنف مصائر الشعوب والدول، وليس الحكام وحدهم. فكيف يمكن تقييم هذه التجربة بميزان الانتصار والهزيمة؟ وكيف يمكن توصيف المعركة من زاوية الخلفية السياسية والتاريخية؟ وما الذي يمكن قوله في استشراف المستقبل أمام انعدام فرص إنتاج الحلول والتسويات في الداخل ومن صلب التجارب والشواهد؟
ما يجري اليوم في العديد من البلدان العربية، في سياق ما بات يعرف بالربيع العربي، يجعل المراقب السياسي للحدث الإقليمي في مختلف الساحات التي يحتدم فيها الصراع السياسي، يتوقف لزاماً أمام تطور الأمور في الميدان، في ما لو أراد توصيف واقع الحال بشكل موضوعي. المسألة لم تعد مجرد صراع سياسي بين مختلف القوى والتيارات على السلطة، وربما لم تكن كذلك في الأساس، بالنظر إلى تواصل بل اشتداد حدة أعمال العنف والصدام المسلح. ما يجري في الوقت الراهن هو استنزاف لقدرات وطاقات هذه البلدان المتفجرة في غياب الحل السياسي الذي يحقق الاستقرار ويؤمن استمرار عجلة الحكم بشكل طبيعي. وهو يعكس عدم قدرة شعوب المنطقة على استيعاب سيرورة التحول نحو الديموقراطية.
من هذا المنطلق، ما يحصل هو بعيد كل البعد عن مبادئ وأصول الممارسة الديموقراطية الصحيحة. الشعوب التي انتفضت على ظلم واستبداد الأنظمة التي كانت تحكم، ليست ملمة بأساليب وقواعد العمل الديموقراطي، بل هي لا تعرف شيئاً عن نظام الحكم الديموقراطي. في خضم هذه الفوضى، أو هذا العراك الذي لا يشبه على الإطلاق المنافسة السياسية في إطار اللعبة الديموقراطية، نجد معظم الأطراف تتخبط من خلال السلوك السياسي المضطرب والمتوتر، الذي ينم عن عدم معرفة الناس لماهية الفكرة الديموقراطية، وربما الفكرة الدستورية. الناس لم يعرفوا قبلاً التعددية الحزبية التي تفترض قبول الرأي الآخر. وهم لا يعرفون أيضاً سبل تنظيم المشاركة الشعبية في العملية السياسية حتى تكون فاعلة ومؤثرة، ومن ذلك التظاهر والاعتصام وغيرهما من أساليب التنديد أو المعارضة في التعبير عن الرأي. كما أن الناس لا يمتلكون وسائل ضبط وعقلنة الممارسة السياسية التي تحقق التداول السلمي للسلطة. كل هذه الملاحظات تفيد عن عدم مطابقة ما يحدث على أرض الواقع لما يفترض فيه أن يكون تعبيراً عن التطور السلمي أو الانتقال الثوري إلى الحكم وفق منطوق الديموقراطية.
هذا التخبط الذي تعيشه المنطقة بفعل انتشار عدوى الربيع العربي يلقي على الجميع مسؤولية العمل بصدق وبإخلاص من أجل الوصول بأوطاننا ذات الأجنحة المتكسرة إلى بر الأمان. والبداية تكون بطبيعة الحال بتحديد الأهداف وترتيب الأولويات. قد تختلف القوى السياسية التي تقود التغيير المجتمعي أو تطالب به وتعلي رايته، في مقاربة التحديات الوطنية. لكن من غير المقبول الوقوع في محظور الفتنة والاقتتال الداخلي، وإنما الإسراع إلى إنقاذ ما تبقى ووقف سفك الدماء والتدمير الممنهج. لقد تفاقمت الانقسامات الفئوية واحتدمت تالياً الحروب الأهلية، بحيث لم تعد تحتمل بلدان المنطقة مزيداً من النزاعات التي من شأنها ضرب وحدة النسيج الاجتماعي وتفكيك البنية التحتية للكيانات القائمة وغير المستقرة. في ظل هذه الأجواء، ثمة من ينادي بالتغيير الديموقراطي كحل للأزمات المستعصية، ولكن ثمة من يرفض هذا الخيار، ويرى في مشروع التحول أو التطور الديموقراطي مغامرة غير محسوبة أو خطوة غير مطمئنة. فالديموقراطية التي تبلورت في المجتمع الأوروبي، قد لا تكون ملائمة لمجتمعات المنطقة العربية لاختلاف الحيثيات السياسية والاجتماعية. لقد تمكن الغرب قبلاً من ترسيخ قاعدة فصل الدين عن الدولة وتصفية نفوذ الكنيسة واعتماد العلمنة في بناء مجتمعات متجانسة ومتماسكة، بينما تنقسم شعوب ومجتمعات المنطقة بشكل عمودي. وما أكثر الانقسامات الطائفية والمذهبية والإثنية، بحيث يصعب القول بصلاحية أو إمكانية تطبيق النظام الديموقراطي الذي من شأنه تسعير الخلافات الفئوية وربما تفتيت وحدة الكيانات السياسية. الكثير من الجماعات السياسية والمجموعات الثقافية هنا لم تتمكن حتى الحين من فك الارتباط بين الشريعة والشرعية، وربما لا تريد ذلك، بل تسعى إلى إقامة الحكومة الدينية، كل على طريقته، لا الحكومة المدنية.
لقد فشلت بلدان المنطقة العربية في تنفيذ مشروع بناء الدولة الوطنية وفق نظرية الحداثة في الغرب، والتي تتجسد في صورة مؤسسة الحكم المركزية التي ترتكز على قاعدة الاتحاد الوطني للأمة. فهي بمعظمها كيانات مصطنعة لا تستند إلى الحقائق الموضوعية التي تكمن في أساس نشوء الدول والأمم، ولا تعبر عن مضمون الوحدة الوطنية التي تحيلنا إلى رابطة الانتماء للوطن وفريضة الولاء للدولة. من هذا المنظار، لا تستطيع هذه الكيانات السياسية أن تدّعي تمثيل تلك الوحدة الوطنية التي تكفل انخراط جميع المواطنين في بوتقة العملية السياسية، كما لم تتمكن من المحافظة على مقومات الاندماج والتكامل بين مكونات النسيج الاجتماعي الوطني. هذا الفشل الذريع في تطبيق النموذج الغربي لمنظومة الدولة الوطنية الحديثة هو أحد أبرز الأسباب لانعدام الاستقرار والتماسك في العديد من الدول العربية والإسلامية التي تتخبط في صراعاتها الداخلية. وما ظهور الأصولية الإسلامية منذ عدة عقود مضت وانتشارها سريعاً في صلب المجتمعات العربية والمشرقية سوى نتيجة الفشل في تقليد تجربة الدول الأوروبية والأميركية في استكمال البناء الوطني الجامع لمؤسسة الدولة المدنية العصرية.
لعل السبب الرئيسي لذلك الإخفاق في مشروع بناء مؤسسات الدولة على طريقة الغرب في الحداثة هو الاختلاف العميق في السياق الحضاري والثقافي بين الشعوب والبلدان في هذه المنطقة والمجتمعات الغربية، وقد لا يتسع المجال عند هذا المقام للبحث في مجمل تلك الأسباب. لقد أخفقت النخب السياسية التي حكمت البلدان العربية منذ مرحلة الاستقلال وزوال الاستعمار المباشر حوالي منتصف القرن المنصرم في قيادة السفينة عبر التعبير عن تطلعات الشعوب وتحقيق النماء الحضاري والاقتصادي. وهي تنتمي إلى مختلف التيارات السياسية والأيديولوجية، فمن هذه النخب العربية التي تقبض على نظم الحكم، تلك التي تعتنق الليبرالية والاشتراكية والقومية العربية أو التي انبثقت عن الانقلابات العسكرية في الكثير من الحالات. عجزت هذه النخب وهذه الأنظمة في جميع الأحوال عن تقديم نموذج تجربة يحتذى به. في هذا السياق، يأتي صعود الحركات الإسلامية إلى الحكم في هذه اللحظة الفاصلة، ومن هذه الحركات السياسية التي تندرج تحت مسمى الإسلام السياسي، التنظيمات الراديكالية التي ترفض حتى الحلول الوسط أو التسويات السياسية.
تسعى هذه الحركات الإسلامية، كسائر القوى السياسية والتيارات الشعبية في الساحات المحلية الإقليمية، إلى الإمساك بزمام السلطة. وهي شرعت بالترويج لفكرة صعود الإسلام السياسي إلى الحكم، فدخلت سوق التنافس السياسي من خلال الانخراط في الحراك السياسي الشعبي بقصد الوصول إلى سدة الحكم بطريقة بانورامية. في هذا الصدد، ربما تعكس سلوكيات تلك الأحزاب، على أرضية المنطلقات الأيديولوجية، عدم قدرة الحركات الإسلامية على قيادة التحول نحو الديموقراطية. وهي لما تقدم قد لا تمثل بنظر الكثيرين البديل الصالح للأنظمة البائدة في التطوير السياسي والدستوري المفترض. الخلفية السياسية والفكرية التي تنطلق منها هذه الحركات، كإطار لتنظيم العمل السياسي على أسس دينية مستقاة من نظرة معينة إلى الشريعة الإسلامية، قد لا تتسق مع مبدأ الحكم للأكثرية في مقابل معارضة الأقلية. بعبارات أخرى، فكرة الحكم بطريقة الديموقراطية قد لا ترد ضمن مخططات تيارات الإسلام السياسي لإعادة بناء السلطة والدولة، مثل جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين وغيرهما، ما لم تقدم هذه الأطراف فعلاً على تقديم تنازلات مبدئية لتتماشى مع صيغة النظام الديموقراطي في ظل الدولة المدنية.
قد يتعارض الإسلام السياسي مع محاولة نشر الديموقراطية في بلدان المشرق، فالإسلام نفسه لا يتبنى هذه النظرية في الأساس. لكن القوى التي ترفع شعار الإسلام للخروج من المأزق الراهن مطالبة بالمبادرة إلى المجاهرة بكل صراحة وجرأة بمشروع الإصلاح وإعادة البناء الذي تتبناه بما يتناسب مع المعتقدات التي تؤمن بها. أما إذا كانت تدرك استحالة هذا الأمر في التطبيق، فلتعلم حينئذ أن المرحلة تتطلب قرارات شجاعة من أجل الوصول في نهاية المطاف إلى صيغة فضلى تحفظ ماء الوجه وتصون الأمانة وتأخذ العبر من التاريخ البعيد والقريب تبعاً للقناعات التي تشكلت لديها!
* باحث سياسي
21 تعليق
التعليقات
-
التغيير حصل.. وعلينا التفكير في كيفية الاستفادة منهسواء كان ربيعاً مزهراً أو خريفاً مقفراً، لا شك أن التغيير حدث ولا يزال يحدث... المهم أن نعرف كيف نستفيد من هذا التغيير وأن نعتمد نموذجاً ناجحاً ومجرباً من قبل... أعتقد أن التجربة هنا خطأ يجب تفاديه، فنحن نتحدث عن دولة بكل مقوماتها وليس عن فرد يمكنه التجربة مرة واثنتان وثلاث... الصحيح هنا أن نبحث عن دولة بظروف مشابهة ولديها نموذج ناجح فنعتمده ونتوافق عليه بعد تعديله بما يتوافق وظروف الدولة المعنية... لنعتمد مثلاً النموذج التركي الذي أثبت نجاحه (خاصة اقتصادياً) مع أنه يجمع ما بين المتدينين (الأخوان) والعلمانيين في وقت واحد. والأهم من ذلك كله أن نقضي على الفساد من جذوره عبر النظم والآليات المتعارف عليها في الدول المتقدمة.
-
خريف العربان الى اين؟؟؟ اولاً وقبل كل شيْ كلمة الاصولية العلمانية في دول اوروبا اطلقت هذا المصطلح على الكنيسة للحد من نفوذها وقبضتها على احوال المجتمع وبداْت تلك العلمانية بالصعود على حساب الكنيسة حتىوصل الامر الى ماهو عليه ما اريد قوله انه ليس هناك شيْ إسمه اصولية اسلامية. ثانياً كلمة الديمقلراطية اصبحت كلمة لا لون ولا طعم ولا رائحة لها.لناْخذ ام الديمقراطية واْبوها التي هي اميركا هل يعرف للشعب حكماً.وهل الشعب الاميركي هو الذي ينتخب الرئيس الاميركي؟هل يحدث هذا سوال برسم كل الكفاءات العلمية في امة العرب؟هل إذا حصل المرشح على اصوات الاميركان بنسبة مائة في المائة هل يصبح رئيساً؟ مليون ونصف مليون لا وكلا..اية ديمقراطية واي نزاهة واي عدل. وهل يقبلون لنا ما يفعلون لهم. اليس هذا وهماً وسراباً يبيعونه؟اما ديننا الحنيف فإنه يريد رجالا واْيدي طاهرة متوضئة ونفوس شامخة لا تخشى في الله لومة لائم ولا تحيد عن سبيل الحق الذي هو الاسلام.اما نحن نتحدى الحق سبحانه وبعد ان اعلن علينا الحرب"فإن لم تفعلوا فاْذنوابحرب من الله ورسوله"غيض من فيض...
-
أنا مقتنع بأن الديمقراطيةأنا مقتنع بأن الديمقراطية كنظام عام هي الحل لكل الشعوب ولكل الناس في كل المجتمعات. هي بنظري قانون لإنساني عام لا يمكن لأحد أن يحيد عنه. ولكن أنا أعرف أيضاً أن القوى الإسلامية في لبنان في سوريا في مصر وفي كل الدول ليست مقتنعة بصيغة الديمقراطية للحكم وليست مستعجة للقبول بها فعلاً. الموضوع خطير ومعقد ويحتاج إلى؟!... قد يحتاج إلى تسوية فكرية! أو إلة معجزة إلهية. لا يمكن أبداً استمرار الأمور في نفس الإتجاه الذي بدأته لا يمكن ذلك لا يمكن.
-
شو هل حكي اللي بلا طعمة!! إنوشو هل حكي اللي بلا طعمة!! إنو هلأ الإسلام السياسي ما عاد ينفع! بلا كلام فارغ. لازم الكل يفهم إنو المرحلة فيها تغيير جذري والإسلام هو الحل... الإسلام المعتدل والإنساني والصحيح والمستقيم في التطبيق العملاني.
-
أوف أوف!! شو هل كلام؟!!! ليشأوف أوف!! شو هل كلام؟!!! ليش هل حملة على الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية بالمشرق العربي والإسلامي؟! أنا ما بفهم هيدل منطق!! بس بقول إنو من حقن طبعاً متل غيرن إنو يحصلوا على فرصتن بالتعبير عن تجربتن وفهمن ورؤيتن... شوي شوي يا جماعة وبلا ما نستبق الأمور معليش.
-
اختيار موفقدكتور غسان، كأني بك تعتمد أسلوب النسور في اختيار الموضوعات، أي انك تراقب بدقةما يجري وتنقض على الفكرة المركزية ومكمن الجرح في آن.. كما يفعل النسر حين يراقب من أعلى وينقض على الفريسة المناسبة.. انت تعرف كيف تصطاد انتباهنا.. الإشارة إلى الأخطار التي تطال بنية ووجود "الدول" التي تشهد ما يسمى بالربيع العربي مهمة جداً، يتضح شيئاً فشيئاً أن المراد ليس قلب الأنظمة، إنما إعادة تشكيل الخرائط.. النقطة الأخرى التي لفتت إنتباهي كانت القصور في اعتماد شكل الدولة الأمة في مجموعة كيانات ناتجة عن تقسيم إستعماري لا يتسق والتطور التاريخي للحقائق التي تشكل واقع المنطقة العربية.. أيضاً عدم قدرة الإسلام السياسي بالشكل الذي يطرح به على تقديم حلول إصلاحية للبنى السياسية، والأهم للنظم الإقتصادية في الدول العربية، والتي لا تزال مرتبطة بالنظام الإقتصادي الدولي، وغير منتجة، ولا تسير بالإتجاه الذي يوحي بالأمل، رغم توفر كل الإمكانات.. أنا أتابع مقالاتك وانتظرها دائماً.. أتمنى لك التوفيق، وأن تستمر بإطلاعنا على رؤيتك للأمور، تلك الرؤية التي نحتاجها لنفهم أكثر ما يحصل
-
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا 5فكما أن الإيمان يتحقق بعمل الصالحات وليس بالإعتقاد والإخلاص القلبي فقط، فإن التولي والكفر قياسا على ذلك هو ما يتجسد سيئات تنتج مفاسد تضر بالمحيط. هذا يعني أن السؤال يجب يدور حول الأمور المترتبة على التولي والكفر والتي تؤدي إلى المفاسد وتهلك الحرث والنسل.ماذا عن افنتخابات بموجب الديمقراطية؟ماذا عن عملية الإستفتاء بخصوص قوانين يتم إلزام الناس على مراعاتها والتقيد بها؟من يتحمل مسؤولية أي مفاسد قد تنشأ بسبب النظم والآليات المبنية على القوانين الوضعية؟ نحن هنا معنيون وملزمون بتوضيح أن ثمة ضرورة للسعي وفق استراتيجية مناسبة للإعداد والتمكن، وفق قول تعالى"الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ"(الحج 41)"وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ"(الأنفال 60)لمواجهة كل أشكال الإفساد ومنها الحاكمية وتداول الحكم والسلطة. بموحب الوجوب الكفائي، بجب المسلمين أن يتصدى منهم من يكتفى بهم من حيث العدد والإختصاص والكفائة لكل مجال ضروري يخدم الهدف المتمثل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. http://www.al-akhbar.com/node/64576#comment-94087 وباقي الأجزاء http://www.al-akhbar.com/node/173753#comment-122341 وباقي الأجزاء عن النبي محمد صلى الله عليه وآله(لا يؤمن عبد حتى يحب للناس ما يحب لنفسه من الخير). أللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
-
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا 4ثمة ضرورة لسعي المسلم للتمكن بكل المقومات التي تتيح له القدرة التي ترفعه وترتقي به لبلوغ المستوى الذي يصبح معه موحدا بعقيدته ونيته وإخلاصه وسلوكه مع إرادة الخق المتعال.فالتبعية لحاكم غير الله تبارك وتعالى من منافيات التوحيد والإخلاص.لذلك فإن توجه أي إنسان نحو الأنظمة الوضعية واتخاذ الإنسان الآخر موجها وقائدا وحاكما يمثل بعدا عن الحق وخللا في بنيان التدين لديه. قال تعالى"إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ"(الشورى 42)"الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً"(النساء 141)، والشاهد"ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا". فعندما نفهم من الآيتين أن لا سبيل على المؤمنين إنما على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق، هذا يعني أن لا جواز لتسلط أحد على أحد بدون ذنب موجب.فإذا كان المطلوب من المسلمين تقوى الله تبارك وتعالى ونظم أمرهم، فهذا يعني التمييز بين من يتولى مهمة نظم الأمر إن كان له من ضرورة وبين الحاكم المتسلط الموجه الذي يفرض رأيه ويصادر القرار ويحتكر التمثيل ويدعي الوصاية على البلاد والعباد. فكون السيطيرة تُشَرّع على من تولى وكفر فقط، كقول تعالى"فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ*لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ*إِلاَّ مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ"(الغاشية 21-23)، فإن المقصود بالتولي والكفر ذلك الضرر الذي يتعدى دائرة النفس إلى الآخرين.
-
أنا مسلم ولكن أنا أعتقد أن منأنا مسلم ولكن أنا أعتقد أن من غير الممكن القبول والمضي بتنفيذ مشروع الإسلام السياسي المعاصر في الوصول إلى الحكم في المنطقة، أياً يكن الطرف الذي يجسد الإسلام السياسي، الإخوان المسلمون في مصر أو في سوريا او في تركيا أو التيارات السلفية... أنا أعتقد بالعكس أنه لا بد من وجود مشروع جامع، مشروع وطني جامع، ربما تكون فكرة الدولة المدنية وليس الدولة العلمانية، القاسم المشترك أو الأرضية المشتركة التي يمكن البناء عليها. فلا الحركات الإسلامية تستطيع أن تفرض رأيها ولا بقية الأحزاب التي فشل الكثير منها في إيجاد الحلول لمشاكل الشعوب العربية. إذن نحن بحاجة إلى رؤية جدية ترتكز إلى المبادئ الوطنية والقومية في التنمية بكل جوانبها اي التنمية الشاملة صحيح أو التنمية المتوازنة كما يقال في لبنان أو التنمية المستدامة. هذا هو الحل ولا شيء سواه برأيي.
-
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا 3لا مجال لأي باغ ومعتد ضال أن ينعم بالأمن والطمأنينة.فالحال والإستقرار مرهون بقوانين وضوابط تتعلق بالمشتركات وبدون أي تمييز لأحد على أحد، وليس باعتماد الديمقراطية وفرض حاكم وتعددية حزبية...وإلخ.لكل الحق بأن يتنافس على ما يشاء إلا على امتلاك رقاب العباد والبلاد والتسلط عليهم.فالتنازل المطلوب هو بخصوص قضية الإكراه وفرض الرأي على الآخر ومصادرة القرار من خلال تنصيب حاكم يفرض رأيه على من لا يرى ضوروة له. فعندما يتم الخضوع لحقيقة أن لا ضرورة لحاكم يلزم الذين يخضعون لسلطته بالحصول على إذنه لفعل ما يحق لهم فعله بدون أي إذن منه ومن أي أحد آخر وانتفاء الحاجة لتداول السلطة والحكم، تنتفي الضرورة إلى مجاهرة أي جهة بمشروعها واستراتيجيتها للبناء وغيره مما يدخل ضمن خصوصياتها. لذلك لا يحتاج المسلمون القدرة على قيادة التحول نحو الديموقراطية أو التكيف معها لأنها من بدع الكفار الذين يحرم التشبه بهم وتقليدهم بما يؤدي إلى الإنحراف والإفساد وإهلاك الحرث والنسل، فضلا عن أنها تشكل طريقا للتسلط عليهم ومصادرة قرارهم وإذلالهم(ليس منا من أقر بالذل طائعا). بخصوص ظهور الأصولية الإسلامية منذ عدة عقود مضت وانتشارها سريعاً في صلب المجتمعات العربية والمشرقية، فهذا سببه إلى انتماء هذه المجتمعات إلى الإسلام، ما يعني أن البحث يجب أن يدور حول كيفية الفهم للإسلام وسبب الإرتدداد المفترض عنه وتفشي ورواج ما يخالفه، والعجز عن قيادة التحول نحو الوجهة التي تخوله أن يكون مستعدا للخلافة الربانية، أي أن يكون الله هو الحاكم له من خلال العقل المسلح بالعلم والمعرفة"يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ "ءَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ"(يوسف 39).
-
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا 2ما سبق يقودنا إلى القبول بحقيقة أن بسط القسط والعدل ليس مشروطا باعتماد الديمقراطية وممارسة فرض التسلط وتداول السلطة والتعددية الحزبية...وإلخ.بما أنه من الضروري التفريق بين صاحب الحق بالسلطة وبين أدواتها إضافة إلى تجنب الخلط بينهما، فإن كل ممارسة تتنافى مع القسط والعدل تمنح الحق للمتضرر المبادرة ليدفع عنه الضرر والحصول على التعويض، ما يمنحه سلطة بهذا الإتجاه. فعندما تمنح السلطة من تلقائها للمتضرر، تنتفي الضرورة لأي فرد في موقع الحاكم وغيره ليعطي الإذن بذلك كما لا يجوز له نفيه وإنكاره.قد يكون المتضرر، بما هو متسلط بالحق يملك مقومات السلطة وبذلك لا يحتاج إلى الإذن من أحد ليأخذ حقه على أساس أن(المظلوم قوي حتى يأخذ حقه والظالم ضعيف حتى يُنتَزَع الحق منه للمظلوم). لا يشفع لأي كان إن كان رافضا للإسلام أن يمنح نفسه الحق بفرض حاكم مستبد يضمن من خلاله إقصاء الإسلام وإطفاء نوره، إنما يشفع له التضرر من سوء تطبيقه(الإسلام) أن يبادر إلى دفع الضرر وردع المصدر، مع مراعاة قاعدة(ولا تزر وازرة وزر أخرى).فليس من حق أي كان أن يعاقب جميع المسلمين ويأخذهم بجريرة الذين ظلموا منهم، ولا يحق لأي مسلم أن يفرض حاكما وأن يعلنها إمارة إسلامية على ذوقه بحجة رفضه للعلمانية والديمقراطية...وإلخ، بل يحق له ردع كل من يريد الإضرار به والإعتداء عليه. إذ يجب التفريق بين المشتركات والخصوصيات، فمن يريد تطبيق الديمقراطية فهذا شأنه وكذلك من يريد أن ينصب حاكما وأن يكون تابعا مسلوب الإرادة ومصادر القرار وفاقدا للإستقلالية، ولكن لا يحق له المس بالمشتركات ويطبق ما اختاره عليها ويمنح نفسه حق التصرف والتفرد بالقرار بشأنها.
-
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا 1بسم الله الرحمن الرحيم أللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ثمة أمور تتعلق بالآخرين، تجدر الإشارة إليها.لا يشكل الإعتراف بالآخر أن يتم قبول ما يختاره لي ومنحه الحق بأن يفرض علي تبني رؤيته وإلزامي بتطبيقها وإعتمادها في حياتي العملية في شتى أو مختلف المجالات والنواحي، ولا القبول بالديمقراطية وفكرة التعددية الحزبية والتسلط وتداول السلطة.لذلك فلا بد من الفصل بين الأمرين وتجنب الربط بينهما. فأي رفض مفترض لرؤية الآخر وكذلك العملية الديمقراطية وآلية الحكم وتداول السلطة لا يجب أن يفهم أنه رفض للآخر وإقصاءا وإلغاءا له ومصادرة لقراره.فعندما أرفض أن يمنح الآخر نفسه الحق بأن يقرر ويختار لي طريقة حياتي فهذا لا يعني أنه إقصاءا وإلغاءا له ومصادرة لقراره. كما أن اعتماد آلية الحكم والديمقراطية لم توصلا المحكومين أو المكرهين بهما إلى مستوى العصمة، فإن الأمر لا يختلف بدونهما.إذا فإن اعتماد الإكراه يمثل اعتداءا يجعل المكره في وضع يحق له التصرف بما أوتي من قوة لملواجهة وردع اي جهة تمارس فعل الإكراه أو أي شكل من أشكال الإعتداء والبغي. هذا يعني أن عدم جواز الإكراه وكذا فرض أي جهة رأيها على الآخرين وضرورة العمل على منع ذلك لا يشكل تلازما مع الديمقراطية والحكم وتداول السلطة والتعددية الحزبية.أي لا يتوقف على القبول بهم وتطبيقهم.فالأمر يتعلق بالفطرة وما تفرضه سنة الحياة، اي أن حفظ النفس يستدعي ذلك العمل الضروري للمنع والردع.
-
ههههه هذا الكلام أعتقد أنهههههه هذا الكلام أعتقد أنه يلائم إلى حد بعيد سياسة الجريدة، وأنا لا أريد لا سمح الله الخوض في ذلك أو التشكيك به، ولكنني أرى أن هذا الكلام ينطلق من خلفية يسارية في التحليل والكتابة في مجال الشؤون السياسية، وهو يتناسب مع الخلفية السياسية لجريدة الأخبار التي ترفع راية الفكر السياسي اليساري أو الأفكار السياسية اليسارية من وطنية واشتراكية وقومية وشيوعية وسورية... وأنا أضيف إلى ما ورد في المقال أعلاه للدكتور غسان ملحم أنه لا بد من إحياء الفكر اليساري التقدمي النهضوي في كافة البلدان العربية بعيداً عن النفعية والزبائنية والتقليد الفارغ والمشوه.. نعم يجب أن يعرف الكل ألا بديل عن اليسار الوطني والقومي والماركسي حتى في الإصلاح والتغيير والثورة الشعبية من أجل الديمقراطية الفعلية.
-
في أجواء ليلة الميلاد، أود أنفي أجواء ليلة الميلاد، أود أن اقول بأن البلدان العربية، كل البلدان العربية، تحتاج إلى السكينة والسلام. كما يقول الدكتور غسان ملحم، ما يجري في الوقت الراهن لا يمت إلى الديمقراطية بصلة. فالفوضى والتخبط الداخلي الذي تعيشه المنطقة هو نتجية التدخلات الخارجية التي تلهث وراء المصالح الأجنبية الإستراتيجية، وغياب الرؤية الوطنية التي تستهدف تحقيق المصلحة الوطنية العليا وتحصين الوحدة الوطنية الحقيقية. في اجواء ليلة الميلاد، أود أن أتوجه إلى جميع الأحزاب والقوى السياسية في لبنان وفي كل الدول العربية لأدعوهم كلهم إلى الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء من كافة الأطراف والتيارات السياسية والأيديولوجية. ولنعلم جميعاً أن المؤامرى ماضية، ولا حل بغير الوحدة والحوار والوفاق بين أبناء الوطن، كل وطن... فعجباً لأمة لا تدرك الحقيقة ولا تخرج من الظلمة إلى النور!!
-
بالتأكيد الجواب على السؤالبالتأكيد الجواب على السؤال اللي بعنوان المقالة هو لا ألف مرة! ما حدن يضحك علينا وما حدن يصدق اللي عم يصير وما حدن يفكر إنو نحن اليوم أقرب إلى الديمقراطية... بل الغوغاء والفوضى مع الأسف!
-
أنا بشوف إنو من حق الحركاتأنا بشوف إنو من حق الحركات الإسلامية كغيرها من التيارات السياسية أن تأخذ نصيبها من التجربة، وأن يتم تقييم التجربة وعلى هيدل أساس تجري المساءلة والمحاسبة في وقت لاحق، ولكن بعد إعطائها فرصة تكون كافية ومساوية لما ناله الأخرون.
-
أنا مع الكاتب باللي قاله حولأنا مع الكاتب باللي قاله حول رؤيته وتقييمه للمشهد العام بالعالم العربي، سواء في ما يتعلق بالماضي، بالتاريخ السياسي للمنطقة، أو ما يتعلق بالحاضر ومن خلاله محاولته استشراف المستقبل. أنا أرى أنه من المهم جداً أن تتضح الرؤية الضبابية كي يعي الرأي العام العربي بكل فئاته وشرائحه خطورة هذه المرحلة تاريخ الدول العربية الحديث وخاصة المعاصر. يبقى عندها الرأي العام في البلاد العربية هو الحكم وهو صاحب السلطة الحقيقية أو مصدر السلطات بحسب مفهوم الديمقراطية. غير ذلك لا يمكن أن يكون فعلاً تحولاً إيجابياً مهما اشتدت وطأة الأحداث والتطورات.
-
كالعادة يا دكتور غسان: تحليلكالعادة يا دكتور غسان: تحليل متميز. أنا عن جد بتفق معك بكل ما تقوله في هذه المقالة. نحن بحاجة متل ما ختمت لقرارات جريئة. وهيدل خلاصة بتكفي.
-
مقالة كتير مهمة. بالفعل لازممقالة كتير مهمة. بالفعل لازم الحركات السياسية الإسلامية تقول بكل صراحة شو بدها. المنطقة كلها ما بتتحمل المزيد من المراوغة والرياء بالسياسة، أو المزيد من المغامرات. البلدان العربية كلها بحاجة إلى إعادة بناء، وهيدل الأمر ما بيصير بغير الصدق والصراحة والمشروع الوطني اللي بيلقى التاييد الشعبي. كفانا فشل وأخطاء، حان الوقت لاتخاذ قرار جريء من أجل حماية مصير ومستقبل المنطقة وكل الأوطان فيها.
-
حين قرأت هذه المقالة وكأنيحين قرأت هذه المقالة وكأني بالكاتب وضع يده على الجرح. إذ أنه أحسن نوصيف الواقع العربي الراهن في ظل شيوع ظاهرة الربيع العربي. أنا أتفق مع الكاتب تماماً حول السياق التاريخي الذي أدى إلى ظهور وصعود الأصولية الإسلامية، وكذلك حول نظرتة إلى ما يجري حالياً لكونه لا يستقيم مع منطق الديمقراطية ومبادئها وأصولها على الإطلاق. من هنا، أنا أؤيد دعوة الكاتب في الختام للحركات الإسلامية، كافة الخركات الإسلامية، إلى المجاهرة نعم المجاهرة بما تريد لا سيما في مصر وسوريا.