وا عتباه وا ألماه
استوقفني مقال أطلق من خلاله وليد جنبلاط صرخة استغاثة لخلاص مسيحيي لبنان من الانقراض بسبب بيعهم لأراضيهم وتركهم البلاد. إنني أشاطره صرخته من دون أن أتساءل عن الأسباب الموجبة الخاصة بالوزير جنبلاط. أما الإيجابي في موقفه فهو أنه من خلاله يعترف بتاريخ الوجود المسيحي، لا سيما في مناطق الجبل، علَّنا نتفاهم بكل صدق على كيفية العيش معاً على أساس مبدأ «الشراكة والمحبة». لكن وا عتباه ووا ألماه بعد أن تابعت جلسات المساءلة في المجلس النيابي. خلت نفسي أعيش في الفترة الزمنية الممتدة بين 1841 و1860 حيث الشحن المذهبي والغباء السياسي. فيا أصحاب الفخامة والدولة والسعادة «زعماء المسيحيين»، لم أسمع من نواب أحزابكم وتياراتكم وتكتلاتكم أي كلام عن أحوال المواطنين المسيحيين في مناطق الشوف وعاليه وبعبدا والمتن الأعلى وجزين وضواحيها، أو حتى الشمال، كما لو أن وجود المسيحي ينحصر في مناطق ثلاث من جبل لبنان والأشرفية. أو نسيتم وأنتم الغيورين على أمن المسيحيين ومستقبلهم، ليس في لبنان فحسب بل في بلاد الشرق، أن التاريخ علمنا أن الوجود المسيحي الإسلامي في جبل لبنان الجنوبي وأعاليه كان وما زال العمود الفقري لدولة لبنان الكبير؟ أم مطلوب منا النزوح من تلك المناطق، لا خوفاً من التهجير بل من أجل هجرة طوعية مستقبليّة لجيل أولادنا إلى بلاد الاغتراب.
اعذروني إذا تكلمت بلغة مناطقيّة وطائفية، ولكنكم بسياساتكم الهشّة قسمتم شعب لبنان، لا إلى شعوب بل إلى قبائل مذهبية ومناطقية متناحرة من أجل تأمين مصالحكم الانتخابية، ولا يعترف بعضها ببعض حتى حدود الحقد والإلغاء، فلا حوار، بل بثُّ الخوف والقلق بسبب إرهاب فكري لا مثيل له.
كفى استهتاراً بعقول الناس وتهميشاً لدورهم وكفاءاتهم وهدراً لثروات البلاد.
أفليس لدى أحزابكم وتنظيماتكم وتكتلاتكم أشخاص مثقفون ومخضرمون لديهم الكفاءة والخبرة لدخول الندوة البرلمانية والاهتمام بشؤون الناس وشجونهم ويتوجهون إلى الرأي العام بخطاب بنّاء لمستقبل جيل أولادنا؟
بالله عليكم حافظوا أقلَّه على ماء الوجه، حتى لا نرى أنفسنا في فترة زمنية قريبة، وبسبب ما يحصل من أحداث من حولنا، نبكي على أطلال زمن وجودنا في بلادنا في الشرق.
بدون انتفاضتنا على تخلّفنا الفكري في تعاطينا السياسي واستعادة دورنا الريادي النهضوي، «فلمن تقرأ مزاميرك يا داوود؟».
المحامي جورج إدوار سلــــــوان ــ البيره الشــوف