ان كانت بعض المراجع السياسية تنبهت بالامس القريب الى انّ السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان، قد فتح المعركة الانتخابية النيابية باكراً، فلقد فاتها انّ طرفاً سعودياً لبنانياً ــ والجنسية هنا تستعمل عندما تقتضي الحاجة ــ قد فتح المعركة منذ بضعة أشهر، حين تنبه إلى أو تذكر أنّ الاعلام اللبناني هو من اهم الادوات اللوجستية في المعركة اللبنانية القادمة.
بدأ الامير الوليد بن طلال معركته داخلياً، عندما قرر السيطرة على مفاصل المؤسسة اللبنانية للإرسال، وتحديداً الارضية منها، متناسياً انّ لا حق له فيها أو عليها، بل انّ عقداً تجارياً محضاً يجمع شركاته الاعلامية بها.
قطعت ادارة الأمير، أي شركة «باك»، المال منذ فترة عن المرافق الحيوية للـ«إل.بي.سي»، ثم ادعت على مديرها العام، وروّجت حصول سوء ادارة، بينما مديروها السعوديون ذهبوا للبحث عن حلول بديلة وخطط قد يذهب ضحيتها 400 موظف لبناني على الاقل. من ناحية اخرى، تبين انّ لعبة الكواليس هي لعبة سياسية ايضاً، فحيث فشل سمير جعجع وحليفه سعد الحريري، يطمح الامير إلى النجاح.
الفوز على الضاهر، وتأمين انصياعه الأرضي والفضائي الكامل، بات هو الهدف. من المهم في هذا التخبط الحاصل عربياً، ومع اشتداد الازمة ودخول المملكة بثقلها في الثورة السورية ان يكون لحفيد آل سعود بصمة ما في المساعدة، ورسم معالم المرحلة المقبلة. ومن المهم له ايضاً ان يثبت خبرة في السياسة كما اثبت خبرة في ادارة الاعمال، لأنّ الحنكة السياسية قد تعطيه مقعد والده الشاغر في هيئة البيعة السعودية، وهو إن احسن التصرف وروّض الشيخ العنيد، فقد يلقى مكافأة من اعمامه. وان تعثر الأمر في المفاوضات مع الضاهر، يبدو انّ لمساعدي الأمير خططاً بديلة. فها هو تركي الشبانة يبني الجسور مع تلفزيون الجديد ويبدأ تحالفاً برامجياً مطلعه برنامج «للنشر»، وهو باكورة التعاون بين الامير والمحطة التي لطالما حضنت سياساتها العداء للسعوديين وتناغمت نشراتها مع تطلعات احزاب قومية عربية، هي بعيدة كل البعد عن سياسات آل الصلح (جد الامير)، هم الذين قتل الحزب القومي السوري رأس عائلتهم وفخرها الرئيس رياض الصلح. كما انّنا نرى انّ ابنة الرئيس الراحل، وخالة الأمير قد تناست تاريخ تلفزيون الجديد في سبيل عرض آخر نشاطات البر والخير التي ترأسها.
في كواليس الامير السعودي، تسير التحضيرات الانتخابية على نار حامية. مع من نتحالف؟ ومن ندعم؟ وبخدمات أي محطة لبنانية نأتي؟
ذلك هو السؤال، فتلفزيون المستقبل هو خارج الحسابات وولاؤه معروف، اما تلفزيون لبنان فهو تلفزيون الدولة.
غير أن المؤسسة اللبنانية للإرسال هي الهدف والضغط جار، لكن لا بد من خطط بديلة، إن ظهرت الى العلن قد تبدّل من مواقف الضاهر او تستفزه. إذ إنّ تلفزيون «ام تي في» موجود، ويبدو أنّ صفحة الخصومة مع اصحابه قد طويت، وتبقى المفاوضات مالية، كما أنّ القرار لم يتخذ بعد في المحطة بالانفصال عن فريق 14 آذار، لأن الحسابات المالية للمعركة القادمة لم تكشف بعد.
اما تلفزيون الجديد فهو، كاسمه، لاعب جديد في حلبة الامير السعودي الذي ربما يطمح لاكثر من مقعد في هيئة البيعة السعودية واحلام ما قبل 2005 اللبنانية قد عادت لتراوده...
* كاتب لبناني