نبكي مُلكاً
يحتاج التعليق على نمو الحركات السلفية والأصولية في العالمين العربي والإسلامي الى دراسات معمّقة خاصة على المستوى الإجتماعي وتداعياته السياسية، إذا كان واحدنا يريد الخروج باستنتاجات قابلة لأن تتحوّل الى سياسات فعلية على الأرض. أما بالنسبة الينا، نحن المسيحيين اللبنانيين، فالأرجح أننا متخلّفون في دراسة البيئة التي نعيش فيها. ويعود هذه التخلّف عقوداً، الى زمن تأسيس الكيان اللبناني أو ربما قبله. أضف الى ذلك أننا لم نحسن تبنّي الموقف المناسب إزاء تطورات المنطقة، ولم نعرف أن نقرأ المستقبل ولا تأثيراته على أوضاعنا بمجملها. خذ مثلاً موقفنا من الدولتين المجاورتين سوريا واسرائيل، فقد طبّقنا المثل القائل «لا مع ستّي بخير ولا مع سيدي بخير». وها نحن اليوم نبكي كالنساء ملكاً لم نعرف أن نحافظ عليه كالرجال. لا نعرف كيف نحبّ ولا كيف نكره ولا من نحب ولا من نكره. وليس قبول المدعو سمير جعجع لحكم الأصوليات إلّا نتيجة من نتائج هذا الضياع. لعلّ أصولية المسلمين تستدعي أصولية أخرى توازنها وتبرّر وجودها. لقد كنا بحاجة الى بابا بولوني ليحدّد لنا مبرّر وجودنا في هذه البقعة من الأرض (الرسالة). ترى الى من سنحتاج في الزمن الاتي ليقينا شرّ «استهبالاتنا»؟.

ايلي الحاج

■ ■ ■

مجنون أو «قابض»

وصول الاسلامويين للسلطة يعني حتماً القضاء على أي شكل من اشكال تداول السلطة وتحويل المسيحيين وكل الطوائف والاشخاص خارج حدود «أهل السنة و الجماعة» الى رعايا درجة ثالثة و ما دون. إذ أن رؤية الاسلاميين لتداول السلطة والدولة والحكم يقوم على الاسس التالية:
البيعة: أي اختيار «ولي الأمر» من ضمن الجماعة، وعلى باقي الرعية القبول. أما الخروج عن البيعة (ما نسميه حديثاً معارضة) فهو أحد أبواب الكفر، وبالتالي أمام المعارض أحد حلين: إما الاستتابة أو القتل.
التكفير: فالمجتمع مقسوم الى قسمين «دار كفر» و«دار اسلام»، ومن لم «يهاجر» الى دار الاسلام فهو من أهل الكفر.
العنصرية: فهم «خير أمة اخرجت للناس»، ولهم وحدهم الحق في «ولاية الأمر»، أما الآخر فهو إما «ذمي»، ويضم هذا التعريف المسيحيين واليهود الذين يجب أن يكونوا مطيعين لولي الأمر، أما بقية الطوائف الاسلامية فأستعير فتوى «شيخ الاسلام» ابن تيمية حيث يقول «أما الشيعة والعلويون و الدروز و الاسماعيليون... الخ فهم أشد خطراً على الاسلام من الكفار المقاتلين».
بالمختصر، المسيحي والعلماني غير الخائف من «الخريف العربي»، إما مجنون أو قد قبض ثمن أهله ومجتمعه.

عمر سكرية