رفقة الشهيد الشقاقي
كانت لي علاقة ودّ ومحبة وصداقة لمدة عامين متتاليين مع الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي.
كانت النقطة المركزية لأي حوار نهاري أو مسائي في المنزل أو في السيارة هي القضية الفلسطينية وأهمية استنهاض الأمة في سبيل تحرير فلسطين من براثن الاحتلال، كيف لا وهو المijم دائماً بتوجيه السؤال اليومي: ماذا قرأت اليوم؟ ماذا سمعت من أخبار عن فلسطين وانتفاضتها؟ إن الخبر الذي سمعته اليوم عند الساعة الثانية فجراً لم يكن معلومات دقيقة.
وهكذا تمر الساعات والأيام، لقاءات ومواعيد ومثابرة على سماع الأخبار ساعة بساعةK وفجأة يعرض عليك دراسة أو بحثاً ويقول هذا ما كتبته وأريد رأيك فيه. لقد كان الدكتور فتحي أو عز الدين الفارس أبو فتحي عبد العزيز، أو أبو إبراهيم، أو إبراهيم الشاويش وهو الاسم الأخير الذي حمله لحظة استشهاده يبدي حرصاً شديداً على مناقشة أي دراسة أو مقالة أو مجلة حتى ولو استشارة تأتيه من بعيد.
في الليلة الأولى من أيام المبعدين الفلسطينيين إلى مرج الزهور، أصر الدكتور فتحي على التوجه إلى مرج الزهور، ولو سيراً على الأقدام، وباءت كل المحاولات في سبيل إقناعه بتأجيل الزيارة إلى النهار التالي بالفشل. وكان ما أراد وتوجه إلى مرج الزهور رغم بعض العوائق الميدانية، ووصل إلى هناك وعانق الإخوة المبعدين وصافحهم فرداً فرداً واطمأن إلى صحتهم.
لقد كانت الأيام السبعمئة وأكثر، حافلة بالعبر والعبرات، العبرات على فقد الشهداء، والعبر للتزويد والاستمرار في نهج المقاومة والجهات. وهو الذي قال في ذكرى مرور أسبوع على استشهاد السيد عباس الموسوي عام 92: «إن حركة يستشهد أمينها العام لا تنكسر»، وما محطة 26/10/1995 أمام فندق «الدبلوماسي» بحي سليمة في جزيرة مالطا عند الساعة الواحدة من ظهر يوم الخميس إلا المحطة الأخيرة من المحطات الجهادية في الحياة الدنيا للدكتور فتحي الشقاقي، حين كان عائداً من ليبيا إلى دمشق بعد إجرائه حواراً مع القيادة الليبية في شأن قضية عودة الفلسطينيين الذين طردتهم ليبيا باتجاه الحدود المصرية، ولتبدأ بعدها رحلة غربة الجسد الشاهد من مالطا بعد رفض عبور الجثمان حتى لأجواء بعض البلاد العربية، وصولاً إلى تدخل الرئيس الراحل حافظ الأسد، وينقل الشهيد فتحي الشقاقي بعدها إلى دمشق ليوارى في ثرى روضة شهداء فلسطين.
جعفر سليم
إعلامي فلسطيني