إيليا ملْكي: من تلفزيون العملاء إلى... بيروت!

صُدمت عندما شاهدتُ واحدةً من المجلات الإعلانية المجانية اللبنانية تروّج لاجتماعات وصلوات القسّ «إيليا ملْكي»، معيدةً إيّاه إلى الوراء ربع قرن من الزمن. وبالتحديد إلى الأيام التي كان فيها نجم شاشة تلفزيون الشرق الأوسط، الناطق باسم الميليشيا العميلة التي أنشأتها إسرائيل إبّان احتلالها جنوب لبنان.
ولا تزال صورته متربّعة على عرش تلك الشاشة، من خلال برنامجه التبشيري، ماثلةً أمام عيني. ولا يزال صوته يتردّد في أذنيّ مردّداً عبارتين اشتهر بهما: «حطّ إيدك عالشاشة وصلّي معي»، و«ما تطفي التلفزيون، خلّيك معي»، والعبارة الأخيرة كان ينطق بها كل خمس أو عشر دقائق لعلّه يفاجئ أحد مشاهديه!
وهذا ما حصل مع أحد الشبّان الذين لم يَرُقهم البرنامج المذكور فتوجّه صوب التلفاز لإطفائه، فإذْ بملكي يباغته بعبارته تلك، فتجمّدت يد الشاب، وجلس مستسلماً أمام القس الذي: «يعلم الغيب، ويشاهد مشاهديه.. بدل أن يشاهدوه هم»!
إنّ من حق ملكي أن يبشّر بأفكاره وينشرها تبعاً لمبدأ حرية المعتقد، أسوةً بالدُعاة من الأديان الأخرى، ولكن ليس له حرية الإطلالة الإعلامية عبر محطة ميليشيا عميلة لجيش محتل غزا لبنان واقتطع جزءاً من أراضيه وبنيه، فقتل وجرح وأسر وهجّر ودمّر.
وليس للسيد ملكي حرية أن يدسّ عسل الدين المسيحي، الذي نجلّ ونحترم، في سمّ الدعاية المتصهينة التي كانت محطة الشرق الأوسط بوقاً مكرّساً لنفثها، ولا في دسم الحقد الصهيوني المتجلّي في مشاهد التمثيل بجثث المقاومين، التي تخصّصت تلك المحطة في بثّها وإطلاق صفة «المخرّبين» على أصحابها الذين بذلوا مهجهم لصيانة لبنان وتحرير أرضه.
ولا يعتقد كاتب هذه السطور أن هناك ديناً سماوياً ينادي بالمحبة والفداء، يقرّ بمبدأ الغاية تبرّر الوسيلة، ولا يعتقد أن السيد المسيح قد عمل بهذا المبدأ ولو مرّة واحدة، ويجزم بأنه لو قُدّر للسيد المسيح أن يكون في عصرنا لما سمح لنفسه الكريمة بأن تطلّ عبر تلك المحطة داعيةً ومبشّرة، وهذا ما ينطبق على الأديان الأخرى وأنبيائها.
إن اجتماعات إيليا ملكي المروّج لها يجب أن تكون هدفاً سلمياً لهيئات المجتمع المدني المنادية بمقاطعة إسرائيل وعملائها.
ويجب أن يتحوّل هذا المقال إلى إخبار للنيابة العامة بموجب المادة 278 من قانون العقوبات التي نصّت على: «كل لبناني قدّم مسكناً أو طعاماً أو لباساً لجاسوس أو جندي من جنود الأعداء (...) أو أجرى اتصالاً مع أحد هؤلاء الجواسيس أو الجنود أو العملاء وهو على بيّنة من أمره يُعاقَب بالأشغال الشاقة المؤقتة».
عجيبة جديدة في بلد العجائب: إيليا ملْكي من تلفزيون العملاء إلى... بيروت!
الأسير المحرّر جلال شريم