الشيخ شفيق جرادي*ما زال قابيل يمثّل وجه الفساد في الأرض، وما زال يقتل أخاه هابيل كلَّ يوم.
قديماً كان النزاع على حُسْن امرأة أرادها قابيل لنفسه دون أخيه.
وجاءه الذكر الحكيم ﴿وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، إذ لكلٍّ في هذه الحياة قِسْمةٌ لا ينبغي أن يتجاوزها بالحسد والحقد المولِّد للجريمة، لكنّ قابيل لم يتُب. وأسفك الدم في العائلة التي ناهضته يوم كانت النبوّة وقربان الإله في (فخذٍ من أفخاذ) أسرة دون أخرى من العائلة. وجاءت الفتنة الكبرى باسم العشيرة وقداسة الدين المزيَّف. إنّ من أعظم الموبقات في القتل والفساد وسفك الدم، موبقات الدم الذي يُقدَّم على مذبح قداسة الدين المزيَّف.
تاب آدم ثمّ مات، ثمّ تاب ثمّ مات، إذ في كلّ ولادة لآدم بالتوبة كان قابيل، وصمة الجريمة، يلاحقه ليقتله من جديد.
عجباً لآدم هذا، ما أكثر ابتلاءاته. لقد قاتل أخيراً الشرير، وصفعه حتّى غار عن أرضنا في لبنان.
وما زالت كفّ آدم مرفوعة في وجهه وسبّابته ناهضة نحو السماء لتربط حكم الأرض بعزّة السماء، ويستعيذ بالله من الشرير المحتلّ. يهدّده بالويل والثبور وعظائم الأمور. إلّا أنّ قابيل ما سكت ولا آب إلى حضن السلام، يريد حرباً مع كلّ ما ينتمي إليه، من آدم ـــ المقاومة... إلى حوّاء الأرض، إلى إخوته في الوطن والدين والقضيّة.
اليوم قابيل قرّر باسم الدين أن يحارب آدم. اليوم قرّرت الطائفيّة والفتنة أن تلاحق الدين وعزّة المقاومة.
فما هو المشهد الأخير؟
* مدير معهد المعارف الحكميّة
للدراسات الدينيّة والفلسفيّة