حوار الآلهة
تصادفت شخصيتان من حضارتين مختلفتين على طاولة في أحد مقاهي الأرصفة الباريسية. الأول متمرس في تغيير الخريطة السياسية في العالم، والثاني أمضى أكثرية وقته في حياكة نقاط قوة أمته. تبادلا أطراف الحديث عن تقاطع التاريخ والجغرافيا حيث بدأ الاول باستذكار مراحل وصول جيش دولته إلى النورماندي والدخول في الحرب العالمية، وبعد انتهاء الحرب استطاعت دولته التحكم بمقدرات العالم رغم مواجهة عدوها الشيوعي حتى انهياره فأصبحت القطب الأوحد تحت ستار الأمم المتحدة.

قاطعه الثاني معدداً مزايا أمته بمقارعة الدول التي حمت العرش الفاسد في دولته حتى استطاعوا خلعه ومن ثم واجهت حربا عبثية لثماني سنوات، وأنظمة تختلف معها أيديولوجياً، وأنه بالرغم من كل أشكال الحصار استطاعت أمته أن تحقق إلى حد ما اكتفاء ذاتياً جعلها من دول الـ 20 + 1.
هنا استعاد الرجلان تقاطع التاريخ والجغرافيا مستذكرين مرحلة نفي الإمام الخميني في فرنسا ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء الإيراني السابق شهبور بختيار في باريس سنة 1980. ثم تذكرا عمليتي تفجير مقرّي القوات الفرنسية والمارينز في بيروت وما نتج من مفاعيل عنها بهروب القوات المتعددة الجنسية عن لبنان. ارتشف كل منهما قهوته ثم عاود الاول الحديث عن نفوذ دولته في بلدان آسيا الوسطى والشرق الاوسط عارضا التعاون والتنسيق مع أمة الثاني الذي بادر الى القول إن أمته لن تسمح بالرهان على تأجيج الصراعات المذهبية والانزلاق إلى أتون الفتنة الذي لن يصيب دولة واحدةـ مشيراً إلى مصالح دولة مجالسه في المنطقة والقواعد العسكرية السهلة المنال المنتشرة فيها. هنا سمعا خبرا عن المحكمة الخاصة بلبنان، فعدد الثاني دور باريس في (1) المعطيات المتعلقة بالمحكمة الخاصة باغتيال الرئيس الحريري، (2) مصالح شركة توتال وحادث مقتل رئيس مجلس إدارة الشركة في تحطم طائرة، (3) انابيب النفط والغاز المزمع تمديدها في آسيا الوسطى ومنطقة الشرق الأوسط (4) وحراك الأليزيه في اتجاه الأطراف المعنية لإنضاج وتأمين انتخاب رئيس جمهورية في لبنان. توقف الحديث عند هذا الحد ليستكمل كل من الشخصيتين رحلته من التاريخ والجغرافيا نحو: الأول في العبث بالإستقرار والاقتصاد العالميين والثاني لتأكيد حقوقه التاريخية والشرعية...
علي محيدله