نزل الجنود السعوديون بسرعة من عرباتهم، وتجمعوا في شكل حلقة واسعة محكمة، في موقف السيارات القريب من مبنى «الملكة»، في مدينة جدة. كانت الشمس تصلي الرؤوس صلياً، في ظُهر ذلك اليوم الجهنمي: الجمعة 15 تموز 1977. أخذ الجنود السعوديون يبعدون الفضوليين الذين تجمهروا في المكان، ثمّ فًُتِحت أبواب شاحنة، وأنزل منها بغلظة وفظاظة شخصان مقيّدان.
فتى وفتاة. الشاب كان مذهولاً، مرتعباً، متورم الوجه، عاري الرأس، عليه جلباب متسخ وممزق من ناحية الصدر. والفتاة ترتعد فرقاً في عباءتها السوداء الطويلة. كانا مضطربين خائفين، كفريستين وقعتا بين مخالب وأنياب.

جرّ الجنود الشاب جرّاً إلى وسط حلقتهم. كان يتخبّط بين أيديهم، ويقاومهم بجنون رغم القيد الذي كبِّل به. اقتيدت الفتاة الخائرة القوى وأجلِست على ركبتيها إلى جانبه. ثمّ تقدّم من ورائهما مارد أسود وجهُه غليظ يطفح بالويل. الأسود كان طويلاً ونحيلاً كأنه ثعبان. في يده لمع، تحت أشعة شمس الصيف، سيف عريض وحاد. أجبر الجنودُ الشابَ الذي انتابه صرعٌ على الركوع من جديد على ركبتيه. شدوا وثاقه بحبل ثمّ ربطوا ساقيه حتى لا يتحرك في جلسته تلك أبداً. الفتى المسكين يبكي جزعاً، ويصرخ بأنه حقاً بريء. والفتاة بجانبه قد جف حلقها وذهلت عيناها، وتيبّس لسانها، واقشعر بدنها، فهي كمن تترقب ملك الموت.
خطا الموت الأسود خطوات من ورائهما، وهو يهز بسلاحه. وقف الموتُ فوق رأس الفتى المقوّس الظهر، الراكع، الجزع، الغافل عمّن وراءه. نخز الجلاد بطرف نصل سيفه أسفل ظهر الفتى. انتصب قوامه، واستقام جذعه من وجع النخزة. انكشفت رقبته. كانت ممدودة، متيبّسة، متشنجة، عروقها ممتلئة بالدماء. رفع الأسود السيف بسرعة إلى الأعلى ثمّ هوى به على العنق المشدود. حز السيفُ العروق حزاً فانفجر الدم نافراً على وجه الفتى وجسده، وعلى ثياب الجلاد. كانت الضربة من خلف الظهر مؤلمة إلى حدّ أن الجسد المشدود بالحبل انتفض بشدة. كأن الذبيح، لشدة وجعه، يحاول التفلت والنهوض والهرب. لم يقطع الرأس تماماً برغم الحز، فعاجله السيّاف بضربة أخرى أشد. انفصلت الهامة عن الجسد. تدحرج الرأس المقطوع كأنه كرة، ثمّ استقر ملطخاً بدمائه على الأرض. عينا المذبوح كانتا قانيتين، ولسانه ممدود من حلقه، والجسد المنحور بقي لبرهة وجيزة مَصْلياً على ركبتيه، ثمّ بعدها انكبّ إلى الأمام. كأن الذبيح قرر أن يسجد لله! انقلب على الأرض. ظل جسد الشاب المذبوح يرتجف، ويرتجف... وأطرافه تتلوى وتتلوى. ثمّ بعد دقائق همد... والفتاة انتابها بادئ الأمر رعب. ومن فمها انفجرت صرخة يابسة حين هوى السيّاف على الفتى. وهولٌ غشِيَها، وخبل. ثم تخشبت في مكانها، وبدت كالمحنطة!
لعلّ البدعة المستحدثة عند
الأمراء الجدد هي أن يتباروا في صب دولاراتهم على حسناوات هوليوود

تقدم إلى حلقة الموت رجل كهل مهيب. لحيته مصبوغة على شكل سكسوكة قصيرة مشذبة، ودشداشته بيضاء، ونظارات سوداء كبيرة على عينيه. أوسع الجنود له الطريق برهبة دلت على أنه ذو مكانة كبيرة ونفوذ في البلاد... تقدم الكهل حتى صار أمام الفتاة تماماً. رفعت إليه عينيها الميّتتين. تمتمت بكلمات خافتة. كأنها ناشدته الرحمة... نظارته السوداء تحجب شكل عينيه. أصابعه المرتعشة تسللت ببطء إلى حزامه. أخرج مسدساً من جراب. التقت العينان القاسيتان بالعينين البائستين. رأى دموعها وضعفها وضراعتها. أطلق النار على الرأس الصغير.
كانت الفتاة، التي لم تتجاوز يومها تسعة عشر عاماً، تسمى الأميرة مشاعل بنت فهد بن محمد بن عبد العزيز آل سعود. وأمّا الفتى الذي قُطع رأسه لأنه اتهم بأنه عشيقها، فكان اسمه خالد المهلهل (هو ابن أخت اللواء علي الشاعر، السفير السعودي في لبنان حينذاك). والكهلُ الذي أعدم الأميرة، قيل إنه أبوها. وقيل إن قريب لها أرسله - ليغسل العارَ بالدمِ - جدُّها محمد، المعروف بلقب «بو شرين»... ولقد كان الأمير محمد «أبو شرين» - بحسب الذين بحثوا في تفاصيل هذه الحادثة (1) - هو من أصرّ بعناد على إعدام حفيدته التي لطخت بالعار سمعة آل سعود! و«أبو شرين» كان حينذاك رئيساً لمجلس الأسرة المالكة في السعودية، بحكم أنه أكبر أبناء الملك عبد العزيز الأحياء. و«أبو شرين» هذا، هو الشقيق الوحيد للملك خالد، عاهل المملكة يومها. وهو الذي تطوع قبل سنين لِيَهَبَ المُلك إلى شقيقه الأصغر بدلاً من أن يتقلده بنفسه.

صورة الأمير في شبابه

كان الأمير محمد هو الابن الرابع لعبد العزيز، بعد تركي الذي مات في شبابه، وسعود وفيصل الذين توليا الحُكم. وكان محمد أكثر أولاد الملِك شغباً وعنفاً وحدّة. ولأجل ذلك كنّاه أبوه بلقب «أبي الشَرَّيْن». ولم يكن محمد يخشى أحداً، ولا حتى أخويه الأسنّ منه. بل إنّ أخاه غير الشقيق، ولي العهد سعود، كان أكثر من عانى من سلاطة لسانه (لعب محمد بعدئذ دوراً أساسياً في الاصطفاف العائلي الذي أطاح بسعود عن العرش، في تشرين الثاني 1964). لكنّ عبد العزيز استغل تلك الجلافة في طباع ابنه محمد، فأمّره - رغم حداثة سنه - في بعض المعارك الجانبية للجيش السعودي. وأبلى الابن في القتال ما استحق به مكافأة أبيه له بتوليته على المدينة المنوّرة، وهو لم يتجاوز بعدُ خمس عشرة سنة. ولقد بقي محمد أبو الشرين أميراً على مدينة الرسول أربعين عاماً متواصلة. لكنّ أمير المدينة المنورة برهن عن شغف آخر، غير شغفه بافتعال المشاكل مع إخوته وأبناء عمومته الكثر. فلقد كان محمد مولعاً بالنكاح... يتزوج من النساء ويطلق، حتى بات عدد من تزوجهنّ غير محصور، وكل ذلك خلافَ اللاتي ملكت يمينه (كانت زوجاتٌ خمسٌ له هنّ اللواتي دعين بلقب «أميرة»، بحكم انتسابهنّ للسلالة، أمّا الأخريات المطلقات أو المحظيات فلا يذكرن!)! ولقد أنجب الرجل طيلة عمره المديد ذرية من الأبناء قوامها 17 ولداً، و12 بنتاً. وفوق ولعه بالنكاح، فقد أظهر الأمير محمد ولعاً آخرَ بالبغايا. ولعله قد اكتشف عالمهنّ المثير يومَ وطئت قدماه لندن أول مرة، في أيار 1937. ولقد وصل إليها الأمير الشاب البالغ من العمر يومها 27 سنة، مبعوثاً مع أخيه الأكبر ولي العهد الأمير سعود، ليُمثلا والدهما في حفل تتويج الملك جورج السادس صيف ذلك العام. واحتفى «دهاقنة» وزارة الخارجية البريطانية بالضيفين السعوديين. وإنّ من عاداتهم أن يحتفوا بالضيوف الرسميين - لا سيما الشرقيين منهم - لكنهم مع ذلك خصوا الأميرين الشابين بـ«عناية» خاصة. ولقد كان من سياسة الإنكليز أن يطرقِوا مكامن ضعف أولئك الأمراء الشرقيين لاستلابهم، والسيطرة على نفوسهم الخاوية. ولأجل ذلك كانت التقارير تجهّز عن شخصية كل ضيف ومزاجه وطباعه ورغباته، فيسبق وصولها وصوله إلى إنكلترا. وإنّ البعض يُعملُ على استلابه من خلال إبهاره بعظمة الحياة في عاصمة الإمبراطورية، وبرُقيها وتقدمها وكمالها. وأمّا الآخرون فإنّ إغواءهم يكون بطرق أسهل وأرخص، فيكفي أن تُسخّرَ للأمير العربي مرافقاً إنكليزياً يسهّل لـ«سُمُوِّهِ» اقتناص بعض الملذات والمتع الغريزية الممنوعة في بلاده، فإنك بذلك تقبض على روح «سموّه»، وتمسك بلُبِّهِ، من حيث يدرى هو أو لا يدري! وكذلك غرق الأميران السعوديان البدويان في عوالم لندن الليلية ما شاء لهما مضيفوهما، وقطفا من «الأطايب» ما عنّ لهما (حين جَرَت الأيام جريها بعد سنين، وأجرى الله فيض خيره على الأمراء السعوديين، صار موسم الحج إلى لندن وباريس والريفييرا وجزر البليار... فريضة مقدسة ذات طقوس متنوعة، ولا غنى عنها لأحد منهما).

تناكحوا... تناسلوا

وللأمانة، فقد أبدى الأمير سعود ولعاً بنكاح النساء (بأصنافهن) بزّ به أخاه الأصغر محمداً، بل إنه فات في تلك «الفتوح» كل أبناء أسرة آل سعود جميعاً. وتذكر الجداول الرسمية لسلالات العائلة المالكة السعودية أنّ الملك سعود قد تزوج 43 زوجة، خلاف اللاتي ملكت يمينه. وأنه قد أنجب طيلة عمره المديد قبيلة صغيرة، قوامها 115 ابناً (53 ولداً، و62 بنتاً)
على أن الولع بالنكاح والإنجاب، عند آل سعود، تراث توارثه القوم من عبد العزيز نفسه. فلقد دأب الملك المؤسس على وطء النساء، وكانت سُنته (التي ورثها عنه أبناؤه) تقتضي أن ينكح المرأة َليلة واحدة، أو يتمتع بها ليال معدودات، ثم يطلقها. ولم تسلم من أنكحته المتشعبة، لا زوجة ُ أخيه محمد (2)، ولا أرملة أخيه سعد، ولا أرملة عدوّه الصريع سعود بن رشيد حاكم حائل... وذلك أن عبد العزيز ما إن احتل حائل حتى أخذ أرملة ابن رشيد فهدة بنت العاصي بن كليب بن شريم آل رشيد، فوطئها، وأنجب منها ابنه عبد الله (الملك الحالي للسعودية).
ولقد بقي عبد العزيز ينكح النساء (38 امرأة رسمياً، خلا من لم يذكرن أو لم يعرفن لأنهن من الإماء) (3). وبقي الرجل ينجب الأطفال (63 ابناً وبنتاً، خلا من ماتوا صغاراً، أو في المهد). ومن عجائب الأمور أنّ الملك عبد العزيز، وكان قد تجاوز السبعين من عمره، وتعطب بصره، وأصيب بعجز في نصف جسمه الأسفل أقعده عن الحركة، في العقد الأخير من حياته... إلا أنّ كلّ ذلك الشلل لم يمنع الملك السعودي العجوز من إنجاب أجيال جديدة من الأبناء؛ فكان مقرن، وكان هذلول، وكان حمود، وكانت عبطاء، وكانت طرفة... وطرفة وإخوانها وأخواتها الذين أنجبهم العاهل المسن العاجز أن يحرك كل ما تحت بطنه إلاّ بمشقة، كانوا حقاً عجيبة من عجائب الملك المؤسس، رحمه الله (4)!
والفحولة في آل سعود لا تقتصر على الملك الأب فحسب؛ فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أظهر - هو الآخر- قدرات لا بأس بها حين أنجب ابنه بندر عام 1999 من الأميرة هيفاء آل مهنا، وكان عمره آنذاك 75 سنة! ويعدّ الأمير بندر بن عبد الله الابن السادس والثلاثين لملك السعودية الحالي من زوجاته الإحدى والعشرين. لكنّ مشكلة أبي متعب أنه نَسَّاء: ينجبُ ثمّ ينسى من أنجب... فترى بناته المسكينات يتضوّرن جوعاً، ويشكينه إلى الله، ثمّ إلى المحاكم والتلفزات الأوروبية (5)!
تُسألُ الأنثى إذا تزني، وكم مجرم دامي الزنا لا يُسألُ
والهوس الجنسي لم يكن فحسب عقيدة الآباء المؤسسين من آل سعود، فالأبناء والأحفاد قد شقوا لأنفسهم طرائق، في هذا الدين العجيب، وأنشأوا مذاهب، وابتدعوا نِحَلا... ولعلّ البدعة المستحدثة عند الأمراء الجدد هي أن يتباروا في صب دولاراتهم صبّاً على حسناوات هوليوود. والقصص عن بعض الأمراء السعوديين و«هَبلهم» لا تكاد تنتهي في صحف الغرب. فهذا هارفي وينستون منتج الأفلام يروي كيف أنّ أميراً عرض أن يدفع 500 ألف دولار لأجل أن يحظى بشرف التحدث مع «معبودته» الممثلة كريستين ستيوارت. وفعلاً فقد وافقت الممثلة أن تتحدث معه 15 دقيقة كاملة، بشرط أن يتبرع بنصف المليون دولار لضحايا إعصار «ساندي»... وهذا مارك يونغ الحارس الشخصي البريطاني الذي عمل في قصور آل سعود منذ أيلول 1979، يصدر كتاباً بعنوانSaudi Bodyguard، ويروي فيه ما عايشه من قصص مخزية تتعلق بعالم «الشذوذ والدعارة والاغتصاب واللصوصية والقتل والإدمان على المخدرات والكحول والقمار» عند بعض الأمراء السعوديين. وزاد مارك يونغ فوثق شهادته بعديد الصور التي تجمعه بأولئك الأمراء؛ وبوثائق تثبت أنه عمل لديهم. لكن أطرف ما أورده يونغ، كان قصة نائب وزير الدفاع السعودي السابق خالد بن سلطان المتيّم بجسد الممثلة الدانماركية الأصل بريجيت نلسون (زوجة سابقة لسيلفستر ستالون). وروى يونغ كيف كان سموّ الفريق أول الركن خالد بن سلطان «يتكتك» ويخطط لكي يمارس الجنس، ولو لليلة واحدة، مع الطويلة الشقراء. ثمّ إنّ الأمير الماريشال وصل به الشوق حدّ أن يعرض مليون دولار كاملة من أجل تلك الليلة الحمراء! وأمّا الأمير والوزير عبد العزيز بن فهد، أصغر أبناء الملك الراحل، كانت عيناه على الممثلة التلفزيونية، ذات الأصول اليهودية، ياسمين بليث. ويبدو أنّ «عزّوز» قد صرف عليها، ما يكفي لحل مشكلات العنوسة في بلاده (صار الأمير عبد العزيز بن فهد، الآن، بعد أن تاب وأناب وأطلق لحيته، داعية وهابياً، وممولاً لقناة «وصال» التكفيرية).
■ ■ ■
... أعاد الأمير مسدسه إلى جرابه، بعد أن غسل العار عن أسرة آل سعود، بقتله للصبية. استدار نحو سيارته الفارهة، يتبعه حارساه. هرول الجنود إلى حيث سقطت الضحية ملطخة في دمائها. غطوا جسدها النحيل المضرّج بلحاف. أتى آخرون بنقالة، ووضعوا الجثة فوقها، وأسرعوا بها نحو شاحنة. تقدّم آخرون إلى الفتى المذبوح. كانت نافورة الدم لا تزال تسيل من شرايين عنق حزّه سيف. تعاونوا على حمله إلى شاحنة أخرى. مدّ جندي يده ليلتقط الرأس الذي تدحرج بعيداً عن صاحبه. كانت عينا المذبوح قانيتين، ولسانه ممدود من حلقه، والدم يقطر ويقطر...

هوامش

(1) في عام 1980، بثت قناة ATV البريطانية فيلماً وثائقياً/ درامياً، عنوانه «موت أميرة»، وموضوعه قصة إعدام الأميرة مشاعل وصديقها. وسبّب عرض هذا الفيلم أزمة دبلوماسية كبيرة بين الرياض ولندن. فقد أمر الملك خالد بطرد السفير البريطاني من المملكة رداً على هذا التدخل السافر من تلفزيون بريطاني في شأن سعودي عائلي. وأمّا الممثلون المصريون الذين شاركوا في تمثيل الفيلم فقد منعوا نهائياً من دخول السعودية. واضطرت الممثلة سوزان أبو طالب (مثلت دور الأميرة القتيلة في الفيلم) أن تغيّر اسمها إلى «سوسن بدر» حتى تتجنب تأثير الحظر السعودي عليها.
(2) كانت حصة بنت أحمد بن محمد السديري واحدة من زوجات عبد العزيز آل سعود، وقد ولدت للملك ابناً سماه سعداً، (توفي صغيراً) ثمّ إن عبد العزيز بدا له أن يطلقها. فتزوج حصة َمن بعده أخوهُ الأمير محمد بن عبد الرحمن. فولدت حصة للأمير محمد ابنه عبد الله. ثم إنّ عبد العزيز اشتهى أن يسترجع طليقته السابقة من جديد، فأمر أخاه محمداً أن يطلقها. وتزوج عبد العزيز حصة السديري بعد تطليقها من أخيه، فأنجبت له سبعة أبناء وسبع بنات، أشهرهم فهد (الملك)، وسلطان، ونايف (وليا العهد السابقين)، وسلمان (ولي العهد الحالي). فبذلك يكون الأمير عبد الله بن محمد هو ابن عمّ الملك فهد، وهو أخوه أيضاً!
(3) كان نظام الرق شرعياً في السعودية إلى حدود عام 1962، حين صدر أمر ملكي بإلغائه. وكانت الجواري الشركسيات والأرمينيات والمغربيات، والإماء السودانيات هنّ أمهات عديد الأمراء السعوديين الحاليين. ولقد روى السفير ج. ريفز تشايلدز المفوّض الأميركي لدى المملكة في الفترة بين 1946 ـ 1951، في مذكراته، قصة طريفة عن الملك عبد العزيز. فالعاهل السعودي أشفق على السفير الأميركي حين فطن إلى أن زوجته لم تأت معه إلى المملكة، فعرض عليه أن يَهَبَه جارية لتبعث البهجة في لياليه. ولقد قص تشايلدز الحادثة على زملائه الدبلوماسيين في جدة متندراً. قال إنه رفض العرض الملكي طبعاً.
(4) كان الملك عبد العزيز يعاني، في العقد الأخير من حياته، من أمراض مزمنة عدّة. وكان يطلب مطلبين من أطبائه الأميركيين الذين كانت شركة «أرامكو» تسعفه بهم. ومطلبه الأول هو المساعدة الطبية لوقف الألم الحاد في ركبتيه، بعد أن سلّم بعدم قدرته على الحركة. وأمّا المطلب الثاني فأن يساعدوه في استعادة قواه الجنسية. ولكنّ محاولات الأطباء المحليين والأميركيين كانت من دون جدوى. ولقد قام الطبيب A.I.Wait من السفارة الأميركية، عام 1947 بإجراء فحص شامل لعبد العزيز، فعاين العمى الذي أصاب عينه بسبب التراخوما، وحاول معالجته من التهاب المفاصل المتضخم في ركبتيه، والذي كان يقعده تماماً عن التحرك. وفي نيسان 1950، كتب الطبيب الخاص للرئيس الأميركي هاري ترومان، Col. Walace Graham . أنّ الملك عبد العزيز بدأ يفقد قواه العقلية، وأنه يلازم كرسي المقعدين بصورة دائمة وأنه يعاني بشدة من التهاب المفاصل، وأنه منذ عقد من الزمن قد صار مقعداً تقريباً.
(5) تفجرت فضيحة سعودية جديدة، حين أعلنت الأميرتان سحر وجواهر بنتا الملك عبد الله بن عبد العزيز، من خلال حسابيهما على «تويتر» (وأيضاً في مقابلة عبر القناة الرابعة البريطانية) أنهما محتجزتان في بيت في جدة، منذ 12 سنة. وأنهما بصحبة شقيقتيهما هلا ومها يمنعن منذ عشر سنوات كاملة من مغادرة أسوار البيت/ السجن إلّا برفقة رقباء وعسس. ثمّ إنهما، في شهر اذار 2014، حرمتا تماماً من مغادرة سجنهما، وصارتا بذلك محرومتين من الحصول على الأكل والشراب وأنهما أصبحتا تعيشان على وجبة واحدة من الطعام يومياً، في محاولة منهما للاستفادة لأطول وقت ممكن من المواد الغذائية المتبقية في المنزل. وأن كل ذلك العقاب قد جرى بأمر من أبيهما الملك، بعد أن تجرّأت أمّهن السيدة العنود الفايز، ورفعت ضد طليقها «خادم الحرمين الشريفين» قضية في محكمة ستراسبوغ، في كانون الثاني 2013 تطالب فيها «ملك الإنسانية» (هكذا دأبت وسائل الإعلام السعودية أن تسمي عاهلها) بأن ينفذ أمنية بناته بالمغادرة خارج قفصه، والالتحاق بأمّهن.
* كاتب عربي