«من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا»
هذا زرعك. هذي دماؤك. هذي روحك أبت إﻻ أن تعانق مثيلاتها الطاهرات. يا قدوتنا، يا شيخنا، أيها القائد العدنان. وأنا أرثيك، أجد نفسي عاجزاً عن الكلام، فكل كلام عنك مهما كان عظيماً، يبقى وضيعاً. فوالله يا شيخنا وعزيزنا، تستحي كل التعابير أمام عظيم عطاءاتك، وتنحني كل الإشادات أمام هامتك وطهرك ونقائك.
حتى في شهادتك كنت استثنائياً، فها هي دماؤك ودماء إخوانك من بعدك تلهب كيان المغتصبين القتلة. هي روحك تطاردهم، ترميهم بحجارة من سجيل، من عسقلان إلى تل أبيب إلى القدس، فترهبهم وترعبهم، تمهيداً ومقدمة لإخراجهم فارّين مذلولين من كل فلسطين. فلا أقل من التحرير مهراً لدمائك ودماء من سبقك ومن سيلحق بك.
(كارلوس لطوف)

عهدنا يا شيخنا وقدوتنا أن تبقى روحك حاضرة فينا، وحضورك طاغياً بيننا في كل وقفة وهبّة وانتفاضة وفعل مقاومة، فأنت القائد، كنت وستبقى، في كل ساحة من ساحات العز والشرف.
عبثاً أحاول أن أفيَك بعضاً من حقك، لكن هيهات، فالشهداء أحباب الله، وﻻ قدرة على تقديرهم وتكريمهم إﻻ من رب الشهداء.
يا حبيب المخلصين والأوفياء، ونصير عوائل الشهداء والأسرى، لطالما سمعنا عن أساطير من التاريخ، لكنك جسدت الأسطورة الحقيقية الحية، فكنت وحدَك جيشاً، في إيمانك وإرادتك وإخلاصك، وثباتك على طريق الحق طريق القدس، فقد ناطحت كفك البيضاء مخرزهم الأسود، وانتصر جوعك على جشعهم، وإرادتك على كل أدوات بطشهم وإجرامهم، فقد أرادوك مهزوماً، وأبيت إﻻ أن تكون منتصراً، فهيهات منا الذلة كان شعارك، فانتصرت باستشهادك، وها هي نار أنفاسك الأخيرة صائماً، تلفح وجوههم، وتحرق مشاريعهم، وتزلزل الأرض تحت أقدامهم، فترعبهم وترهبهم، وتجعلهم كالعصف المأكول.
خضر عدنان، ستبقى اسماً يُسطّره التاريخ، فدماؤك ليست ككل الدماء، إنما هي حبر لكل الأجيال القادمة الحالمة بالتحرير، تخطّ بها بإذن الله تعالى آخر إيعازات الهجوم على طريق النصر الكامل المؤزر.
يا صديقي، وابن بلدتي، ورفيق القيد، كما كنت مميزاً في أفعالك، وعظيماً في تضحياتك، أبيت إﻻ أن تكون مميزاً وعظيماً في شهادتك.
بينما كنت أخط رسالتي هذه، وأحاول أن تصل كلماتي خارج أسوار السجن (ورسائل الأسرى تصل متأخرة بعض الشيء، تصل خلسة، هاربة من أعين السجان)، وصل إلى مسامعنا ثأر غزة


أعلم بأننا لن نقدر على رد الجميل الذي قدمته لشعبك ووطنك وأمتك، لكننا نعاهدك على أن نبقى نحفظ وصيتك، ونسقي زرعك، ونسير على دربك ونهجك أبداً ما حيينا، آملين بلقائك بين يدي رب عطوف رحوم.
يا عزيزنا، هجرت من دار الفناء إلى دار البقاء، حيث إخوانك الشهداء، أنور وأياد والنعمان وكل الأقمار الآخرين، فهنيئاً لك، أبلغهم منا السلام، وسامحنا وإياهم إن تأخرنا عن اللحاق بكم، فالأمر أمر الله، وما نحن إﻻ جنود بين يديه.
بينما كنت أخط رسالتي هذه، وأحاول أن تصل كلماتي خارج أسوار السجن (ورسائل الأسرى تصل متأخرة بعض الشيء، تصل خلسة، هاربة من أعين السجان)، وصل إلى مسامعنا ثأر غزة العظيمة. فها هم إخوانك شهداء الفجر قدّموا أبناءهم وزوجاتهم وأرواحهم. منهم عزيزنا وابن بلدتنا الحبيب القائد المجاهد والمبعد طارق عز الدين، وريحانته ميار وعلي والإخوة القادة المجاهدين الجهاديين: خليل البهتيني، جهاد غنام، جمال خصوان، إياد الحسني (أبو أنس)، محمد وليد عبد العال، أحمد محمود أبو دقة، علي حسن غالي، وإخوانهم معهم الذين رهنوا أنفسهم فداء لفلسطين والقدس.
ألف رحمة على شهداء غزة قادة ومجاهدين ومدنيين ونساءً وأطفالاً. نم قرير العين يا أزهى الشهداء. عهدنا أن نكمل المشوار ودربنا درب الشهادة والانتصار، سنبقى نسرد حكايتك، فهي حكاية وطن، وأنت كل الحكاية. وكما قال الأمين العام القائد زياد نخالة: إنّ شعباً فيه أمثال القادة الكبار، قادة سرايا القدس الذين ارتقوا شهداء، وقدّموا أعز ما يملكون من أبنائهم وأرواحهم، لن يهزم أبداً.
أخوك، الأسير محمد مرداوي

* أسير لدى سجون الاحتلال