فتحت معركة الأقصى بعدوان وحشي استخدم فيه الرصاص المطاطي والهراوات والاعتقالات لمئات المرابطات والمرابطين فيه. وهذا ما هو إلا البداية لانتهاكات المستوطنين و«الشاباك» للمسجد الأقصى، والآتي لا شك أعظم وأخطر وأوحش. يجب أن يسجّل، بداية، أنّ منع الاعتكاف والحشد في الأقصى يشجّعان على هذه الاقتحامات والانتهاكات. وهو ما يجب أن يُدان ويُحمّل مسؤولية هذا الخلل الذي لا يسمح بمواجهة حاسمة تنزل الهزيمة المؤكدة بالعدو المجرم، كما هو حادث في الحروب التي خاضتها المقاومة المسلحة الجبارة في قطاع غزة، وما أكدت عليه المقاومة المسلحة الرائعة، في مخيم جنين ونابلس والضفة الغربية عموماً، وكما أكدته مواجهات رمضان المبارك في العام المنصرم.
ولهذا يتوجّبُ أن يتحشّد مئات الألوف من المعتكفين والمصلّين في المسجد الأقصى طوال شهر رمضان. وتخاض في هذا العام معركة الأقصى التي يجب أن تحرِّم الاقتحامات للأقصى، وأيّ وجود عسكري صهيوني فيه أو على أبوابه، ليكون ذلك من خلال حراس الأوقاف الإسلامية. وهذا ما يقتضيه القانون الدولي الخاص بالمحافظة على الوضع القائم (استاتيكو) للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
لهذا، فإن خوض معركة حاسمة بالجماهير والحرب الشاملة لتحريم الاقتحامات، وأيّ وجود عسكري صهيوني في الأقصى وباحاته سيحظى بالتأييد الواسع جداً، عربياً وإسلامياً ورأياً عاماً عالمياً. وسيتكلّل بالنصر بإذن الله. فمعركة الأقصى يجب أن تتحوّل إلى حرب مبادرة هجومية وليست دفاعية فحسب. إنّ موازين القوى العالمية والإقليمية الإسلامية والعربية والفلسطينية تسمح بذلك، وتبعده من مخاوف المغامرة والتعجّل. وكذلك وضع الكيان الصهيوني وحكومته الراهنة، ووضعه المعزول دولياً، يسمحان، بإذن الله، بخوض حرب ناجحة من أجل تحرير الأقصى ضدهما.
إنّ خوض الحرب الشاملة تحت راية الدفاع عن المسجد الأقصى ولإنقاذه من الانتهاكات والتهويد يشكّل أفضل مناسبة للحشد وكسب التأييد فلسطينياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً، ومن ثم عزلاً للعدو وإنزال الهزيمة به.
وبكلمة، ستشهد الأيام المقبلة من رمضان تصعيداً في المعركة من أجل الأقصى، سواء أكان داخله ومن حوله، أم كان على مستوى القدس والضفة وقطاع غزة. وهي معركة سيكون لها ما بعدها من إيجابيات إن كسبناها، أو سلبيات إن خسرناها. لهذا يجب أن نكسبها بإذن الله، ما يوجب الالتفاف داخل فلسطين وخارجها حول المقاومة، في قطاع غزة والضفة والقدس والمسجد الأقصى. وبهذا توحّد الصفوف، ويشارك المرء في معركة المسجد قولاً وفعلاً، وقلباً وقالباً. وينطبق علينا ما جاء في قول الشاعر المتنبي:
لا خَيلَ عِندكَ تُهديها ولا مالُ
فَليُسعِدِ النُطقُ إِن لَم تُسعِدِ الحالُ
وبهذا يسهم الجميع في كسب هذه المعركة. ويجب أن نكسبها. وبعدئذ لكل حادث حديث. يعني يجب أن نتعلّم كيف نتّحد في المعركة. وكيف نختلف بعدها.
وأهلاً بنتنياهو وإيتمار بن غفير إلى معركة الأقصى. وزادهما الله حماقة.

* كاتب وسياسي فلسطيني