ماذا كان يفعل السوريون في المرحلة التي كان فيها أقطاب الحركة الصهيونية وحلفاؤهم البريطانيون يحتالون للوصول إلى وعود دولية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين؟ إن مراجعة وثائق تلك المرحلة جديرة بالبحث لاستخلاص العبر. فمع احتدام المعارك في نهاية الحرب العالمية الأولى، كان السوريون مقسومين حول من يجب أن يحكمهم بعد نهاية الحرب! فكان هناك معسكر قوي مع فرنسا ومعسكر أضعف مع بريطانيا، ومعسكر ثالث، في الولايات المتحدة، يفضلها على الاثنتين. يمكن للقارئ المهتم مراجعة ما كتبه الباحث القدير الرفيق جان دايه في كتابه، «عقيدة جبران»، وكذلك كتابات الدكتور خليل سعادة من البرازيل عن تلك المرحلة وعن الصراعات التي كانت دائرة في الصحف السورية وخاصة في المغتربات.
إبراهيم متري رحباني
في هذه المقالة سوف نركز على شخص واحد عمل بجدّ وصمت ووفق رؤية متنوّرة وضعها في برنامج سياسي متكامل نشره سنة 1918، في كتاب تحت عنوان «أميركا أنقذي الشرق الأدنى». هذا الشخص هو القس إبراهيم متري رحباني.
ولد إبراهيم متري رحباني في بلدة الشوير، جبل لبنان سنة 1869، وكان والده بنّاءً كحال عدد كبير من الشويريين. انتقلت العائلة إلى بلدة بتاتر الشوف، سنة 1875، حيث تسلّم رحباني الأب إدارة مصالح شخص فرنسي اسمه Lafortune، ويعرف باسمه المعرّب: «الفرتوني». في التاسعة من العمر بدأ العمل مع والده في مهنة العمار، ولكنه حين بلغ السابعة عشرة من العمر قرر أن يتعلم، فالتحق بمدرسة البروتستانت في سوق الغرب سنة 1886، حيث درس فيها لمدة سنتين، وهناك تحول عن الأرثوذكسية إلى البروتستانتية. ثم علّم فيها وفي زحلة لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يهاجر إلى أميركا سنة 1891.


في أميركا، عمل لسنة ونصف سنة في متجر، ثم عُيّن رئيس تحرير صحيفة «كوكب أميركا»، أول صحيفة تصدر باللغة العربية في الولايات المتحدة. بعد سنة ترك الصحيفة وتجوّل في الغرب الأوسط متحدثاً في الكنائس عن «الأرض المقدسة»، بلغة إنكليزية ركيكة. في واحدة من تلك الجولات، عُيّن مبشراً بديلاً في إحدى الكنائس ليستمر في حياة التبشير إلى حين وفاته سنة 1944.
ألّف رحباني عدداً من الكتب باللغة الإنكليزية، هي: «رحلة بعيدة» (1913)، «المسيح السوري» (1916)، «أميركا المتشددة ويسوع المسيح» (1917)، «أميركا أنقذي الشرق الأدنى» (1918)، «حكماء من الشرق ومن الغرب» (1923)، «سبعة أيام مع الله» (1926)، و«الترجمات الخمس ليسوع» (1940). في أكثر كتبه شهرة، «المسيح السوري»، يشرح رحباني الخلفية الثقافية والفكرية والاجتماعية السوريّة لقرائه من الغربيين، كمدخل لفهم الإنجيل، ويقارن بين أساليب التفكير والتعبير لدى الشرق والغرب ونقاط الالتقاء والافتراق بينهما.
لا شك أن رحباني كان ذا ذكاء فطري كبير، فهذا رجل يصل إلى نيويورك سنة 1891، دون أن يجيد كلمة من اللغة الإنكليزية، يبدأ بنشر قصة حياته في مجلة «أتلنتك منثلي» (Atlantic Monthly)، واحدة من أعرق المجلات الأميركية وأكثرها رواجاً، سنة 1913، فتلقى نجاحاً كبيراً، فيجمعها وينشرها في كتاب تحت عنوان «رحلة بعيدة» (A Far Journey). ثم يتابع الأمر نفسه فينشر مقالات فيها تحت عنوان «المسيح السوري» (The Syrian Christ)، ليعود ويجمعها في كتاب تحت العنوان نفسه. هذا العمل يدلّ، ليس فقط على تمكّنه من اللغة الإنكليزية، بل على إقامته شبكة من العلاقات بين مثقفين أميركيين أتاحت له النشر في تلك المجلة العريقة. هذه الشبكة سوف يعود إلى توظيفها في خدمة مشروعه السياسي.

العمل السياسي
في «رحلة بعيدة»، نبدأ تلمس خطوط اهتمامه بالعمل العام وبالمسألة السورية. فهناك نقرأ أن سبب قبوله العمل في الصحيفة كان إمكانية أن تكون منبراً يوصل فيه أفكاره عن الإصلاح في سوريا. فكيف اختطّ هذا الطريق؟
كان رحباني يكره العثمانيين وحكمهم وسلطانهم كرهاً شديداً عبّر عنه في «رحلة بعيدة». مع احتدام المعارك في الحرب العالمية الأولى، ينشر كتابه «أميركا المتشددة ويسوع المسيح» (1917) الذي يقدّم فيه الحجج «المسيحية» لوجوب مساهمة أميركا ليس فقط في التغلب على قوى المحور، بل في الاندفاع شرقاً وتحرير سوريا، «وطن المسيح»، من الحكم العثماني.

«أميركا أنقذي الشرق الأدنى»
في العام التالي، ينشر كُتيباً بعنون «أميركا أنقذي الشرق الأدنى» يوظف فيه جميع قواعد فن اللوبي السياسي. منه، يتضح لنا أن رحباني كان ناشطاً سياسياً بامتياز في سبيل استقلال سوريا عن العثمانيين وعدم السماح بوقوعها فريسة في يد الإنكليز والفرنسيين. فنراه يقدّم أطروحة كاملة متماسكة، لجمهور أميركي مسيحي محافظ ومؤيد للعزلة الأميركية عن شؤون العالم الخارجية، حول ضرورة مبادرة أميركا إلى متابعة زحفها شرقاً وإلى إنقاذ سوريا من براثن العثمانيين. وبدبلوماسية فائقة، نراه يتوجّه بالشكر إلى ما قدّمه الإنكليز والفرنسيون لسوريا، ولكنه يدعو إلى أن تتسلمها جهة «لا أطماع لها» بقواعد عسكرية أو بأسواق، بل تتولى مساعدتها من وجهة نظر بحت إنسانية.
كتب رحباني كتابه على ما يبدو بعد أحاديث مطوّلة مع أميركيين وخصوصاً العاملين في حقل السياسة الخارجية ومن بينهم هنري كنغ، الذي سيصبح عضواً في لجنة كنغ-كراين (التي أوفدها الرئيس ولسن لاستفتاء السوريين حول مصيرهم بعد الحرب العالمية الأولى) فجاء كتابه وكأنه خلاصة لتلك الأحاديث. وعلى ما يبدو، فقد تعمّد الإجابة في هذا الكتاب الصغير على معظم الطروحات التي كانت قيد التداول آنذاك حول سوريا ومصيرها، فنراه يطلب:
-ألّا تبقى سوريا تحت الحكم العثماني-
-ألّا تقع تحت أي من الانتدابين البريطاني والفرنسي مجتمعين أو منفردين
-ألّا يقام فيها نظام ملكي
-ألّا تقسم إلى دويلات سياسية طائفية
-ألّا تقع فريسة الحركة الصهيونية.
أمّا الحل الذي يقترحه في آخر فصل من الكتاب، فهو «قيام دولة فدرالية في سوريا عاصمتها دمشق، مع نوع من اللامركزية في الولايات أو المحافظات: فلسطين، لبنان، دمشق وحلب، التي تقوم كل منها بانتخاب حاكمها ومجلسها التشريعي فيما هي متحدة في ما بينها كأعضاء في دولة واحدة كبرى» (صفحة 138).
في هذا الكتاب أيضاً نجد فصلاً كاملاً، وقد يكون الأول من نوعه، في نقد الحركة الصهيونية الفتية آنذاك. من قراءتنا لهذا الفصل يتضح لنا سعة اطّلاع رحباني على دقائق البرنامج الصهيوني، إذ يعرض لعدد من الحجج التي يقدمها بعض الكُتاب الصهاينة أمثال Richard J. H. Gottheil و Lewis Brandeis، القاضي في المحكمة الأميركية العليا، والذي أتينا على ذكره في المقالة السابقة _راجع «الأخبار»: «وعد كامبون»: «بلفور الفرنسي» يسبق نظيره البريطاني بستة أشهر، ليعود ويفند حججهم بقوله:
«إن السوريين يعتقدون أن هدف الصهيونية هو إقامة دولة يهودية مستقلة في فلسطين، أو على الأقل، إقامة دولة حكم ذاتي يهودي تحت حماية قوة أجنبية. نتيجة الحكم الصهيوني هذا ستكون إما فصل فلسطين عن سوريا، أو وضعها تحت دائرة نفوذ أجنبي. إن أياً من هذين الاحتمالين مكروه من قبل السكان غير اليهود في "أرض الوعد" بالإضافة إلى الواعين من السوريين في أميركا...» (صفحة 114).
ويتابع رحباني فيما يبدو الآن وكأنه نبوءة بالقول: «... إن السوريين الواعين يدركون أن الاستقلال القومي ليس هو ما يصر عليها الصهاينة في الوقت الحاضر. ولكنهم يبدون واثقين من أن ما من شيء دون ذلك يمكن أن يجعل من البرنامج الصهيوني حقيقة» (صفحة 116).
ويختم رحباني هذا الفصل بالنبوءة التالية: «لا يمكنني أن أتخيل كيف يمكن لليهود أن يعيشوا بسلام واطمئنان في "أرض آبائهم" إذا ما فصلت البلاد استبدادياً عن سوريا وأُعطيت لهم. فعمل كهذا سيزرع اليهود بين أعداء لدودين، ما سيزيد في مشاكل اليهود عوضاً عن المساهمة في التخفيف منها» (صفحة 123).
على ما يبدو فإن هذا الكتاب كان له وقع مميز في أوساط الجاليات السورية في أميركا وجمعياتها التي كانت ناشطة سياسياً، بالإضافة إلى أصدقاء رحباني الأميركيين. فقد أعيد طبع الكتاب ثلاث مرات سنة 1918، وبعد سنة واحدة من نشره أي سنة 1919، يُوفد رحباني إلى مؤتمر الصلح في فرساي بصفته مندوباً عن الجمعيات السورية العاملة في أميركا والتي على ما يبدو تبنّت برنامجه المنوّه عنه أعلاه (مع الأسف ليست لدينا معلومات عن هذه الجمعيات، ولكن أكثر من مرجع يذكر أن رحباني كان مندوباً عنها).

في مؤتمر الصلح
في فرنسا، يلتقي رحباني بالأمير فيصل مندوب الثورة العربية إلى مؤتمر الصلح ويبقى معه لمدة ثلاثة أشهر وتقوم بينهما علاقة مودة وصداقة. ولكن المؤتمر كان مخيباً لآمال رحباني، فنراه يصف خيبته، بل مرارته، في رسالة سوداوية ومتشائمة جداً يوجهها إلى صديقه، هنري كنغ، عضو لجنة كنغ-كراين التي أرسلها الرئيس ولسن لاستفتاء السوريين حول مستقبلهم، في حين كان قد تعهد للحركة الصهيونية سراً، بدعمها. يقول رحباني لهنري كنغ في رسالة تاريخها، 17 تشرين الأول 1919:
«... وصلتني رسالتك فائقة اللطف قبيل مغادرتي لندن إلى هذه البلاد، وسافرت أنت إلى الشرق قبل أن أتمكن من الإجابة عليها. لقد تابعت أخبار رحلتك وتقدمها من خلال الصحف العربية في نيويورك، وكانت هذه التقارير تشجعني على التمسك بالأمل. أما الآن، فإني أخشى أن الظلام ينسدل على الشرق، وليس لديّ أي أمل أن أميركا سوف تكون هي المنتدبة على كل تركيا. كما أن تطور الأحداث في تلك البلاد يزيد خيبة أملي.
أمّا بالنسبة لسوريا، فما لا جدال حوله أن مصيرها قد ختم. لقد "وافق" البريطانيون أن يحتل الفرنسيون قسماً كبيراً من شمال شرق سوريا، ولا أخالهم يتركونها أبداً».
يعود رحباني إلى ما حدث في مؤتمر الصلح في كتاب آخر ينشره سنة 1923، تحت عنوان «حكماء من الشرق ومن الغرب»، وفيه يخصص فصلاً كاملاً عن الحركة الصهيونية انطلاقاً من الأحداث التي وقعت بين 1918 وتاريخ الكتابة. فيصف احتلال اليهود لفلسطين كما يلي:
«لو تم التفاوض على هجرة اليهود إلى فلسطين بين حكومة سورية حرة واليهود، لكان من الممكن التوصل إلى حلٍّ يرضي الطرفين. ولو قام الصهاينة بالهجوم على فلسطين كقوة عسكرية لكان السيف هو الحَكَم في تقرير مستقبل الأحداث بين الغازي والمغزية أراضيه. وفي كلتا الحالتين، تكون النتيجة هي ما يقرره رجال أحرار سواء على طاولة المفاوضات، أو في ميدان المعركة.
ولكن في هذه اللحظة يبدو الغزو أبعد ما يكون عن عملية تدعو إلى الفخر؛ فقد حصل في الظلام، ولم يكن للفلسطينيين أدنى معرفة به. فالصهاينة لا يأتون إلى فلسطين كغزاة بيارقهم مشرعة ولا كأصدقاء مدعوّين. إنهم يدبّون إلى فلسطين خلسة، وعلى وجوههم ضحكة صفراء، فيما الجيش البريطاني يضغط على عنق الفلسطيني ويخنقه» (صفحة 257).
ويسهب في الدفاع عن حق السوريين في فلسطين ويفنّد ادعاءات اليهود والمسيحيين المتهوّدين في أن «إسرائيل»، إذا قامت، ستكون التمهيد للمجيء الثاني للمسيح، فيقول:
«ماذا ستعني عودة اليهود إلى فلسطين اليوم؟ هناك العديد من المسيحيين الذين يعتقدون أن في ذلك تمهيداً للمجيء الثاني للمسيح. لكن ليس هذا ما يتوقعه اليهود الأرثوذكس. فبالنسبة إليهم، لم يأت المسيح للمرة الأولى بعد. إن مسيحهم لم يأت بعد. فالذي أتى ورُفض بالكلية منهم لم يكن المسيح الحقيقي. إن المسيح الذي ينتظرونه هو الذي سيجعل منهم حكاماً على جميع الأمم وبضمنها تلك المسيحية» (صفحة 254).

مع كنغ وهاورد بلس
قلنا إنّ رحباني أقام شبكة من العلاقات عبر الكنيسة البروتستانتية المشيخية Presbyterian، التي أسّست مدارسها في عبيه وبيروت، وتبدو لنا ذروتها مع هنري كنغ، دون أن تكون لدينا معلومات حول تشعباتها أكثر. ولكن ما نعرفه أن هنري كنغ كان على علاقة صداقة شخصية مع الرئيس الأميركي، ودرو ولسون، الذي عيّنه عضواً في لجنة كنغ-كراين. أمّا الرئيس ولسن فكان كذلك على صداقة شخصية مع هاورد بلس، ابن دانيال بلس، أحد مؤسسي الكلية البروتستانتية السورية، التي أصبحت الجامعة الأميركية في بيروت. هاورد بلس، كان رئيس تلك الكلية غداة انعقاد مؤتمر الصلح في فرساي، وهناك ألقى كلمة مهمة مطالباً فيها بنفس المطالب التي طلبها رحباني في كتابه «أميركا أنقذي الشرق الأدنى»، بما فيها بعض المفردات مثل «السوريون المتنوّرون».

خاتمة
لقد تشرّفت بترجمة كتابين من كتب رحباني إلى العربية، هما «المسيح السوري» و«الترجمات الخمس ليسوع»، ووضعت في كل منهما نبذة طويلة عن حياة رحباني. حين انتهيت من كتابة تلك النبذة، وجدتني أمام عدد كبير من الأسئلة التي تبقى إلى اليوم بدون جواب. وإنّي لآمل فعلاً أن يتابع من يستطيع البحث من أجل جلاء أكبر قدر من المعلومات عن هذا العلّامة السوري، ابن الشوير، التي أنجبت عدداً كبيراً من الشخصيات الفذّة. هذه هي الأسئلة كما وردت في تلك النبذة.
«...لماذا لم نسمع برحباني من قبل؟ كيف يمكن لكتاب كالمسيح السوري، يُطبع إحدى عشرة مرة في ست سنوات أن ينطفئ ذكره؟ لقد عاصر رحباني جبران خليل جبران والريحاني تاريخياً وجغرافياً، وعمل في الخط الوطني نفسه، بل كان هو مندوب الجمعيات السورية إلى مؤتمر الصلح في فرساي سنة 1919، والتقى هناك بالأمير فيصل وكتب مذكّرات تفصيلية عن تلك المرحلة، فلماذا لم يرد ذكره بين أدباء المهجر وناشطيهم؟ هل يمكن ألاّ يكون رحباني قد التقى بجبران؟ لماذا وقع الاختيار عليه بالتحديد لأن يكون هو مندوب الجمعيات السورية؟ إن جميع كتب رحباني التي وجدناها مكتوبة بالإنكليزية، فهل نُشر أي كتاب بالعربية؟ هل يعقل وهو العامل في سبيل وحدة سوريا واستقلالها وعدم وقوعها تحت الانتداب الفرنسي والبريطاني ألّا يكون قد شارك في النقاشات التي كانت دائرة في أوساط السوريين في نيويورك بين مؤيد لفرنسا ومعارض لها؟».
يعود رحباني إلى ما حدث في مؤتمر الصلح في كتاب آخر ينشره سنة 1923، تحت عنوان «حكماء من الشرق ومن الغرب»، وفيه يخصص فصلاً كاملاً عن الحركة الصهيونية


وأضيف اليوم أسئلة جديدة: هل يعقل ألا يكون هناك من اتصال بين الدكتور خليل سعادة وإبراهيم متري رحباني، وكلاهما من الشوير، ويعملان في الخط الوطني نفسه؟ (كان الدكتور سعادة أكبر من رحباني باثنتي عشرة سنة.) هل سمع رحباني بأنطون سعادة وبحزبه؟ هل هناك في مكان ما، رسائل أو مذكّرات مكتوبة بالعربية؟ قد يعرف أحد مصير عائلته، هل بقي منهم أحد في بتاتر، هل هناك من أقرباء له يمكن الاتصال بهم؟
قد تكون الكتابة بهذه الحرارة وهذا العنف هما السبب في طمس ذكر رحباني، يرافقهما التغيير الجذري والسريع الذي أصاب المجتمع الأميركاني ما بين الحربين الكونيتين ومن ثم بعد قيام دولة إسرائيل والعطف الذي لقيته في أميركا، والعداء الذي انصبّ على مواطني رحباني بشكل عام. وفي الوقت نفسه، لا ننسى أن فرنسا التي حاول رحباني بكل جهده منعها من السيطرة على سوريا، نجحت وسيطرت وقسّمت واستبدّت وقتلت الأبرياء في لبنان والشام، وأقامت نظاماً موالياً لها ولحكمها (تُرجى مراجعة مذكّرات المرحوم إسكندر رياشي «قبل وبعد، ورؤساء لبنان كما عرفتهم» منشورات دار أطلس، دمشق، 2006، ص. 4436-443، حول مجازر الفرنسيين في تمنين التحتا ووادي الحرير).
إننا نأمل أن يقوم البحاثة بالتنقيب معنا عن تاريخ رحباني وإيفائه حقه من الدرس والتكريم.

* كاتب ومترجم، رئيس تحرير مجلة «الفينيق» الإلكترونية

[يُنشر هذا النص بالتزامن مع مجلة «الفينيق»]