أثار النجاح الكبير لافتتاح دورة «كأس الخليج العربي» الخامسة والعشرين لكرة القدم في مدينة البصرة، والذي كان لأهل المدينة دور حاسم في تحقيقه، العديد من ردود الفعل الإيجابية؛ غير أن أغرب ردّ فعل جاء من الجانب الإيراني، إذ انتقد «الاتحاد الإيراني لكرة القدم»، رئيس «الاتحاد الدولي لكرة القدم» (فيفا)، إنفانتينو، بسبب استخدامه تسمية «كأس الخليج العربي»، في تغريدة ترحيبية له بافتتاح البطولة. ولا ندري ما الذي جعل مؤسّسة رياضية إيرانية تهتمّ بموضوع جغرافي وتاريخي حسّاس كهذا. ولماذا سكتت طوال أكثر من نصف قرن على بدء هذه البطولة (أُقيمت دورتها الأولى سنة 1970)؟ فهل كان ذلك لأن مَن أدلى بهذا التصريح هو رئيس «الفيفا»، أم لأن البطولة أُقيمت بنجاح في البصرة الفيحاء؟ وفي السياق ذاته، «دان» نواب مجلس الشعب (البرلمان) الإيراني، الأحد 8 كانون الثاني الجاري، تصريحات لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، وزعيم «التيار الصدري» العراقي، مقتدى الصدر، لاستخدامهما مصطلح «الخليج العربي» لمناسبة افتتاح تلك البطولة الكروية. وقال النائب الإيراني، ولي الله بياتي، إن الصدر والسوداني استخدما، في «إجراء عجيب، مفردة الخليج العربي المزيّفة بدلاً من تسميته الأصلية الخليج الفارسي، الذي كان بهذا الاسم على مرِّ الدهور والعصور وسيبقى إلى الأبد». بياتي أعطى لنفسه الحقّ في التحدُّث باسم الشعب العراقي، فقال إن الأخير «غير راضٍ عن إطلاق مثل هذه المفردات»! وأخيراً، فقد دعا البرلماني الإيراني، الصدر والسوداني إلى «الاعتذار عمّا حدث». وإذا كان من المستبعد أن يعتذر المسؤولان العراقيان علناً، فهما، على الأرجح، لن يعودا إلى استعمال هذه العبارة، وسيتنكّران لعروبة الخليج مثلما تنكّر زملاؤهم الساسة الإسلاميون الشيعة لعروبة العراق خلال كتابة الدستور تحت ظلال الاحتلال الأميركي، تلبية لطلب الزعماء الكُرد سنة 2005.
عموماً، لسنا معنيّين بالأسباب التي حدَت بالاتحاد الكروي الإيراني إلى اتخاذ هذا الموقف، ولا بدوافع تصريحات النواب الإيرانيين التي تفوح بروح التعصُّب القومي والاستعلاء وتستغلّ خواء الدولة العراقية وضعْفها وتبعيّة المنظومة السياسية الطائفية الحاكمة؛ فهذه الأمور السياسية تخصّ أصحابها ولها ميدانها الخاص. لكنّنا معنيّون بتوضيح بعض الحقائق التاريخية، من وجهة نظر البحث العلمي التأريخي، حتى لا تضيع أو يتمّ التشويش عليها في خضمّ الحماسة القوميّة الإيرانية. وعلى ذلك، سأحاول، هنا، مقاربة الموضوع من خلال التذكير بالخلفيّات التاريخية لهذا الخلاف حول اسم الخليج وتمظهراته في فقرات ضافية من مادة حول تسمية الخليج العربي، كنت قد كتبتُها في مناسبة سابقة:

محاولة لفكّ الاشتباك
بدءاً، سأحاول الفصل بين عدّة مواضيع يجري غالباً خلطها بعضها ببعض، ما يؤدّي إلى الوقوع في إطلاق أحكام جغرافية وسياسية غير دقيقة وجزافية. فوجود العرب في العراق والشام الذي يمتدّ إلى القرن الثامن قبل الميلاد مؤكَّد بالأدلّة الإركيولوجية «الآثارية»، يختلف نوعيّاً عن وجودهم ضمن كيانية الجغراسياسية أو «سياحضارية» بعد الإسلام، وموضوع الأسماء الجغرافية والتاريخية كالخليج العربي وغيره يختلف نوعيّاً عن موضوع التسميات العربية وغير العربية التي نشأت في مراحل تاريخية لاحقة، أي بعد تشكُّل الكيانية الجغراسياسية العربية في العهد العباسي.
إن العرب قبل الإسلام كانوا موجودين فعلاً في بلاد الرافدَين أو العراق القديم أو «آراكيا»، بحسب وثيقة آشورية من القرن الثامن ق.م.، نشرها المؤرّخ الأميركي ألبرت أولمستيد؛ وفي بلاد الشام أو «بلاد آرام/ أمورو/ رنتو/ كنعان». وهذا يعني أن العرب ظهروا تاريخيّاً قبل أكثر من قرنَين من تشكُّل أوّل كيانيّة سياسيّة للفرس الميديّين في زمن قورش سنة 559 ق.م. والخليج المقصود، الذي سمّاه الرافدانيون القدماء «البحر السّفلي»، وبلاد الرافدين كلّها، خضعت، بعد سقوط بابل في عهد الغازي قورش، للاحتلال الفارسي الأخميني ثم الفارسي الفرثي، ثم الفارسي الساساني، وأصبحت بلداً محتلّاً وجزءاً من الإمبراطورية الفارسية التي بدأت في رقعة طرفيّة صغيرة ومنعزلة في الهضبة الإيرانية كما قلنا، ثم اتّسعت لتشمل بلاد الرافدَين وجنوب الشام ومصر وشمال العربيا «شبه الجزيرة العربية»، وسقطت نسختها الساسانية بعد الإسلام، وقامت الدولة العربية الإسلامية الأموية ثم العباسية على أنقاضها.
لو أنّنا طبّقنا الفكرة الإيرانية بعصرنة التسميات التاريخيّة القديمة وتعميمها، لكان من حقّ العرب أن يُطلقوا على إيران اسم «عراق العجم»


إذاً، طوال ألف عام من الاحتلال الفارسي، اكتسب العديد من الأسماء الجغرافية صفة استعمالية ووثائقية فارسية، فأصبح الخليج وبلاد الرافدَين المحتلّة كلّها جزءاً من بلاد فارس حتى حرب الفتح والتحرير العربي الإسلامي في القرن السابع الميلادي وتدمير الإمبراطورية الفارسية، بل إن الوثائق والخرائط الأوروبية - وبسبب الجهل أو التحامل - ظلّت، حتى بدايات القرن الماضي، تَعتبر العراق جزءاً من بلاد فارس، مع أنه واقع تحت الاحتلال العثماني التركي. ومعروفة في وثائق بدايات القرن العشرين تلك الخلافات والمناكفات بين القيادات السياسية التركية والإيرانية، وادعاء كل طرف عائدية العراق لبلده ومحاولة عرقلة حصوله على الاستقلال سنة 1921، وقد انتهت تلك المحاولات إلى الفشل، وحصل العراق على استقلاله الشكلي، ولكنه ظلّ يدور في الفلك البريطاني!

الخليج في العصور السحيقة
بالعودة إلى خلفيّات الموضوع، تُقدّم لنا المصادر الجغرافية والتاريخية معلومات ثمينة حول اسم الخليج، منها:
إنّ أقدم اسم معروف للخليج هو اسم «بحر أرض الإله»، والذي ظلّ متداوَلاً في الوثائق التاريخية حتى الألفية الثالثة ق.م.، ثم أصبح اسمه «بحر الشروق الكبير» حتى الألفية الثانية ق.م.، وسُمّي «بحر بلاد الكلدان» في الألفية الأولى ق.م.، ثم صار اسمه «بحر الجنوب» خلال النصف الثاني من الألفية الأولى ق.م.. وقد سمّاه الآشوريون والبابليون والأكاديون: «البحر الجنوبي» أو «البحر السفلي»، ويقابله «البحر العلوي»، وهو البحر الأبيض المتوسط. كما أَطلق عليه الآشوريون اسم «نارمرتو»، أي البحر المرّ.
أما الفرس الميديون، في عصر دولتهم الأخمينية، فقد أطلقوا على الخليج اسم «بحر فارس». ويذهب بعض الباحثين إلى أنّ هذه التسمية عُرفت، في أوّل الأمر، في عهد الملك الفارسي، داريوش الأول (521-486 ق.م.)، خلال كلامه عن «البحر الذي يربط بين مصر وبلاد فارس». غير أن الراجح لدى باحثين آخرين، هو أن الإسكندر الأكبر المقدوني كان أوّل من أَطلق تلك التسمية بعد رحلة موفده، أمير البحر نياركوس، عام 326 ق. م. إلى الهند. وفي السياق ذاته، كان المؤرّخ الروماني، بليني بلينيوس الأصغر، في القرن الأوّل للميلاد، قد أطلق تسمية «الخليج العربي» عليه. وكتب بليني، في كتابه المرجعي، «التاريخ الطبيعي»: «خاراكس (المحمرة) مدينة تقع في الطرف الأقصى من الخليج العربي».

الخليج في العصر الإسلامي
أَطلق العرب، في فترة الفتح العربي الإسلامي لبلاد الرافدَين والشام، وتحديداً في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، على الخليج عدّة أسماء، منها: «خليج البصرة»، «خليج عمان»، «خليج البحرين»، «خليج القطيف»، و«بحر القطيف»، لأن هذه المدن الثلاث كانت تتّخذه منطلقاً للسفن التي تمخر عبابه، وظلّ هذا الاسم متداوَلاً حتى العصر العثماني حيث تُرجم اسمه الأول إلى التركية بعبارة «بصرة كورفيزي»، وهي موثّقة في العديد من خرائط الأرشيف العثماني، ولا تزال مستعمَلة حتى في وثائق حديثة في الجمهورية التركية.
أما بالنسبة إلى اسم «بحر فارس»، فقد استُعمل جزئيّاً في العصر الإسلامي، وخاصّة بين المسلمين الفرس، حتى إن البعض كان يستعمل الاسمَين معاً في الصفحة نفسها. كما سمّاه بعض البلدانيين العرب أثناء الخلافة العباسية «خليج العراق». أما في عصرنا، فتأخذ الأمم المتحدة باسم «الخليج الفارسي» في بعض وثائقها، أما في الوثائق المكتوبة باللغة العربية فتستعمل اسم «الخليج العربي».
نفهم من هذه المعطيات أن الأسماء لصيقة بالظروف التاريخية التي ولدت ونشأت وتكرّست ثم زالت أو تمّ تحريفها أو تغييرها جذريّاً واستبدالها. ولكن السلطات الإيرانية في عصرنا، تريد استثمار التسميات التاريخية المناسبة لعصبيّتها القومية، وتشاركها في ذلك أطراف دولية أخرى. وإذا كان ذلك من حقّ الفرس، فمن حقّ العرب، في المقابل، أن يسمّوا الخليج بالخليج العربي، ولهم أسبابهم ومبرّراتهم القويّة، ومنها:

حجج القائلين بعروبة الخليج:
- إنَّ اسم «الخليج العربي» تاريخي وقديم، وهو مبرَّر لأن ثلثَي سواحل الخليج تقع في بلدان عربية، بينما تطلّ إيران على حوالي الثلث.
- حتى السواحل الإيرانية تقطنها قبائل عربية، سواء في الشمال (إقليم الأحواز/ خوزستان)، أو في الشمال الشرقي في العديد من مدن إقليم بوشهر، مثل بوشهر وعسلوية وبندر كنعان، أو في الشرق في بندر لنجة وبندر عباس.
-إنَّ العرب هم سكّان أهمّ جزيرتَين مسكونتَين في الخليج العربي، وهما: جزيرة البحرين وجزيرة قشم، إضافة إلى أن العرب يشكّلون السكّان الأصليين لجميع الجزر المأهولة في الخليج العربي قبل ظهور النفط، وبالتالي، فمن الأَولى تسمية الخليج وفق الشعب الذي يسكن جزره وسواحله.
- تبيّن خريطة القوميّات الإيرانية بوضوح أن جميع سواحل الخليج العربي الجنوبية والغربية تخلو من الفرس.
- منذ عام 1935، لم تَعُد تسمية فارس و«بلاد فارس» موجودة سوى في السجلّات التاريخية، بعدما أصدر الشاه الإيراني، رضا شاه بهلوي، مرسوماً قضى بتغيير اسم بلاده إلى «إيران».
- معروف تاريخياً أن الفرس لم يكونوا يركبون البحر، حتى في عهد إمبراطوريتهم الواسعة. وإذا ما أنشأوا في الخليج أسطولاً، كان بحارّته من غير الفرس. يقول د. صلاح العقاد: «أمّا الساحل الشمالي الشرقي الذي يكوّن الآن الساحل الإيراني، فيمتدّ على طوله نحو ألفَي كيلومتر: سلسلة عالية من الجبال الصعبة المنافذ إلى الداخل، ما عزل سكّان بلاد فارس والسلطة المركزية فيها عن حياة البحر. ولقد اشتهر الفرس، منذ غابر الزمن، بخوفهم من حياة البحار، حتى قال بعض مؤرّخي العرب: ليس من الخليج شيء فارسي إلّا اسمه». وقد نجد تعليل ذلك في المنطقة القصية والمعزولة عن البحار في الهضبة الإيرانية التي كانت مهد الأقوام الآرية ومنها الشعب الفارسي بتجلّياته الأنثروبولوجية الثلاث.
لكنَّ الإيرانيين المعاصرين، والذين يشكّل الفرس أقليّة فاعلة ومهيمنة فيهم، يصرّون على احتكار التسمية القومية الخاصة بهم، وهي كانت شائعة نسبياً حتى لدى البلدانيين العرب «علماء الجغرافيا» في فترة معينة خلال العهد الإسلامي وليس قبله، وأحياناً كانوا يسمّونه «بحر العجم» و«بحر البصرة» في الوقت نفسه.

أَثبتت السلطات الإيرانية أنها لا تقلّ تعصّباً قوميّاً، على رغم شعاراتها ومسمّياتها الإسلامية، من النظام الملكي الشاهنشاهي السابق في الدفاع عن اسم «الخليج الفارسي»


عراق العرب وعراق العجم
ولو أنّنا طبّقنا الفكرة الإيرانية بعصرنة التسميات التاريخيّة القديمة وتعميمها، لكان من حقّ العرب أن يُطلقوا على إيران اسم «عراق العجم»، وهو من الأسماء المشهورة لدى البلدانيين العرب المسلمين حيث كان يُطلَق هذا الاسم على إيران الحالية «شرق عراق العرب»، بما في ذلك مدن مثل أصفهان والري وقزوين وكرمنشاه، وكان يُطلق على العراق الحالي «عراق العرب»، وهو العراق القديم «بلاد الرافدَين» ذاته جفرافيّاً وتاريخيّاً وحضاريّاً.
لقد برز اسم «العراقَين»، كاسم يشمل بصيغة التثنية اسمَي «عراق العجم» غرب إيران الجغرافية الحالية، و«عراق العرب» شرقاً، أي «العراق العربي» خلال العهد العباسي، وربّما قبله بقليل، وظلَّ مستعمَلاً حتى السادس عشر ميلادي. وهناك خريطة جغرافية بدائية من القرن الثاني عشر الميلادي للجغرافي والرسام التركي محمود كاشغيري (سنة 1102م)، وردت فيها هاتان التسميتان. كما أنَّ هناك خرائط أخرى، أوروبية، تسمّي الخليج باسم «الخليج العربي»، أذكر منها مثالَين فقط من بين العديد من الأمثلة: الأوّل وهو «خريطة ميركاتور وهندويس، في خريطتهما لبلاد المشرق والمرسومة عام 1634، يَظهر فيها الخليج وقد كتب عليه باللاتينية اسم "sinus arabicus"، أي الخليج العربي»، وربّما استلهم هذان الجغرافيان الاسم من المؤرّخ الروماني القديم، بليني بلينيوس الأصغر، في القرن الأوّل الميلادي، كما نوّهنا. والثاني عبارة عن خريطة فرنسية قديمة تعود إلى سنة 1667، يَظهر فيها بوضوح إشارتها إلى الخليج العربي بأنه «الخليج العربي».

شواهد التشدُّد القومي الإيراني
اللافت، أن السلطات الإيرانية أَثبتت، في هذا الشأن، أنها لا تقلّ تعصّباً قوميّاً، على رغم شعاراتها ومسمّياتها الإسلامية، من النظام الملكي الشاهنشاهي السابق في الدفاع عن اسم «الخليج الفارسي»، وهي تحاول فرْض اسم «الخليج الفارسي» بطريقة قمعيّة، وتُعاقب كلّ من يَستعمل تسمية أخرى. وضمن هذه النزعة القوميّة المتشدّدة، فقد غيّرت إيران اسم «شط العرب» العراقي في جميع المصادر والخرائط العالمية إلى تسمية فارسية مستحدَثة هي «أروَد رود»، ولم نسمع بأيّ احتجاج من جانب السلطات العراقية على ذلك. وهذه أدناه بعض الأمثلة على السلوك الإيراني المتشنّج والدّال على التعصُّب القومي:
- في تاريخ 19 كانون الثاني 2020، ردَّت الخارجية الإيرانية بحدّة على تصريحات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي استعمل اسم «الخليج العربي الفارسي». وقالت، في تغريدة على حسابها في «تويتر»، إن الرئيس الفرنسي «أخطأ» في استخدام مصطلح الخليج العربي الفارسي، متّهمة إيّاه بـ«تحريف» التسمية. وكتب الناطق باسم الوزارة الإيرانية: «أوّد أن أذكّر ماكرون بأنّ الخليج يقع في جنوب إيران، وله اسم واحد فقط: الخليج الفارسي».
وحين أعلنت مؤسسة «الجمعية الجغرافية الوطنية» (National Geographic Society) الأميركية، والتي تأسّست سنة 1888، كجمعية علميّة غير ربحية، عن كتابة اسم الخليج العربي إلى جانب الخليج الفارسي، في أطلسها الجديد، غضبت السلطات الإيرانية، واتّهمت المؤسّسة بتلقّي الرشى، وبكونها «متأثّرة باللوبي الصهيوني».
- في أيار 2006، وخلال لقاء في الدوحة بين الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، أثناء افتتاح دورة «أسيان» الدوحة، قال الأخير، في معرض حديثه عن منتخب إيران لكرة القدم، إن نجاح المنتخب الإيراني في مونديال 2006 سيسعد سكّان الخليج الفارسي العربي، فردّ عليه نجاد، قائلاً: «أعتقد أنك كنتَ تقرأ اسمه الخليج الفارسي عندما كنتَ في المدرسة».
- في سنة 2008، نُظّمت احتجاجات في إيران على تسمية متصفّح غوغل «الخليج العربي».
- في كانون الثاني سنة 2010، تمّ إلغاء الدورة الثانية من «ألعاب التضامن الإسلامي» على خلفية اعتراض الدول العربية على تدوين كلمة «الخليج الفارسي» على قلائد البطولة وجميع وثائقها، وكانت الجهات العربية الرسمية قبل ذلك قد اقترحت كتابة لفظة الخليج فقط. لكن إيران واجهتها بالرفض.
- في شباط 2010، قامت إيران بطرد مضيف جوّي يوناني بسبب استعماله مسمّى الخليج العربي.

إعلاميّاً، سُجلت حالة «تمرّد» عربية واحدة على اسم الخليج العربي، وقد جاءت من إمارة الكويت. ففي شباط 2010، صرّح السفير الكويتي لدى إيران بأن «التسمية ليست موطن خلاف، تسميته بالخليج العربي تمّت تحت ظرف سياسي معيّن... واسمه سيظلّ الخليج الفارسي». ولا أدري إنْ كانت التسمية في المناهج التعليمية والإعلام الكويتيَّين قد أخذت أيضاً بوجهة نظر هذا السفير أو لا.

هل من حلٍّ وسط؟
وأخيراً، فإذا كان من الصحيح القول بعدم ضرورة وصحّة الردّ على التعصّب القومي الفارسي في إيران اليوم بتعصّب قومي عروبي مضادّ، فإن من الصحيح أيضاً عدم التنازل عن الثوابت التاريخية والجغرافية، وخصوصاً أن إيران تريد فرْض رأيها الرسمي على الآخرين، وترفض أيّ حوار مع جيرانها العرب حول حلّ وسط. وعلى هذا، فلا معنى للانهزامية التي يأخذ بها أمثال السفير الكويتي وبعض الإعلام الرسمي العربي، حين يسقط صفة الخليج واسمه. لذلك، أعتقد أن من حقّنا كعرب وعراقيين أن نسمّي هذا الخليج باسم «الخليج العربي»، ولْيسمّوا هم الخليج بالاسم الذي يريدون، بشرط عدم فرْضه على الآخرين في العالم، أو أن يتمّ الاتفاق، عبر الأمم المتحدة، على استعمال الاسم المزدوج «الخليج العربي الفارسي» من قِبَل الجميع، فلا مكان في عصرنا للهيمنة وفرْض العنجهيّة والتعصّب القومي الأعمى من أيّ طرف كان على شعوب المنطقة.
ثمّ، أَليس من المضحك حقّاً أن تتّهم السلطات الإيرانية كل جهة تستعمل اسم «الخليج العربي» بأنها صهيونية أو موالية للصهيونية، وهي تجهل أو تتجاهل أن الكيان الصهيوني هو «الدولة» الوحيدة في المنطقة التي تستعمل اسم «الخليج الفارسي» فقط، ولا تستعمل اسم «الخليج العربي» أبداً!

*كاتب عراقي