«أنا أسير على درب المسيح، إنّه الفدائي الأوّل»،
المطران إيلاريون كبوجي (مطران سوري فدائي في حركة «فتح»)

لم يكن لانطلاقة «حركة التحرير الوطني الفلسطيني» (فتح)، في الأول من كانون الثاني عام 1965، وقْعٌ عاديّ على الشعوب العربية والإسلامية، والشعب الفلسطيني، ذلك أنها كانت فاتحة عهْد الثورات التحرريّة ومفجّرة النيران المقدّسة في مواجهة الاحتلال والهيمنة الغربية. فهي حلقة مفصليّة وشديدة الحساسيّة، إذ لطالما شكّلت، على امتداد تاريخها، نقطة احتكاك دموي مع كل مَن حاول وضْع قدمه فيها، لتكون بمثابة نقطة انطلاق يوسَّع منها الهجوم على قلْب الأمة. فقد كانت فلسطين ومحيطها وامتدادها على السواحل الشرقية للبحر المتوسط، تحتلّ مكانة مميزة في الخزّان الوجداني لأبناء الأمّة؛ فكُلما ذُكِرت حَمَلَت إليهم مواقع مقدّساتهم وساح انتصاراتهم وذكرى أبطالهم التاريخيين ومهوى شهدائهم. لذلك، كانت الرصاصات الأولى بمثابة ترنيمة فرح تدفَّقت أمواجها لتغمر كل النفوس الحيّة المتوثّبة إلى النهوض، وما كاد غبار حرب الخامس من حزيران ينقشع حتى شعر الجميع بأن الفرصة قد أزفت للمشاركة في صنْع مستقبل الأمّة من البوابة الفلسطينية، فتقاطرت جحافل الشباب العربي والمسلم إلى ساح القتال، من بلاد المغرب العربي إلى مصر والسودان واليمن، وصولاً إلى إيران وباكستان وأفغانستان وحتى إقليم فطانيا المسلم في الفيليبين، ناهيك عن شعوب الخليج والمشرق العربي وحتى تركيا. كان الالتحاق بالعمل الفدائي يشكّل عنصر اعتزاز لأيّ شاب من شباب الأمّة، وكنّا في كل مرحلة نرى في صفوف الثورة الفلسطينية المئات من الشباب الآتين من جهة من جهات هذا العالم العربي والإسلامي التوّاق إلى الحرية. ومع انتصار الثورة الإسلامية في إيران، اندفع عشرات الآلاف من الشباب الإيراني للمشاركة في القتال، ولو أتاح لهم الظرف السياسي فرصة لشكّلوا إضافة نوعيّة مبكرة في طبيعة الصراع.
فلسطين الأرض السليبة والقضيّة المركزية
يقول الشهيد حسان شرارة، ابن مدينة بنت جبيل الحدودية مع فلسطين المحتلّة، في رسالته إلى أخته المؤرّخة في 2/19/ 1978: «إنَّ أهلنا لا يمكن أن يَنعموا براحة البال إلّا بعد زوال الكيان الصهيوني المصطنع الذي لا يهدِّد الشعب الفلسطيني وحده بل كل الأمّة؛ إنّنا لا نقاتل حتى يقال عنّا إنّنا قاتلنا، بل نقاتل من أجل إرضاء ضمائرنا والعمل في سبيل الله وللدفاع عن أرضنا وأهلنا وشعبنا وعن إسلامنا وعروبتنا، إنه وفاء منّا للأرض، لتُربتها التي منها خُلقنا، لشجرها الذي منه نأكل، لأنهارها التي منها نشرب، إنه على الأقلّ تعبير عن عدم نكران منّا للجميل».
لقد ساهمت الأدبيات «الفتحاوية» المبكرة بتقديم أفكار أكثر وضوحاً حول طبيعة الكيان الصهيوني، ودوره ضمن مشروع الهيمنة الغربي، من أدبيات الحركات الوطنية والإسلامية العربية. وحين اعتَبرت أن فلسطين يجب أن تمثّل القضيّة المركزيّة للنضال العربي والإسلامي، فهي بذلك وضعت يدها على الداء العضال الذي تعاني منه الأمّة، فإذا كانت فلسطين بأرضها وهوائها ومائها وسمائها ملكاً للشعب الفلسطيني، فإن القضيّة الفلسطينية لا يمكن أن تكون قضيّة الشعب الفلسطيني وحده، بل هي قضية الأمّة جمعاء، ولا يمكن لهذا الشعب، مهما عظمت تضحياته وبطولات أبنائه، أن يواجه وحيداً هذا المشروع. وليست مركزيّة القضيّة الفلسطينية موضوعاً اختيارياً للحركات الوطنية بكلّ ألوانها على امتداد المنطقة، بل هي ثابت يعبّر عن حقيقة يجب أخذها في الاعتبار عند رسم السياسات وتحديد الخيارات الاستراتيجية؛ فالكيان الصهيوني ليس حلّاً للمشكلة اليهودية كما حاولت الأدبيات الليبرالية والماركسية تصويره، بل هو جزء أساسي في منظومة الأمن والسيطرة الغربية على بلادنا، وبالتالي لا يمكن تحقيق استقلال فعليّ لهذه البلاد من دون ردْع هذا الكيان الغاصب وإلحاق الهزائم به وكبح تنمّره، وصولاً إلى تفكيكه وإعادة الأرض إلى أصحابها الأصليّين. وبغير هذا الفهم، لن تقوم قائمة لأيّ حركة نهضوية في المنطقة.
الثورة الفلسطينية... رأس الحربة للثورة العربية الشاملة
«إخواننا الفاتحون بإذن الله العليّ القدير، رجال حركة فتح ومقاتلوها، قوات العاصفة وسائر الفدائيين الأحرار هؤلاء المجاهدون في سبيل الله تجب مساعدتهم ومساندتهم بكل الطاقات والإمكانيات، والله ولي التوفيق»، الإمام آية الله الخميني في حديث إلى مجلة «فتح» يعود تاريخه إلى عام 1968.
جرت نقاشات كثيرة في ذلك الحين عمّا يدفع شباباً لبنانيين أو عراقيين مثلاً إلى ترْك أحزابهم الوطنية أو اليسارية والالتحاق كمقاتلين في صفوف الثورة الفلسطينية وحركة «فتح» تحديداً. وشكّلت هذه النقاشات امتداداً لنقاشات أشمل تمحورت حول مفهوم الكيانية ومنتجات «سايكس - بيكو» والأوطان النهائية والحدود في الجغرافيا والتاريخ والاجتماع البشري، وفي النظرة إلى صناعة المستقبل. وهو نقاش كان ولا يزال سائداً في أوساط الحركات والأحزاب اليسارية وتفرّعاتها والانشطارات المتتالية التي تتولّد من داخلها، حتى إن رموزاً وقيادات محسوبين على اليسار داخل الثورة الفلسطينية نفسها، كانوا مندهشين ممّا يجري، وكانوا يقدّمون نصائحهم حول ضرورة العودة إلى الأحزاب اللبنانية. وكان هناك، لدى قطاع واسع من شباب الأمّة، قناعة بأن استقلال بلادنا بأقطارها المختلفة ونهضتها لتحقيق كرامتها الوطنية وبناء مستقبل واعد لأبنائها، مرهون بتطوير النضال الفلسطيني وتحوّله إلى ثورة عربية شاملة، وتحويل بلدان الطوق إلى ساحات صراع تعمل على ردع الهجوم الغربي المتمادي والتحضير للانطلاق إلى التحرير، ذلك أن عملية الصراع هذه هي التي ستدفع بكل المخلصين من أبناء الأمّة، إلى المشاركة. ولم يكن مردّ المشاركة في النضال الفلسطيني إلى حالة من التضامن الأخوي مع أهالي فلسطين الذين تعرّضوا للتهجير من أرضهم، بل كان هناك وعي ضمني تم اختزاله بشعار «الثورة الفلسطينية رأس الحربة للثورة العربية الشاملة». وقد تشكَّلت قناعات ثابتة لدى جزء هامّ من الشباب والمثقّفين والمناضلين العرب خصوصاً، مفادها أن التوازن القائم في المنطقة العربية لا يمكن كسْره بوجود الكيان الصهيوني. ولقد أكدت التجربة الوطنية للقيادة الناصرية هذه الفكرة، حيث شهدت مصر الناصرية مواجهة كل صنوف الحروب المدمّرة والتحالفات المناهضة والمؤامرات المدَبّرة من قِبَل الغرب والكيان الصهيوني وحلفائهم المحليين. كانت هذه القناعات تعني أن كل الجهود التي تُبذل لتطوير النضالات داخل الأقطار العربية لإسقاط الأنظمة، لن تؤدّي إلّا إلى نتائج معاكسة سيزداد معها اعتماد هذه الأنظمة على الحماية الأجنبية. وكذلك، فإن كل الانقلابات التي نشأت والتي كانت تحمِل شعارات وطنية وتُعتبر ردّاً على النكبة، كانت مضطرّة للتقوقع الذاتي بهدف حماية الأنظمة نفسها، وهي التي ستثبت أنها لن تستطيع عملياً إيجاد الفرص والإمكانات لتحقيق اختراق يُذكر إنْ كان في البناء الداخلي التنموي أو في التحضير للمعركة الوطنية عبر تحقيق توازن استراتيجي. لذلك، كانت الانطلاقة الفتحاوية أو ما سُمّي في «الأدبيات الفلسطينية»، «الطلقة الأولى»، فتحاً لفجوة في العقل السياسي الفلسطيني وكذلك العربي، تدفقت منها مبادرات وإبداعات نضالية شكّلت زخماً وقوّة دفع للنضال الوطني على الساحة العربية للمرحلة التالية التي فقدت فيها هذه الحركة الوطنية العربية غطاءها القومي مع وفاة الرئيس عبد الناصر وفقدان النضال الوطني لوزن مصر الإقليمي التي بدأت قياداتها الجديدة تنحو نحو التسويات والتخلّي عن ثوابت «ناصر» الوطنية.

«كلّ البنادق نحو العدوّ»
«اتكالاً منّا على الله، وإيماناً منّا بحقّ شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب، وإيماناً منّا بموقف العربي الثائر من المحيط إلى الخليج، وإيماناً منّا بمؤازرة أحرار وشرفاء العالم»، من بيان «الطلقة الأولى».
لقد عبّر شعار «كل البنادق نحو العدو» عن روح جديدة أعطت النضال الوطني مزاجاً تجاوز كلَّ الاختلافات العقائدية والدينية والقومية التي كانت تكبّله وتفرض عليه قوالب جامدة رَسمت صورة قاتمة لحالة الصراع بين القوميين والإسلاميين، ناهيك عن الصراع بين القوميين أنفسهم وبين الإسلاميين أنفسهم، وبين هؤلاء جميعاً وبين الشيوعيين، وبين الشيوعيين أنفسهم أيضاً بشكل مشابه لدى الفلسطينيين الذين انقسموا بين خاضع للاحتلال وخاضع لأنظمة عربية تفرض خياراتها الفكرية واستراتيجياتها، وبين عرب يعيشون حالة استعصاء في مشاريعهم الثورية والتغييرية ناتجة عن سوء فهم للواقع وعدم قدرة على تحليل سليم لطبيعة التناقضات المختلفة، الأمر الذي نتج منه غياب القدرة على تحويل الأفكار الثورية إلى واقع ثوري حقيقي. لقد كان للطلقة الفلسطينية الأولى الفضل في هدم أسوار وهمية كثيرة في العقل السياسي الفلسطيني والعربي، ما سمح للإسلام السياسي، في مرحلة لاحقة، بتقديم إضافاته الإيجابية في مسيرة هذا النضال الوطني. ولا يزال هناك بين أصحاب المشاريع التغييرية مَن يظنّ أن في مقدوره إحداث تغييرات جذرية في الأقطار العربية تسمح بالنهضة والنمو والتقدُّم على مرأى ومسمع الكيان الصهيوني وغطائه الأمني العالمي. وعلى رغم وجود هذه التجربة التي ولدت منذ سبعة وخمسين عاماً ولا تزال حيّة ترزق، لا يزال شعار «كل البنادق نحو العدو» شعاراً طازجاً حيّاً يجب استلهامه في مسيرة العمل الوطني على امتداد الأمّة، وبالتالي معرفة مكامن القوّة والضعف في العصبيات العقائدية.

مسيرة وشهداء مجهولون
لقد عمّد المناضلون اللبنانيون والعرب والمسلمون بل وكثير من المناضلين العالميين، مسيرتهم في الساحة الفلسطينية بالدم، واختلطت دماؤهم بدماء أبناء الشعب الفلسطيني تعبيراً عن وحدة المعركة ووحدة الهدف ووحدة المصير. ولا تزال شوارع بيروت تضجّ بتشييع خليل عز الدين الجمل الذي اجتمع حوله كل لبنان، وبذكرى أنيس النقاش، وسمير القنطار، وهاني الفاخوري؛ ولا يزال قبر محمد أخضر في مقبرة قرية الزرارية الجنوبية يضجّ بالفراغ، لأن جثمان الشهيد بقي في ساحة المعركة داخل الأرض المحتلّة ولم يَفرج الكيان الصهيوني عنه؛ ولا يزال «أبو الفهود العراقي» مدفوناً في الجنوب، وصالح اليمني، ونزار السوري، مع شهداء قلعة الشقيف؛ ولا يزال عماد مغنية، وأبو حسن سلامة، وزهير شحادة، ومحمد شلهوب، وعلي مروة، وحسن بدر الدين، وحسان شرارة، ويوسف بوصي، ومحمود فخر الدين، وبشار فاعور، وأبو وجيه العنداري، وأبو خالد حسنين الشحيمي، وخالد بشارة، ونقولا عبود، وعبدالله البقاعي وأبو بهيج ابنا عكار، و«أبو عربي» (خليل عكاوي) الطرابلسي، أسماء يخلّدها تاريخ النضال الوطني في لبنان.
لقد عبّر شعار «كل البنادق نحو العدو» عن روح جديدة أعطت النضال الوطني مزاجاً تجاوز كلَّ الاختلافات العقائدية والدينية والقومية التي كانت تكبّله وتفرض عليه قوالب جامدة

ولا يزال شيخ المناضلين، أبو جبران بعلبكي (أطال الله بعمره)، يروي حكاية الفدائي الكويتي فهد الذي أصيب بجراح في عملية فدائية، فحمله إلى منزله في قرية عيترون، وهو الذي تبيّن في ما بعد أنه ينتمي إلى العائلة الحاكمة في الكويت؛ ولا يزال أوكوموتو الياباني يحلّق بطائرة «العال» المخطوفة، وجورج إبراهيم عبدالله في سجنه الفرنسي؛ ولا يزال أبو دية الجزائري، ومنصف التونسي، ومحجوب عمر المصري، وميثم الإيراني، وعبد القادر الباكستاني، وعثمان السوداني وغيرهم ممّن لا يمكن عدّهم أو إحصاؤهم أو معرفة أماكن دفنهم، بعدما تحوّلوا إلى شهداء مجهولين باعوا دنياهم وأسماءهم وملامح وجوههم وجاؤوا إلى فلسطين فذابوا فيها وهم يقدّمون النموذج للمجاهد الفدائي المخلص ويضحون بحياتهم وجهدهم في سبيل تحقيق انتصار الأمّة في هذا الصراع الوجودي والمصيري. ولا بدّ من الإشارة إلى أن كثيراً من هؤلاء الذين انخرطوا في النضال الفلسطيني لعبوا دوراً مهمّاً في المعارك التي عرفتها بلادهم خلال الأربعين سنة الماضية، في مقارعة الهجوم الأميركي - الإسرائيلي على المنطقة، ومنهم مَن استشهد في هذه المعارك، ومنهم مَن ينتظر.

خاتمة
منذ «الطلقة الأولى»، لم تغب فلسطين عن الحدث بل ظلّت، طيلة هذه الفترة، تطوي من رجالها جيلاً بعد جيل لتجعل الأرض تميد بالمحتلّين معلنة رفضها القاطع لهم. واليوم، مع ارتفاع حدّة التناحر بين أصحاب الأرض الشرعيين وقطعان المستوطنين وتصاعُد وتيرة العمل الفدائي داخل الأراضي المحتلّة التي تقدّم الصور الناصعة لبطولة الأجيال الفلسطينية المختلفة برجالها ونسائها وشيوخها وأطفالها وشهدائها وأسراها وآبائهم وأمهاتهم وأبنائهم وبناتهم وإخوانهم وأخواتهم وبكل تنوّعهم الفكري والسياسي والعقائدي وأبنيتهم الاجتماعية المختلفة، وهي بتشكيلاتها المقاتِلة في غزة أو في «عرين الأسود» و«كتائب جنين ونابلس» وكل التشكيلات المستحدَثة التي ولدت من عمق الصراع والتي تجمع كل الفدائيين من مختلف التوجهات التنظيمية والفكرية، تعيد إلى الذاكرة ذلك الجيل الأول من أجيال «الطلقة الأولى» الذي ضمّ الإسلاميين والقوميين واليساريين، مع فارق أن الفدائيين الحاليين يقاتلون وهم على ثقة بأن الفجر مقبل لا محالة وتباشيره مرأى العين والقلب، وأن الكيان الصهيوني ودول الغرب الراعي يتلقّون الضربات ويخسرون تدريجيّاً بالنقاط، الأمر الذي فجّر الصراعات الداخلية المتنامية داخل معسكراتهم، كما أخذت التناقضات الدولية بالتفجّر بوجوههم، وهي الناتجة عن فقدانهم القدرة على إقناع العالم بأحقيتهم وجدارتهم بقيادته وبفرض إرادتهم على شعوبه وتطبيق خياراتهم بدل خياراته وعلى رأسها خيار بقاء الاحتلال الصهيوني لفلسطين وبقاء شعبها مهجّراً في داخل بلاده وخارجها. والمتغيّر الكبير الذي حصل، أن أبناء الأمّة في لبنان وكل بلاد العرب والإسلام، وبعدما كانوا يأتون إلى فلسطين زرافات ووحداناً، اشتدّ عودهم وقوي ساعدهم في كثير من هذه البلدان، وها هم يُشهرون فيالقهم مهدّدين بدخول الجليل تحت غطاء كثيف من صواريخهم الدقيقة ومُسيَّراتهم الفعّالة لتطاول كل بقعة من بقاع فلسطين المحتلّة، معلنين عن وجود محور وازن من دول ومنظمات شعبية قادر على تقديم كل دعم وكل مؤازرة للشعب الفلسطيني بكل قواه وفصائله ومؤسساته وتجمعاته، ما يعزّز الاعتقاد بأن الكيان الغاصب صار من مخلّفات الماضي وأن ما هو جارٍ ليس إلا إجراءات تفكيكه.

* كاتب لبناني